من هو الشيخ محمد بشير الحموي الذي أعدمه النظام السوري بعد مجزرة حماة
تعد مجزرة حماة أكبر وأبشع المجازر العسكرية التي قام بها النظام السوري ضد الشعب السوري عام 1982م، والتي راح ضحيتها آلاف الأرواح من الأبرياء والضعفاء الذين لا حول لهم ولا قوة، وكانت تلك المجزرة بقيادة رفعت الأسد شقيق الرئيس حافظ الأسد، وكان من بين هؤلاء الضحايا الشيخ محمد بشير الحموي، مفتي حماة.
مولده و تعليمه:
ولد الشيخ محمد بشير الحموي عام 1340 هـ – 1920 م في مدينة حماة بسوريا ، تلقى تعليمه الأولي على يد والده الشيخ أحمد ابن الشيخ محمد سليم المراد ، فعلمه والده القرآن و التوحيد و الفقه و النحو و التصوف و غيرها من العلوم النافعة ، كما علمه أيضًا السباحة و ركوب الخيل ، و علم المواريث ، بعد ذلك التحق بمدرسة عنوان النجاح ، و في عام 1933 م التحق بالصف الثاني الشرعي بالمدرسة الشرعية ، و ظل بها ثلاث سنوات ، و أخذ منها الشهادة الشرعية ، و بعد ذلك سافر إلى مصر و التحق بالأزهر الشريف حيث حصل على البكالوريوس في الشريعة ، ثم حصل على الشهادة العالمية تخصص قضاء .
المناصب التي تولاها:
بعد أن أنهى الشيخ محمد بشير الحموي تعليمه في مصر ؛ عاد إلى وطنه سوريا ليعمل مدرساً لمادة التربية الإسلامية في محافظة دير الزور لمدة سنة واحدة ، و بعد ذلك انتقل إلى سلك القضاء ، حيث تم تعيينه قاضياً شرعياً في محافظة درعا ، و ذلك عام 1950م ، و بقي فيها خمس سنوات ، تزوج خلالها من ابنة ابن عمه الشيخ محمد ظافر المراد ، و بعدها تم نقله إلى محافظة اللاذقية فلم يستمر بها طويلاً بسبب قضية حكم فيها كانت سبباً في إخراجه من سلك القضاء ، و يذكر أن تلك القضية كانت عبارة عن قضية خادمة مع سيدها الإقطاعي صاحب النفوذ الذي وعدها بالزواج و لم يف بوعده ، فرفعت قضية عليه بعد أن ماطلها ، إلا أنه كان يؤجلها بسبب نفوذه و سطوته ، و بعد أن جاءت تلك القضية للشيخ محمد بشير ، حكم فيها بالعدل و أصدر حكمه بتثبيت الزواج ، و كانت النتيجة أنه تم استصدار مرسوم جمهوري بتنحيته من القضاء ، بعدها عاد الشيخ إلى مدينته حماة حيث عمل مدرساً في دار العلم و التربية ، و في الثانوية الشرعية ، خلال عام 1960 م تم تعيينه مفتياً في بلدة السلمية شرقي حماة.
موقفه السياسي:
في عام 1970م تولى حافظ الأسد السلطة في سوريا ، و قضى وقتًا طويلًا في حماة لكسب ثقة الشعب السوري ، و اختار الشيخ محمد بشير الحموي ليخطب في الناس يوم الجمعة ، و كانت خطبة موفقة بتوفيق من الله عزوجل ، و كانت خالية من المديح الكاذب و النفاق و التملق ، و لكن خلال عام 1973م بدأت العلاقات بين الشيخ و الرئيس حافظ تضطرب شيئا فشيء ، و ذلك بسبب قيامه بالعديد من الاجتماعات في بيته لمناقشة تعديلات الدستور ، و على إثر ذلك تم اتهامه بالتآمر و لكنه وقف مدافعا عن نفسه ضد تلك الإدعاءات ، و بعد ذلك ساءت الأمور بين الشيخ و الرئيس و كبار مسؤولي الدولة ، حتى إن الجيش كان يفتش بيته باستمرار ، و لكنه أبى أن يخرج من حماة و أن يترك أهله و بلدته دون مفتي.
استشهاده:
وبالرغم من الضغوط الكبيرة التي واجهها، فإن الشيخ بقي في حماة ولم يخرج منها، وكان من بين هذه الضغوط اتهام الرئيس له بالمؤامرة ضد الحكومة والتعاون مع جماعة الإخوان المسلمين ضد الدولة. واستمر الشيخ في هذا الوضع الصعب حتى حدثت مأساة حماة الكبرى عام 1982، حيث اعتقل الجيش جميع شيوخ حماة، بما في ذلك الشيخ محمد بشير الحموي. وبعد ذلك، جاءه أحد الضباط الكبار وأخبره أن الرئيس يريد منه الظهور على التلفزيون وإدانة جماعة الإخوان وتحميلهم مسؤولية كل ما حدث في حماة، وسيتم الإفراج عنه بعد ذلك وعودته إلى عائلته. ولكن الشيخ رد عليه قائلا: “لا يبقى الإنسان في الحياة بما يستحق البقاء، والذي رحل أكثر بكثير مما تبقى.” ولم يمض وقت طويل حتى أمر الضابط بقتل الشيخ وكل من معه.