مفهوم الامبريالية قديما وحديثا
يشير مفهوم الإمبريالية بشكل عام إلى سياسات التوسع التي تتبعها الدول بهدف السيطرة على الأراضي خارج حدودها لتحقيق صفة الدول الكبرى أو الإمبراطوريات، ويمكن أن تتخذ هذه السيطرة العديد من الأشكال الاقتصادية والعسكرية أو التحكم في القرارات الداخلية، ويذكر أن هذا المصطلح ظهر في الأصل للإشارة إلى فرنسا وبريطانيا خلال الفترة التي سيطرتا فيها على معظم الدول في قارتي آسيا وأفريقيا.
الإمبريالية حديثاً وقديماً
مفهوم الإمبريالية ثابت في جوهره ولكن متغير في طرقه وأساليبه، فعلى سبيل المثال في الماضي، كان رجال الدين والسلطات الاستعمارية يشاركون في تغيير المفاهيم الدينية للشعوب الضعيفة. ولكن في الوقت الحاضر، يتم ذلك عن طريق وسائل الاتصال الجماهيري ونظام التعليم العالي والمنظمات غير الحكومية التي تحصل على تمويل من الإمبراطورية. وأصبح هذا الأمر يسمى التحديث وحاليا يعرف باسم العولمة.
يجب الإشارة إلى أن السلطة الإمبريالية قد تحكم الآن على كل المناطق الجغرافية والحياة الاجتماعية والاقتصادية، وهذا يختلف عن الماضي، حيث أن كل الشركات متعددة الجنسيات والبنوك ليست فقط تسيطر على الأسواق المالية والبضائع والشبكات التجارية، بل تسيطر أيضا على صناعة الأغذية الوراثية وإنتاج المنتجات الثقافية وتسويقها للجمهور.
نشأة مفهوم الإمبريالية
يعتقد البعض أن الإمبريالية نشأت في القرن التاسع عشر، متزامنة مع ظهور الاحتلال العسكري وانتشار الفكر الاشتراكي، ولكن الواقع يقول أن الإمبريالية نشأت مع بداية الحضارة الإنسانية، ولكن تبلورت مع تطور الحضارة.
نشأت الإمبريالية كنتيجة للعلاقات الاجتماعية المسيطرة في المجتمع، والتي أدت إلى ظهور الطبقات الاجتماعية المختلفة مثل العبيد والملوك (التفاوت الطبقي)، وهذه الطبقات كانت المحرك الأساسي لظهور مفهوم الإمبريالية.
توسعت الإمبريالية وانتقلت من مفهومها الضمني للمجتمع إلى المفهوم الخارجي الذي يسيطر على العلاقات بين المجتمعات، حيث تتأسس العلاقات السائدة على الاستغلال والمصلحة الواحدة من طرف واحد، ويتم ذلك عن طريق استغلال ضعف الطرف الآخر واستخدام القوة الانتهازية.
تطور الإمبريالية
مع تطور الرأسماليين العالميين، أصبحت الإمبريالية أقوى وأكثر انتشارا، حيث توظف الدول الإمبريالية العديد من الموظفين لإنشاء أسواق جديدة وجمع أموال هائلة لتمويل زبائنها من الدول التي تعاني من ظروف اقتصادية سيئة، كما ترسل خبراء بنكيين للتفاوض حول الديون وزيادة الأموال المخصصة لهم لتعزيز قدراتهم العسكرية والتجسسية، وتقدم المساعدات للجيوش الصغيرة من الأيديولوجيين والمفكرين الذين لا يحملون أي ولاء وطني.
الإمبريالية حديثاً
في الوقت الحالي، لم يعد استخدام القوة العسكرية بشكل مفرط ومباشر خلال الحروب واحداً من أساليب تطبيق الإمبريالية، حيث أصبحت الدول الكبرى تستخدم أساليب أكثر تحضراً ومنهجية لتطبيق الإمبريالية، ولكنها لا تزال تسعى لتحقيق الأهداف والأغراض نفسها.
طرق تطبيق الإمبريالية في العصر الحديث
تتباين أشكال الإمبريالية في الوقت الحاضر، ويقوم الدول الكبيرة بتطبيق هذه الأشكال على الدول النامية، ومن أبرز أشكال الإمبريالية الحديثة هي:
1- تقديم قروض مالية ومساعدات للدول النامية وفي المقابل السماح لهذه الدول بالتدخل في سياساتها الخارجية والداخلية.
2- إرسال المساعدات العسكرية سواء كانت تكنولوجيا أو آليات أو أفراد لحماية بعض الدول، وفي المقابل التدخل في كافة الشؤون الداخلية والخارجية أو الحصول على المال أو الثروات الطبيعية.
3- تأسيس مستعمرات سلمية لتنمية الحضارات التي تتخلف، وذلك للاستفادة من ثروات تلك الحضارات، كما حدث في معظم دول إفريقيا الاستوائية.
يتم الغزو الفكري عن طريق جعل ثقافة الدول الكبرى هي السائدة في معظم دول العالم، ويتم ذلك عادة عن طريق وسائل الإعلام والتقنية المختلفة.
دوافع الإمبريالية
دوافع إقتصادية
تتمثل الدوافع الاقتصادية في تحقيق أقصى قدر ممكن من الأرباح، وذلك عن طريق:
– تشغيل الأيدي العاملة الرخيصة.
– شراء الموارد الطبيعية كالخام.
– السيطرة على الأسواق.
– السيطرة على طرق النقل الهامة كقناة السويس في مصر التي تختصر الطريق بين أوروبا وأسيا.
دوافع دينية
تهدف الدوافع الدينية لجلب الأشخاص للانضمام إلى الديانة السائدة في الإمبراطورية المسيطرة، مثلما قام به المبشرون عند إنشاء الكنائس في الأراضي التي غزتها دولتهم في القرن التاسع عشر.
دوافع إستكشافية
تهدف هذه المهمة إلى استكشاف الأراضي غير المستكشفة لأغراض المغامرة والبحث العلمي والطبي.
دوافع سياسية
تتعلق الدوافع السياسية دائمًا بالفخر الوطني والهيبة والتفوق على باقي البلدان وتوسيع الإمبراطورية لتأمين وصول الجيوش إلى جميع أنحاء العالم.
دوافع عرقية
تؤمن الدول الإمبريالية دائمًا بأن ثقافاتها وقيمها وحضاراتها أعلى مستوى من باقي الثقافات، ولذلك يشعرن بالمسؤولية عن نشر ثقافتها الراقية وقيمها الحضارية للعالم وللناس جميعًا.