تفسير ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا
{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا} [سورة الفرقان: يذكر الله تعالى في الآية الخامسة والعشرين من سورة الطور عن يوم القيامة وأحداثه العظيمة، مثل انشقاق السماء وتفطرها وانفراجها بالغمام، وتوهج النور العظيم الذي يصدر منه، ونزول ملائكة السماوات في ذلك اليوم ليحيطوا بالخلائق في مكان المحشر، ومن بعد ذلك يأتي الله تبارك وتعالى ليفصل فيما بينهم
تفسير الآية ابن كثير:
{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا}: قال مجاهد: وهذا كما قال تعالى {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} [سورة البقرة: 210].
وعن ابن عباس أنه قرأ هذه الآية: {ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا}: قال: يجمع الله الخلق يوم القيامة في صعيد واحد، الجن والإنس والبهائم والسباع والطير وجميع الخلق، فتتمزق السماء الدنيا، فيهبط أهلها، وهم أكثر من الجن والإنس ومن جميع الخلائق، فيحيطون بالجن والإنس وبجميع الخلق، ثم تتمزق السماء الثانية فيهبط أهلها، وهم أكثر من أهل السماء الدنيا ومن الجن والإنس ومن جميع الخلائق، فيحيطون بالملائكة الذين هبطوا قبلهم والجن والإنس وجميع الخلق، ثم تتمزق السماء الثالثة فيهبط أهلها، وهم أكثر من أهل السماء الثانية والسماء الدنيا ومن جميع الخلائق، فيحيطون بالملائكة الذين هبطوا قبلهم، وبالجن والإنس وبجميع الخلق.
ثم يأتي كذلك دور كل سماء حتى تنشق السماء السابعة، وينزل أهلها وهم أكثر من الذين نزلوا قبلهم من أهل السماوات والجن والإنس وجميع المخلوقات، ويحيطون بالملائكة الذين نزلوا قبلهم من أهل السماوات والجن والإنس وجميع المخلوقات، ويأتي ربنا عز وجل في ظلال الغيوم ويحيط به الكروبيون وهم الملائكة المقربون الذين يحيطون بالعرش.
هم أكثر من أهل السموات السبع، بما في ذلك البشر والجن وجميع المخلوقات. لديهم قرون تمتد مثل أعواد القناة، وهم تحت العرش. لديهم رجل لتسبيح وتهليل وتقديس الله عز وجل، من إخمص قدم أحدهم إلى كعبه يستغرق 500 عام، ومن كعبه إلى ركبته يستغرق 500 عام، ومن ركبته إلى حجزته يستغرق 500 عام، ومن حجزته إلى ترقونه يستغرق 500 عام، ومن ترقونه إلى موضع القرط يستغرق 500 عام، وما فوق ذلك يستغرق 500 عام. وجهنم تحيط بهم. هذا ما رواه ابن أبي حاتم بهذا السياق.
{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا}: قال ابن جرير: أخبرنا القاسم، أخبرنا الحسين، أخبرني الحجاج، بناء على ما أخبرني به مبارك بن فضالة، عن على بن زيد بن جدعان، عن يوسف بن مهران، أنه سمع ابن عباس يقول: `إذا تمزقت هذه السماء، ينزل منها المزيد من الملائكة من الجن والإنس. وهذا يحدث في يوم التلاقي، اليوم الذي يلتقي فيه أهل السماء وأهل الأرض، فيقول أهل الأرض: `هل جاء ربنا؟` فيقولون: `لم يأت بعد، ولكنه في طريقه.
ثم تنقسم السماء الثانية، وتتكاثر السماوات بتدرج حتى السماء السابعة، فيهبط منها المزيد من الملائكة مما هبط من السماوات والجن والبشر. يقول: ثم ينزل ملائكة الكروبيون، ثم يأتي ربنا في موكب العرش الثمانية، وبين كعب كل ملك وركبته مسافة سبعين سنة، وبين فخذه وكتفه مسافة سبعين سنة، يقول: ولم ينظر أي منهم إلى وجه صاحبه، وكل ملك يضع رأسه بين ثدييه ويقول: سبحان الملك القدوس، وعلى رؤوسهم يوجد شيء مستو يشبه القباء والعرش فوقها.” ثم توقف عند علي بن زيد بن جدعان، وفيه ضعف، وفي سياقه غالبا يحمل تناقضا شديدا. وقد ذكر في حديث الصورة المشهور، وهو قريب جدا من ذلك، والله أعلم.
وقد قال الله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} [سورة الحاقة: 15-17]، قال شهر بن حوشب: حملة العرش ثمانية، أربعة منهم يقولون: سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على حلمك بعد علمك، وأربعة يقولون: سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على عفوك بعد قدرتك، [رواه ابن جرير عنه].
وقال أبو بكر بن عبد الله: – إذا نظر سكان الأرض إلى العرش، سيهبط عليهم ما يشخص أبصارهم ويزلزلهم، وتطير قلوبهم من مكانها في أجوافهم إلى حناجرهم. وقد قال ابن جرير: حدثنا القاسم، حدثنا الحسين، حدثنا معتمر بن سليمان، عن عبد الجليل، عن أبي حازم، عن عبد الله بن عمرو قال: يهبط الله عندما يهبط، وهناك سبعون حجابا بينه وبين خلقه، منها النور والظلمة، ويصدر صوت الماء في تلك الظلمة بصوت ينخلع منه القلب. ويعتبر هذا الحديث مأخوذا عن عبد الله بن عمرو، وربما كان هو من الزاملتين، والله أعلم.