لماذا بنى قدماء المصريين الأهرامات
السبب وراء بناء المصريين القدماء للأهرامات
- انعكاس لسلطة الحاكم
رغم أننا لا نعرف بالتحديد سبب بناء الأهرامات ولماذا تم بناؤها على شكل مثلث، فإن العلماء قدموا العديد من الاقتراحات العلمية حول ذلك، وأهمها هو أن تكون وظيفتها الرئيسية هي كأداة دعائية، حيث يمكن اعتبار الأهرامات على أنها انعكاس بصري للسلطة السياسية للحاكم، الذي كان بإمكانه توظيف مهندس معماري موهوب بشكل غير عادي لتصميم هذا المعلم الضخم وجعل العمال يحفرون ويبنونه بحسب المواصفات.
تم إقامة الأهرامات بشكل عام من قِبَل المصريين وتعتمد على تصنيف الطبقات أو الأوامر أو العقارات؛ ولم تقم الأهرامات بنطاق واسع فحسب، بل بُنيت بدقة لتلبية توجهًا فلكيًا محددًا وكمالًا هندسيًا، فهي رموز مرئية للقوة في عالم يكون فيه القوة مؤقتة.
- مقابر للملوك
خلال فترة الأسرات، كانت النظرة المصرية للموت تتضمن طقوس جنائزية متقنة، مثل الحفاظ الدقيق على الجثث من خلال التحنيط، بالإضافة إلى بناء المدافن الملكية الغنية جدا، مثل مدافن سيتي الأول وتوت عنخ آمون، والأهرامات التي تعتبر العمارة الأثرية الأكبر والأطول عمرا في العالم .
بسبب اعتقاد القدماء المصريين أن الآلهة اختارت الملوك ليكونوا وسطاء بينهم وبين الناس على الأرض، كان من مصلحتهم الحفاظ على جسد الملك بعد وفاته، لأنه كان يعتقد سابقا أنه جزء من روح الملك المعروفة باسم كا بعد الموت. لذا، قاموا بتحنيط جثث الملوك ودفنوهم مع كل ما يحتاجونه في الحياة الآخرة من أواني ذهبية وطعام وأثاث، وأقاموا الأهرامات كمقابر لهؤلاء الملوك للاهتمام بأرواحهم.
تحتوي الكتابات المكتشفة وفك شفرتها بعد اكتشاف حجر رشيد على معلومات حول الديانة المصرية. تشمل هذه الكتابات الجداريات والنقوش على جدران الأهرامات من عصر الدولة القديمة 4 و 5، ونصوص التابوت المزينة على التوابيت الفردية للنخبة في عصر الدولة القديمة، بالإضافة إلى كتاب الموتى.
نظرية بناء الأهرامات
- أساسيات الدين عند قدماء المصريين
كان بناء الأهرامات جزءا من الديانة المصرية، والتي كانت تعتمد على نظام تعدد الآلهة الذي يضم عددا من الآلهة، حيث كان كل منهم مسؤولا عن جانب مختلف من الحياة والكون، فكان أشور إله الهواء، وحتحور إلهة الحب والجمال، وجب إله الأرض، ونوت إلهة السماء.
بخلاف آلهة الأساطير اليونانية والرومانية الكلاسيكية، كانت الآلهة المصرية تفتقر إلى خلفية درامية كبيرة، ولم تكن تتبنى أيديولوجية أو نظرية موحدة تناسب الجميع، ولم تكن لديها مجموعة من المعتقدات الضرورية، ولم تكن تلتزم بمعيار أرثوذكسي، في الواقع، يعتقد أن الدين المصري استمر لمدة 2700 عام بسبب قدرة الثقافات المحلية على التكيف وتطوير تقاليد جديدة، والتي تم قبولها جميعا كتقاليد جيدة ودقيقة، حتى مع وجود تناقضات داخلية.
- منظر ضبابي للآخرة
على الرغم من عدم وجود روايات متطورة للغاية ومتقنة حول تصرفات الآلهة وأفعالهم، فإن هناك إيمانا قويا بوجود عالم يتجاوز الكون المرئي، ولم يستطع البشر فهم هذا العالم الآخر فكريا، ولكنهم يمكنهم تجربته من خلال الممارسات والطقوس الأسطورية والعقائدية.
كان العالم والكون جزءا من نظام استقرار صارم وثابت يعرف باسم ماعت في اللاهوت المصري، وكان هذا مفهوما مجردا للاستقرار العالمي والإلهة التي ترمز إليه، تم إنشاء ماعت في بداية الزمن وظلت القوة الدافعة لاستقرار الكون، وكان للكون والعالم والحالة السياسية مكانة محددة مسبقا في الكون بناء على بنية أساسية للنظام.
- تأمين مكان في الآخرة
تقع أسطورة أوزوريس في قلب الفكر المصري حول الموت، والتي كانت الدافع وراء بناء الأهرامات. وفي كل يوم عند غروب الشمس، يبحر إله الشمس رع على متن مركب سماوي، ليضيء الكهوف العميقة في العالم السفلي، ويواجه ويحارب أبوفيس، ثعبان الظلام والنسيان الضخم، ثم يصعد في اليوم التالي.
ومن هنا تم تصميم الإنشاءات الداخلية للأهرامات والمدافن الملكية في وديان الملوك والملكات بمسارات ملتوية وممرات مختلفة ومقابر الخدم لأنه كان من الأهمية رؤية الفرعون وهو يصل إلى الحياة الآخرة، حيث تذبذب شكل الغرف الداخلية، وتم إعادة تشكيل الخصائص مثل الأسقف المدببة والسقوف المرصعة بالنجوم باستمرار.
كيف بنى المصريين القدماء الأهرامات
إنه لأمر لا يصدق أن حضارة قديمة يمكن أن تبني شيئًا ضخمًا ودقيقًا باستخدام الأدوات النحاسية والبرونزية فقط تحت تصرفها، لأجيال، كان الناس في حيرة من أمرهم بشأن كيفية تحقيق ذلك؛ تشير التقديرات إلى أن مشروع بناء الأهرامات بأكمله استغرق 30 عامًا – 10 سنوات للتخطيط و 20 عامًا للبناء.
لم يكون العمال الذين بنوا الهرم الأكبر عبيدا كما كان يعتقد سابقا، بل كانوا فلاحين مصريين نموذجيين تم تجنيدهم للمساعدة في البناء لمدة تقريبية ثلاثة أشهر في العام، أي خلال فيضان النيل والزراعة. تم استخراج الحجر من الضفة الشرقية للنيل ونحته وتحميله على زلاجات يجرها الرجال إلى حافة النهر، ثم نقل الحجارة الضخمة فوق النهر وجرها إلى موقع البناء. كما كانت الطريقة الأكثر ترجيحا للمصريين لرفع تلك الحجارة الكبيرة جدا هي بناء منحدر مائل أعلى من مستوى الهرم، وإخفاء المستوى تحته ثم تقليل المنحدر من مراحل تدريجية.
أعجوبة الهرم الأكبر
يعتبر الهرم الأكبر إنجازًا هندسيًا وفنيًا، حيث أدهش البناؤون المعاصرون بالكمال والمهارة في بناء الهرم الأكبر، ويقع هذا الهرم على هضبة صخرية على الضفة الغربية لنهر النيل في شمال مصر، وتم تزيين هذه المنطقة فيما بعد بأهرامين آخرين وأبو الهول والعديد من المصاطب.
يعد الهرم الأكبر ضخما حيث يغطي مساحة تزيد قليلا عن 13 فدانا من الأرض، وعلى الرغم من أنه ليس طويلا بنفس الطول، فإن طول كل جانب يبلغ تقريبا 756 قدما وزاوية كل جانب تقريبا 90 درجة، ويوجد مدخل في وسط الجانب الشمالي، وتم توجيه كل جانب نحو واحدة من أربع نقاط رئيسية على البوصلة: الشمال والشرق والجنوب والغرب.
يتكون بناء الهرم الأكبر من 2.3 مليون قطعة حجرية كبيرة بشكل استثنائي، يزن كل منها في المتوسط 2 1/2 طن ويصل وزنها إلى 15 طنًا، يقال إن نابليون بونابرت قد حسب أن هناك ما يكفي من الحجر لإقامة جدار بعرض قدم واحد وارتفاع 12 قدمًا حول فرنسا، وذلك عندما زار الهرم الأكبر في عام 1798.
يحتوي الهرم على ثلاث غرف دفن داخل الهرم الأكبر، يقع الأول أدناه، بينما يقع الثاني، الذي يشار إليه عادةً باسم غرفة الملكة، فوق سطح الأرض قليلاً، أما غرفة الملك، الغرفة الثالثة والأخيرة للهرم، تقع في وسط الهرم، يتم الوصول إليه عبر معرض كبير وضخم، ويُعتقد أن خوفو دفن في غرفة الملك في تابوت حجري كبير.