تفاصيل واهداف معاهدة التافنة 1837 م
معاهدة التافنة: هي معاهدة تمت بين الجزائر وفرنسا في 30 مايو 1837 بالقرب من وادي تافنة في تلمسان، وقد وقع عليها الأمير عبد القادر والجنرال توماس روبير بيجو، بعد أن تكبدت القوات الفرنسية خسائر فادحة بسبب المقاومة الجزائرية، وحدثت بعض الانتكاسات العسكرية في الجزائر.
أهداف معاهدة التافنة:
– بعدما قامت فرنسا بنقض معاهدة ديميشال استأنف الأمير عبد القادر المقاومة، واستأنف الحرب ضد فرنسا وخاض الكثير من المعارك ضد الجيش الفرنسي، وتكبد الجيش الفرنسي خسارة فادحة، فقد انتصر الأمير عبد القادر والمقاومة الشعبية في معظم المعارك، مثل معركة التافنة، وقد خسر في بعضها منها مثل معركة السكاك التي خسر فيها الأمير الكثير من رجاله.
– وافق الامير عبد القادر على المعاهدة حتى يقوم بتنظيم جيشه، وتنظيم صفوف المقاومة الشعبية، ولكي يقوم بتنظيم شؤون الدولة ويحاول توفير المزيد من السلاح، ويقوم بإصلاح اي خلل في نظام المقاومة الشعبية، لذا عقد اجتماع لشيوخ القبائل على ضفة نهر الهبرة، وقد اتهمه بعض المتعصبين أنه يقوم بهذه المعاهدة بسبب غرض شخصي له، ولكنه كذب اتهامهم وأوضح لهم أسباب موافقته.
– بعدما ذاقت فرنسا الكثير من الهزائم المتتالية، قامت الحكومة الفرنسية بإرسال الجنرال توماس روبير بيجو، وهو من أشهر القادة العسكريين في فرنسا، حتى يقوم بالهجوم على الأمير عبد القادر ولكنه رأى أنه من الصعب هزيمة الأمير، واخماد المقاومة الشعبية الجزائرية، فقام بعقد المعاهدة لكي ينتهي هذا الصراع، وحتى تستطيع فرنسا التفرغ للقضاء على أحمد باي في شرق الجزائر، ولكي يستطيعوا فك الحصار عن المراكز الفرنسية، وأن تستمر الهدنة حتى تصلهم إمدادات عسكرية من فرنسا.
شروط معاهدة التافنة:
تضمنت شروط المعاهدة أن يعترف الأمير عبد القادر بسيادة الإمبراطورية الفرنسية في أفريقيا، وخاصة في مدينة الجزائر وسهل متيجة، وعلى مدن وهران ومستغانم وأرزيو.
– ودفعت فرنسا ثمنا باهظا للحصول على هذا الاعتراف، حيث تنازلت عن ما يقرب من ثلثي الجزائر للأمير عبد القادر، وأصبح يحكم مقاطعات وهران وكوليا وميدة وتلمسان والجزائر وقلعة المشور ورشغون والمدافع القديمة التي كانت فيها.
لم يكن للأمير عبد القادر الحق في التدخل في شؤون المسلمين في الجزء الذي كان يحكمه فرنسا، وبالمثل يمكن للفرنسيين أن يعيشوا في الجزء الذي يحكمه الأمير، كما يمكن للمسلمين أن يعيشوا في البلاد التي تحكمها فرنسا دون حق التدخل في ديانة أي من الطرفين، ويمكنهم ممارسة ديانتهم بحرية.
– الزمت فرنسا الامير عبد القادر أن يقوم بدفع للعساكر الفرنسيون جزية تقدر بثلاثين ألف كيلة من الحنطة، وثلاثين ألف كيلة من الشعير، وخمسة آلاف راس من البقر وأن يذهب كل هذا إلى مدينة وهران وتسلم على ثلاثة أقساط، ويمكن للأمير أن يشتري أسلحة من فرنسا، وعلى كل طرف أن يقوم برد المجرمين والهاربون بالتبادل بين الطرفين.
نتيجة معاهدة التافنة:
– كان نتيجة لهذه المعاهدة احتفظت فرنسا بعدد قليل من الموانئ، واستخدم الامير عبد القادر المعاهدة حتى يستطيع أن يعزز سلطته على القبائل في جميع أنحاء المناطق الداخلية، وقام بإنشاء مدن جديدة بعيدة عن السيطرة الفرنسية، وكان يعمل على تحفيز المسلمين الذين يعيشون في الجزء التابع للسيطرة الفرنسية للمقاومة بوسائل سلمية وعسكرية، وقام بإنشاء مصنع لصناعة الأسلحة وقام أيضا ببناء الكثير من الحصون والقلاع.
في نوفمبر 1837، ألغى الملك لوي فيليب الأول معاهدة تافنة وأمر بالاستيلاء على القسنطينة. قام الأمير عبد القادر بإعادة الدعوة للجهاد مرة أخرى، ودارت العديد من المعارك والحروب بين المقاومة الشعبية التي يقودها الأمير عبد القادر والجيش الفرنسي.