حوار بين الكتاب والتلفاز
كان الكتاب هو الرفيق الوحيد للإنسان في العصور القديمة وقبل ثورة التكنولوجيا الحديثة، عندما بدأ الإنسان في صنع الأجهزة مثل التلفزيون والراديو والحاسوب وغيرها، بدأ الإنسان يعتمد عليها أكثر ويقل الاعتماد على الكتاب، وأصبح الوقت الفراغي يضيع في مشاهدة التلفاز .
ومع ذلك، يحتفظ محبو القراءة بحبهم لهوايتهم التي ظلت دائما أفضل الهوايات وأكثرها فائدة للإنسان وثقافته، حيث تنعكس إيجابياتها على المجتمع وأفراده. وهذا لا يعني إنكار دور التلفزيون في حياة الناس وكيف أنه كان وسيلة لرؤية أماكن وثقافات مختلفة، وذلك قبل ظهور الإنترنت. ويمكن تخيل حوار بين الكتاب والتلفزيون من خلال هذا المقال، حيث يستعرض كل منهما مميزاته وينقلها للآخر .
الحوار
الكتاب : لعلك تعلم أيها التلفاز أنه قبل اختراعك كنت أنا مصدر العلم الرئيسي ، والذي ينهل مني طلبة العلم وجميع الناس العلوم المختلفة ، حتى ظهرت فتناقص عدد القراء ، من أجل قضاء أوقات ممتعة أمام شاشتك ، مما جعلك تعطل أهم متعة في الحياة وهي القراءة ، واستطعت أن تعطل عقول الناس عن التفكير .
التلفاز : لا أوافقك الرأي يا صديقي ، فبواسطتي قربت المسافات بين الناس ، وتعرف كل جماعة على ثقافة الجماعات الأخرى ، ووبواسطتي جعلت عقول الناس متفتحة ومنيرة بالمعلومات المرئية والمسموعة ، وليست مجرد كلمات مكتوبة على صفحاتك يفهمها البعض ، ويجهلها البعض الأخر، ويراها غالبية الناس شئ ممل .
الكتاب : إذا كنت تدعي ذلك، هل يمكنك أن تخبرني كيف وصل العلماء إلى اختراع التلفزيون؟ فالكتب، يا صديقي، هي التي ساعدت العلماء في اختراعه، وبدون كلماتي المكتوبة على صفحاتي، لما كنت موجودا يا صاحبي. والآن تريد محو صفحاتي .
التلفاز : لا يمكن لي أن أنكر أنك عشت في عصر يسمى العصر الذهبي، ولكنه انقضى وانتهى، والآن هو عصر التطور والتكنولوجيا والإنفتاح الحضاري، ودوري الآن هو القيام بدوري وتقديم أشياء جديدة ومتنوعة ومبهجة تجذب عقول الناس أكثر من ما كنت تفعل .
الكتاب : لا يلاحظ صديقي في حوارك شيئًا غريبًا؟ فأنت تتحدث عن المزايا التي تمتلكها، ولكنك تغفل عن الأضرار التي يمكن أن تسببها، فقد يتم عرض محتويات فاسدة وغير مفيدة على شاشتك، ويمكن أن تسبب تدهورًا أخلاقيًا للناس، وانتشار جرائم القتل والسرقة قد يرجع في الأساس إليك .
التلفاز : لا يمكنني إنكار وجود محتويات غير جيدة على شاشتي، ولكني قادر على تقديم أشياء جيدة ومفيدة أيضًا، فأنا مرآة للعالم بخيره وشره، والأفراد لديهم حرية الاختيار، ولكننيلا أستطيع اجبار أحد على مشاهدة شيء معين، وعادةً ما أوضح لهم أن الأخطاء لا يمكن أن تستمر لفترة طويلة.
الكتاب : أستطيع فهم هذه النقطة، فأنا أيضاً أملك كلمات جيدة وكلمات سيئة، ولكنها لا تزال مجرد كلمات، وستظل كذلك حتى لو لم يشاهدها أحد أو يتم تصويرها في مشاهد مخجلة يمكنها أن تساهم في نشر الفتن والمفاسد بين الناس، وبالتالتالي، فإن مشهد واحد يمكن أن يساوي ألف كلمة .
التلفاز : لم يكن الهدف من عرض المشاهد إثارة الفتن، وإنما كانت رغبتي في توعية العقول، لا يمكن تقديم المعلومات بصورة واضحة دائمًا، فالتطور يأتي دائمًا مع المزيد من التحديات، وأود أن أشير يا صديقي إلى أن كلماتك تُعتبر مصدرًا للتحفيز لطلاب العلم .
الكتاب : لم يكن الهدف من حديثي، يا صديقي، إضاعة الوقت والتحدث فيما لا جدوى منه، ولكن كنت أريد تقديم النصيحة للناس بضرورة العودة إلى القراءة بجانب مشاهدة التلفزيون، فلست قادرًا على إجبارهم على التخلي عنه، بل يمكنهم الجمع بين القراءة والمشاهدة لتحقيق أقصى فائدة .
التلفاز : أوافقك الرأي يا صديقي، وأعلم جيدا دورك الهام، بحيث يمكننا التعاون والتكاتف معا لنتمكن من تنشئة جيل واع ومثقف.