مجهودات ابن الهيثم في الفيزياء
ولد ابن الهيثم في العام 965 في البصرة، وتوفي حوالي عام 1040 في القاهرة. كان واحدا من أوائل العلماء الذين درسوا خصائص الضوء وعملية الرؤية، وقدم دليلا تجريبيا على نظرياته وأفكاره، وخلال السنوات العديدة التي قضاها في مصر، تم إنفاق عشر سنوات منها في إطار الحماية الوقائية أو الإقامة الجبرية، وقام بتأليف أحد أكثر أعماله شهرة، وهو كتاب المناظر، والذي يترجم عنوانه إلى اللغة الإنجليزية عادة باسم “كتاب البصريات”، ولكن بشكل أكثر ملاءمة له معنى أوسع من كتاب الرؤية .
ولد ابن الهيثم في فترة مبدعة عرفت باسم العصر الذهبي للحضارة الإسلامية، وقد شهدت هذه الفترة العديد من التقدمات المذهلة في العلوم والتكنولوجيا والطب، وانتشرت في منطقة تمتد من إسبانيا إلى الصين، وقام رجال ونساء ملهمون من مختلف الثقافات والأديان ببناء المعرفة بالحضارات القديمة، مما جعل الاكتشافات التي كان لها تأثير كبير على عالمنا وغالبا ما كانت لا تقدر بثمن .
إنجازات ابن الهيثم في مجال الفيزياء
كان عمل ابن الهيثم ملحوظا بسبب تركيزه على الإثبات والدليل، ومن المعروف أنه قال إن كان تعلم الحقيقة هو هدف العالم، فيجب على الشخص أن يجعل نفسه عدوا لكل ما يقرأه، وبهذا يعني أنه من الضروري إجراء التجارب لاختبار ما هو مكتوب بدلا من قبوله على أنه حقيقي، وقد تميز ابن الهيثم في البصريات والرياضيات وعلم الفلك والفيزياء، وتميز عمله في مجال البصريات بتركيزه القوي على التجارب المصممة بعناية لاختبار النظريات والفرضيات، وفي هذا الصدد، كان يتابع إجراء تجارب مشابهة إلى حد ما لبعض العلماء المعاصرين الذين يتمسكون بالبحث والتحقق في حياتهم .
كيف غير ابن الهيثم مجرى العلم في الفيزياء
اكتشافات ابن الهيثم في مجال البصريات والرؤية قد تعرضت لسوء الفهم لقرون طويلة. في تجاربه، لاحظ أن الضوء الذي يمر عبر فتحة صغيرة يسلك مسارا مستقيما ويشكل صورة على الجدار المقابل. ومع ذلك، أدرك أن الضوء الذي يدخل العين ليس هو الخطوة الأخيرة في الرؤية. استند إلى عمل الطبيب اليوناني جالين الذي قدم وصفا مفصلا للعين والمسارات البصرية. وحتى اليوم، أقدم رسم معروف للجهاز العصبي مستمد من كتاب ابن الهيثم في البصريات، حيث يظهر العينان والأعصاب البصرية بوضوح .
واقترح ابن الهيثم أن الأشعة الضوئية التي تصطدم بسطح العين مباشرة ستنتقل إلى العين، مما يؤدي إلى تشكيل صورة للعالم، وقام كبلر في القرن السادس عشر بتصحيح ذلك واقترح أن الهدف من الرؤية هو أن تصل الأشعة الضوئية إلى العين من جميع الاتجاهات، لتكوين صورة منعكسة على الشبكية، وكان لديه فهم للتناقض البصري، على سبيل المثال، أدرك أن لون الكائن يعتمد على لون البيئة المحيطة، وأن تباين مستويات السطوع يفسر سبب عدم رؤية النجوم في النهار .
قام ابن الهيثم بمشاركة طريقة التحليل التجريبي للفرضيات النظرية، والتي تشابه بعض الطرق فيها طريقة العلم الحديثة، وذلك بسبب عرضة الحواس للخطأ، لذلك قام بابتكار أساليب جديدة للتحقق والاختبار والتجريب للكشف عن حقيقة الظواهر الطبيعية التي ينظر إليها، ودرس ابن الهيثم العدسات وجرب المرايا المختلفة مثل المسطحة والكروية والمكافئة والأسطوانية والمقعرة والمحدبة، وكانت نتائجه العملية واضحة حيث أظهر أن الأجسام المرئية التي نراها من خلال انكسار الضوء عبر مواد سميكة مثل الماء والزجاج تكون أكبر من حجمها الحقيقي .
وفاة ابن الهيثم
بعد وفاته، كانت كتابات ابن الهيثم أكثر تأثيرا في اللاتينية من العربية، وتم إنتاج العمل الوحيد في اللغة العربية المستند إلى أفكار ابن الهيثم في الجزء المبكر من القرن الرابع عشر، في إيران الحالية، على يد كمال الدين الفارسي، الذي كان هو نفسه مفكرا علميا متميزا، وعندما تمت ترجمة كتاب ابن الهيثم في البصريات إلى اللغة اللاتينية، كان له تأثير كبير وتمت دراسته وقراءته على نطاق واسع، وتم نشره كنسخة مطبوعة في عام 1572 لتكون متاحة بسهولة أكبر، واختار عالم الفلك البولندي يوهانس هلفيوس تكريم ابن الهيثم، جنبا إلى جنب مع جاليليو، في أعماله الأكثر شهرة عن القمر، سيلينوغرافيا، التي نشرت في عام 1647 .