منوعات

دور المياه في نشوء الحضارات

الماء والهواء هما العنصران الأساسيان لاستمرار حياة الكائنات الحية، وقد نشأت أغلب الحضارات القديمة على ضفاف الأنهار، فقد نشأت حضارة الفراعنة على جانبي نهر النيل العظيم، وحضارة العراق كانت بين النهرين، ووادي السند في الهند وباكستان، ووادي هوانج في الصين وغيرها، وكان وجود المياه هو السبب الرئيسي في نشوء الحضارات والمجتمعات الإنسانية، حيث جذبت المياه الإنسان لبناء مجتمعات حضارية تغطي كل جوانب الحياة    .

الماء من أهداف رحلات الكواكب :
يشكل العثور على المياه واكتشافها في الفضاء الخارجي هدفًا مهمًا من بين أهداف الرحلات إلى الفضاء والكواكب الأخرى، حيث يعتقد العلماء أن وجود الماء على تلك الكواكب يعني وجود حياة .

يجب أن نتحدث عن تعريف الحضارة ودور الماء الحيوي في نشأتها، حيث تعني الحضارة تعامل الإنسان مع الأشياء المادية والمعنوية المحيطة به وشعوره الإنساني تجاهها، ويعد الماء من بين هذه الأشياء المادية وربما هو الأهم، حيث ارتبطت نمو الحضارات ونشأتها بوجود الماء أو عدمه .

الحضارات النهرية :
ليس خافيا أن الحضارات التي مازالت باقية، هي الحضارات التي تركت من حمولات ثقافية مازالت تضرب بجذورها في الممارسة الحياتية لأبناء هذه الحضارة، في اللغة و العادات والتقاليد والممارسة اليومية، فضلا عن أن هذه الحضارات خلدت لأنها اهتمت بالإنسان وتأمين حياته لذلك تشكلت وتكونت تلك الحضارات حول أماكن العيون والآبار والأودية والجداول .

أصبح من المؤكد أن الحضارات نشأت وتطورت على طول الأنهار والأودية، حيث يعني النهر الماء الذي يعد حيويا، وإذا توفر الماء، يمكن استخدامه في كل شيء، بما في ذلك الشرب والزراعة والبناء والنقل الجيد، حيث قام المصريون القدماء بنقل الحجارة التي استخدمت في بناء الأهرامات الثلاثة من أسوان عبر مياه النيل .

الماء في الأساطير :
كانت قطرات المطر تمثل في الأساطير الدينية القديمة روح الذكرى التي وهبتها السماء لتروي الأرض العطشى، وهذه المفهومة تسيطر على العقل الجماعي للشعوب النهرية، وتعكس فلسفة الأديان وتأملات الإنسان، وتعزز الحفاظ على نظافة المياه. وفي كتاب الموتى المصري القديم، ذكر أنهم كانوا يشهدون بأعمالهم الصالحة، قائلين: `أنا لم ألوث مياه النهر`.

وبعد دراسة الوثائق الأدبية والنصوص السومرية، توصل علماء الميثولوجيا إلى أن السومريين اعتقدوا أن البحر هو الأم التي ولدت السماء والأرض، وهذا يشير إلى أن المياه هي المصدر الأول للوجود وهي مصدر الحياة ومنبع الخير والبركة .

نعتت الحضارتان الفرعونية والسومرية الماء بأوصاف تعظيمية وتقديسية، ويذكر مجموعة من علماء المصريات في كتاب معجم الحضارة المصرية القديمة ترجمة أمين سلامة ومراجعة د. سيد توفيق، الهيئة المصرية العامة للكتاب، نظرية الأشمونيين التي تفسر نشأة الكون والخلق والآلهة عند الفراعنة والتي تشير إلى أن الإله “نون” رب المياه الأزلية كان يحتوي على جميع عناصر الخليقة وكان هو كل شيء .

عندما تقلصت المياه العميقة، ظهر تل الأبدية وتم رصد ثمانية كائنات إلهية عليه، ويسمى هؤلاء الكائنات بـ”شمون” في الهيروغليفية، ووجدت رموز وصور مختلفة لهم في الحضارة السومرية على الأختام والألواح الحجرية وواجهات المعابد، واعتبر هؤلاء الكائنات شعارا لوادي الرافدين، كما اعتبر الإناء الفوار الذي ينبع منه مجريان رئيسان لدجلة والفرات شعارا للساميين قبل 2000 عام .

تتكرر المدن الفينيقية الأقدم في حوض البحر المتوسط، وهي النموذج المصري والعراقي، في مدن بعلبك اللبنانية، وأوغاريت السورية، وهبون الجزائرية، وتعود تاريخ هذه المستوطنات إلى ما قبل الألف الأول قبل الميلاد .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى