يحوي كتاب الأذكياء لابن القيم الجوزي مجموعة من النوادر والطرائف الأخبارية للعرب والصحابة والأمم السابقة، وغيرها من التصنيفات التي حرص ابن الجوزي على جمعها في هذا الكتاب الفريد، والذي يتميز بالروح الدعابية والفكاهية والتخاطب العقل.
كتاب الأذكياء لابن القيم الجوزي:
قام ابن الجوزي بتقسيم كتاب الأذكياء إلى ثلاثين باب، كل باب يحتوي على فئة قد حددها مثل الصحابة، الزهاد، النبي محمد، القضاة، النساء، عقلاء المجانين وهكذا يقول ابن الجوزي عن الغرض من كتابه الأذكياء:
“أحببت أن أجمع كتابا في أخبار الأذكياء الذين قويت فطنتهم وتوقد ذكاؤهم لقوة جوهرية عقولهم، وفي ذلك ثلاثة أغراض. الأول معرفة أقدارهم بذكر أحوالهم، الثاني تلقيح ألباب السامعين، وقد ثبت أن رؤية العاقل ومخالطته تفيد ذا اللب، الثالث تأديب المعجب برأيه إذا سمع أخبار من تعسر عليه لحاقه”
من هو ابن الجوزي؟
أبو الفرج عبدالرحمن بن أبي الحسن هو فقيه ومحدث ومؤرخ، ويشتهر بالخطابة والتصنيف والوعظ. ولد ونشأ في عائلة ميسورة الحال، حيث كان والده يعمل في تجارة النحاس. وعندما توفى والده، ترك له ثروة ليست بالقليلة مما سمح له بالتفرغ للعلم. ورغم ذلك، فإنه عرف بزهده وورعه وانصرافه عن الناس واشتغاله بالعلم. ويقول ابن الجوزي عنه ذلك
في زمن الصبا، كنت أحمل معي أرغفة يابسة وأذهب للجلوس على نهر عيسى لأتحدث، وأتناول هذه الأرغفة فقط عندما أكون بجوار الماء، وكلما تناولت لقمة، شربت من الماء. وكان هدفي الأسمى هو تحصيل العلم ولا شيء يجذبني سوى ذلك. توفي ابن الجوزي في عام 597 هـ ووصى بكتابة الآتي على قبره:
يا كثير العفو عمن *** كثر الذنب لديه
جاءك المذنب يرجو *** الصفح عن جرم يديه
أنا ضيف وجزاء *** الضيف إحسان إليه
فطنة وذكاء أبو حنيفة من كتاب الأذكياء:
حدثنا محمد بن الحسن قال: دخل اللصوص على رجل، فأخذوا متاعه واستحلفوه بالطلاق ثلاث مرات أن لا يخبر أحداً، وبعد ذلك استيقظ الرجل ورأى اللصوص يبيعون متاعه ولم يستطع التحدث بسبب الحلف الذي قطعه، فذهب الرجل للتشاور مع أبو حنيفة وقال له: “أحضر لي إمام حيي والمؤذن والمستورين منهم”، فأحضر له هؤلاء الأشخاص.
فقال أبو حنيفة: هل تحبون أن يرد الله على هذا متاعه؟ قالوا: نعم، قال: فاجمعوا كل ذي فجر عندكم وكل متهم فأدخلوهم في دار أو في مسجد، ثم اخرجوا واحدًا واحدًا، فقولوا هذا لصك؟ فإن كان ليس بلصه قال: لا، وإن كان لصه فليسكت، فإذا سكت فاقبضوا عليه، ففعلوا ما أمرهم به أبو حنيفة، فرد الله عليه جميع ما سرق منه.
أعطوهم أخاهم من كتاب الأذكياء:
أسرت قبيلة مزينة ثابت أبا حسان الأنصاري، وقالوا: اضطر الناس إلى تقديم تيس كفدية، ولكنهم رفضوا ذلك، فأرسلوا إليهم ما طلبوه، وعندما جاءوا بالتيس، قال: `أعطوهم أخاهم وخذوا أخاكم`، وبعد ذلك، سموا التيس بمزينته، وأصبح لقبهم بعد ذلك.