ما هي لامية العرب وتاريخها
اللامية العربية هي قصيدة لأحد شعراء العصر الجاهلي، وهو ثابت بن أواس الأزدي المعروف باسم الشنفري، وهو من فحول الطبقة الثانية من شعر العصر الجاهلي. وتمت ترجمة هذه القصيدة إلى عدة لغات من بينها الفرنسية والإنجليزية واليونانية والألمانية.
لامية العرب كانت ولا تزال تحتل مكانة مهمة في خريطة الشعر العربي، وقد اهتم بها العديد من الشراح والمعربين والأدباء والمستشرقين، وهذا يجعلها موضوعا للتأمل، لأن الاهتمام بها ليس نتيجة للأسلوب الراقي الذي اتبعه الشنفري، أو للتشبيهات الجميلة التي استخدمها، أو للتعبيرات المجازية فيها، وإنما كان الإعجاب بناء على البنية اللغوية الفريدة للامية والمعجم الشعري الذي اعتمد عليه الشنفري في نظمها ونسجها.
محاور لامية العرب
– أولا: أثر الأصوات في إثراء المعنى.
– ثانيا: دور الكلمة في إبداع الدلالة.
– ثالثا: مقومات التماسك النصي في اللامية.
اولا أثر الأصوات في إثراء المعنى
لم يغب عن شعراء العصر الجاهلي أن الصوت له دور مهم في إبداع المعاني، حيث يجب على الدارسين التركيز على هذه التأثيرات الصوتية ودراستها بشكل دائم، مرتبطة بالمعنى والفكرة والتخيل والإيقاع.
– وقد أشار العلماء القدامى إلى هذه الظاهرة، وتنبهوا إلى المعاني التي توحي بها الأصوات وتجسدها، قال ابن جني: “فأما مقابلة الألفاظ بما يشاكل أصواتها من الأحداث فباب عظيم واسع، ونهج مثلئب عند عارفيه مأموم، وذلك أنهم كثيرا ما يجعلون أصوات الحروف على سمت الأحداث المعبر عنها”.
تعرف هذه الظاهرة في علم اللغة الحديث بـ “الدلالة الصوتية” أو “رمزية الألفاظ”، وكان الشعراء يعتمدون على المحاكاة كوسيلة لإيصال معانيهم، بما في ذلك المحاكاة التي تتمثل في صوت واحد في الكلمة، مثلًا صوت الهمزة في قولهم
ولولا تجنب الدمار، لم يكن سوى مجرد مشروب يعيش به وحدي ومكاني
ولكن هناك نفسا لا تقيم بي، على الدوام إلا حينما أتحول
ثانيا دور الكلمة في إبداع الدلالة
الشاعر الأبدع هو الذي يتحكم في لغته، لأن اللغة هي الأداة الأساسية التي يستخدمها في تركيب قصائده وصياغتها، والكلمة هي جوهر اللغة، إذ تمثل أساس التعبير والتواصل والتفاهم، وإذا كنا جميعا نشترك في التعبير عن مشاعرنا وأفكارنا بالحديث، فإن الشعراء هم الأمراء في هذا المجال، إذ يستخدمون الكلمات كوسيلة للتعبير عن مشاعرهم وأفكارهم، ويكمن عبقريتهم في ابتكار الكلمات الجديدة.
يعتبر الشعراء أمراء الكلام لأنهم هم الذين يبدعون الكلمات ويضيفون إليها طاقتها التعبيرية ويجعلونها تنبض بالمعنى، من خلال وضعها في موقع نحوي صحيح وسياق نصي مناسب، فالقيمة ليست في المفردات والنظام النحوي بذاتهما، ولكنها في الاختيار الدقيق بين المفردات والنظام النحوي، ومن هنا يمكننا القول بأن لكل شاعر لغته الخاصة التي تمكنه من الإبداع بشكل فريد ومختلف.
– كانت الكلمة في لامية الشنفرى من أهم وسائل إنتاج الدلالة وإبداعها، فهي المولدة للمعاني والمساهمة في إنشاء مساحة دلالية واسعة للقصيدة، من خلال اختيار الشاعر لها بعناية بناء على التوافق بين موقعها النحوي وسياقها النصي، فقد اختار في بداية لاميته التعبير عن هجره لمجتمعه وأهله إلى مجتمع آخر بتصرف “أميل” بدلا من “مائل”، وذلك في قوله
أيها أبناء أمي، قوموا وأظهروا صدوركم، فإني للأمة غيركم
ثالثا مقومات التماسك النصي في اللامية
قد لا يكون فاهما شيئا من التناقض بين محتويات المبحثين الأولين ومحتوى هذا المبحث، حيث اعتمد المبحثان الأولين منهجية هيكلية في التحليل والدراسة، بينما يعتمد هذا المبحث منهجية نصية في التماسك والسبك، بناء على الاعتقاد بأن هيكل النص هو ما ينقلنا إلى معناه، وبأن النص هو الهدف الأسمى، ولا يمكننا أن نقدم صورة واضحة لمكونات النص والدلالات المخفية وراء تلك المكونات إلا من خلال هذا التحليل الجزئي، الذي يمكننا من “فهم حركة الأجزاء والعلاقة بينها في النص الذي نتمنى أن نفهمه عقليا”، ومن ثم يكون الهدف من هذا التحليل هو رؤية كل عنصر من عناصر النص يتفاعل مع العناصر الأخرى، “لأن جميع عناصر القصيدة توجد في وقت واحد وتؤدي وظيفتها في وقت واحد، وبالتالي يشعر الشخص بها جميعا معا كما في أوقات الحياة الأعلى إذا كان حساسا بما فيه الكفاية.
علماء المسلمين العرب الذين قاموا بشرح لامية العرب
محمد بن يزيد (المبرد) عاش في الفترة 940م / 291هـ ونشرت أعماله في عام 1300هـ في اسطنبول.
يحيى بن علي (التبريزي)، 1109 م / 502 هـ.
– جار الله ( الزمخشري) 1143م/ 538هـ.
عبد الله بن الحسين العكبري هو من قام بإعراب لامية الشنفري، وتم نشر الكتاب في بيروت عام 1984 بتحقيق من محمد أديب عبد الواحد جمران.