معلومات عن حضارة دلمون .. والانتاج الزراعي الذي اشتهرت به
ما هي حضارة دلمون
حضارة دلمون أحد أهم وأشهر الحضارات القديمة في الوطن العربي، حيث إن مدينة البحر ين تمتلك إرثا حضاريا عظيما، فحضارة دلمون أحد الحضارات القديمة التي شهدت عليها التاريخ بأنها كانت متفوقة في الشرق والغرب، ولم تكن متميزة فقط بل كانت حضارة دلمون شاملة لجميع الجوانب التي تجعلها في أعلى المراتب من الحضارات العربية المرموقة، فكانت متميزة في المجالات العلمية والعمارة والآثار والزراعة والتجارة والصناعة، حيث قد صنعت البحرين قبل خمسة آلاف عام إرثا حضاريا عظيما لأبنائها وللوطن العربي بأكمله، وهذا جعل جميع العرب حتى اليوم يفخرون بحضارة دلمون.
شهدت حضارة دلمون القديمة تقدما وتطورا في العلم والفن، وكان لها نصيب كبير في بناء القلاع وإنشائها، وتحتفظ مملكة البحرين بالعديد من اللوحات الفنية الجميلة والآثار المميزة التي صنعها أجدادها بفخر واعتزاز.
تاريخ حضارة دلمون
تاريخيا، صنع العرب حضارات وأمجادا لا يستطيع العالم كله حتى الآن مجاراتها، ففي حين كانت البحرين تصنع حضارة دلمون في جزر البحرين والمنطقة الشرقية من شبه الجزيرة العربية، كانت تتلألأ حينها مظاهر حضارة ماجان في الإمارات وتلاقيهما عند سلطنة عمان، وتشمل الكويت أيضا. فحقا، يا عرب، أمجاد تعجز عن وصفها.
تأسست حضارة دلمون بين عامي 2800 إلى 323 قبل الميلاد، وكانت الأسباب وراء هذه الحضارة هي المصادر المائية المتنوعة والإمكانيات الطبيعية المميزة التي منحها الله لمملكة البحرين وشبه الجزيرة العربية.
ينتمي أهل دلمون إلى الساميين الذين عاشوا في المناطق الوسطى من شبه الجزيرة العربية، وقد ذُكِرَت حضارتهم في العديد من الحضارات القديمة المشهورة، مثل الحضارة الأشورية والسومرية والبابلية والحضارة الأكادية.
هناك الكثير من الأشخاص يعتقدون أن دلمون قصة أسطورية وحضارة ليس لديهم الكثير من المعلومات عنها، وذلك يعود إلى وجود العديد من الروايات التي تصف دلمون كأسطورة من العصور القديمة، لكن في الواقع، دلمون هي حقيقة مؤكدة وعظيمة، وما زالت المملكة البحرية تفخر بها وتحتفظ بالعديد من الآثار الخاصة بها.
مظاهر حضارة دلمون
كانت دلمون إحدى الحضارات المميزة، واستمرت لفترة طويلة، ولا يزال اسمها معروفًا حتى الآن، نظرًا لأنها كانت تتمتع بدعم وتأييد حضاري كبير، وكانت تحتوي على مراكز قوية وعظيمة. والأساس الذي يسمح للحضارة بالاستمرار لفترة طويلة هو الركائز التي تعتمد عليها، وكان لدى دلمون العديد من الركائز التي تمثلت في:
- التجارة
تشتهر دلمون بنشاطها التجاري المميز والذي تمتد نطاقه شرقًا وغربًا، إذ كانت تسيطر على طرق التجارة في منطقة الخليج العربي، وكانت تعرف دلمون في بلاد ما بين النهرين باعتبارها ممرًا تجاريًا بين بلاد الرافدين ووادي النيل.
زاد أزدهار تجارة دلمون بعد سقوط حضارة السند في أيدي الغزاة، إلا أن ذلك أثر علي دلمون بعد ذلك وأضعفها فترة من الزمن، ومن الجدير بالذكر أن دلمون كانت من أكبر الحضارات التي احتكرت تجارة النحاس في فترة قوتها، وكانت متصلة مع حضارة السند وبلاد فارس وما بين النهرين ووادي الرافدين.
- صيد السمك
كانت دلمون غنية باللؤلؤ، وهذا يعزز من تطور حضارتها وازدهارها. كان سكان دلمون يستخرجون اللؤلؤ من المحيط وكانت مياه البحر تساعد في تواصل دلمون مع حضارات أخرى وتساهم في تطورها السريع. وكانت دلمون مركزا للحصول على كافة المعلومات الحضارية بفضل موقعها المتميز وتجارتها وصيد الأسماك وصناعة الحضارة.
- الصناعة
أساس الحضارات يكمن في التجارة والصناعة والزراعة، وكانت الصناعة من أبرز علامات حضارة دلمون القديمة في البحرين، والتي تقوم على الركائز الأساسية الثلاث، واشتهرت بصناعة الفخار والنحت بطريقة احترافية ومميزة، حيث تباينت رسوم دلمون عن الدول المجاورة، وكانت الدول تستورد القطع الفخارية المصنوعة في دلمون لتزيين منازلها وساحاتها، وصنعت دلمون أيضا التماثيل والأواني النحاسية والخزفية.
- العمارة
حيث وجدت الحضارة وجدت العمارة ووجد البناء والتعمير والإنشاء، لذلك تميزت حضارة دلمون كغيرها من الحضارات العربية بالبناء والتعمير، إذ بنى أهل دلمون المعابد والقلاع، كما قاموا ببنا القبور ذات الشكل الثلاثي، وقاموا بنحت القطع الفخارية والتماثيل المميزة، كما قاموا بالرسم على جدران المعابد وصناعة القطع الأثرية المعمارية المميزة.
- الفنون
كان الفن هو أحد أبرز سمات شعب دلمون، إذ قاموا بنحت الرسوم والأشكال على المعابد والقلاع والحصون، وزخرفة التماثيل والمعابد وغيرها من القطع الأثرية التي لا تزال تشهد على الحضارة الدلمونية في مملكة البحرين.
الانتاج الزراعي الذي اشتهرت به حضارة دلمون
تميزت حضارة دلمون بالإنتاج الزراعي الضخم، وكانت من بين الحضارات الرائدة في هذا المجال طوال التاريخ، وذلك بفضل توافر المياه العذبة التي تمر في أراضي مملكة البحرين والتي نشأت فيها حضارة دلمون.
دلمون تميزت في زراعة المواد الغذائية وخاصة التمور، وكان لموقعها الجغرافي دورا كبيرا في تعزيز قطاع الزراعة، حيث كانت تعمل كجسر يربط بين بلاد الرافدين ووادي النيل. وبفضل هذا الدور الوسيط، ازدهرت دلمون اقتصاديا وزراعيا، ونجحت في المقايضة التجارية التي كانت تعمل بها آنذاك، مما جعل زراعتها مشهورة بجودتها وغناها بالماء وخصوبة أراضيها.
المدن الدلمونية
تم اكتشاف أربع مدن قديمة منحضارة دلمون، تعود إلى فترات وحقب مختلفة، وهي مدن دلمون الأثرية التي تمثلت في:
- المدينة الأولى
تحتوي مدينة دلمون الأولى التي تم اكتشافها من قبل البعثة الدنماركية على أقدم الطبقات الأثرية في حضارة دلمون، كما وجد فيها مجموعة من البيوت المبنية على محاذاة ساحل البحر، كما أن هذه المدينة تعرضت للحرق والتدمير، حيث إن الباحثون وجدوا المدينة مغطاة بحبيبات فحم وأتربة، وكان ذلك دليل لهم على التخريب الذي حدث في المدينة، كما وجد المزيد من النصوص المسمارية التي نسبت إلى سرجون الأكدي، ووجد أيضاً في المدينة المحترقة بقايا أثرية مميزة وقطع من حجر الكلوريت والأواني الفخارية المميزة.
- المدينة الثانية
تعد هذه المدينة الأكبر في حركة التجارة وتتميز بعمارتها وبنائها وتأسيس بنيتها التحتية. اكتشف الباحثون فيها العديد من الآثار، مثل الأختام والأوزان الحجرية المميزة. وتستخدم الأوزان والمكاييل التي وجدت في هذه المدينة للتجارة والتبادل مع الحضارات الأخرى. يجدر بالذكر أن أهم اكتشافات هذه المدينة هي وجود ورش تصنيع كاملة للأختام الحجرية، مما يدل على المستوى الرفيع للحضارة التي وصلت إليها الحضارة الدلمونية.
- المدينة الثالثة
تعرف مدينة وجها وصفوة دلمون كمنطقة حكمتها السابقون في ذلك الوقت، وكانت تتميز بكبر حجمها وزراعتها لأفضل أنواع التمور في العالم في ذلك الوقت، حيث عثر على مخزن ضخم للتمور فيها.
- المدينة الرابعة
تم بناء المدينة الرابعة على أنقاض المدينة الثالثة، وهي تعتبر استمرارا لها. كانت المدينة بأكملها تشبه القصر الكبير وأطلق عليها اسم قصر الملك أوبري، الذي كان يملكه دلمون في تلك الحقبة. لاحظ المعماريون والباحثون وعلماء الآثار أن بناء المدينة الرابعة يشبه إلى حد كبير تصميمات المباني في بلاد الرافدين، وذلك نتيجة لتأثير الحضارات القديمة عليها.