قصائد النابغه الذبياني

من هو النابغه الذبياني

زياد بن معاوية بن ضباب الذبياني الغطفاني المضري المعروف أيضا بأبي أمامة كان شاعرا مبدعا في الشعر. كان أحد أصحاب المعلقات ومن الشعراء المرموقين في العصر الجاهلي. كان زياد الذبياني مرموقا ومشهورا في قبيلته، ولذلك كان له صلات وثيقة بملوك الحيرة في العراق، وخاصة النعمان أبو قابوس، وكذلك مع ملوك الغساسنة في الشام. كما كان له دور بارز في سوق عكاظ كحكم أدبي حيث كان يحتكم إليه الشعراء. اعترف شعراء العصر الأموي وخلفاؤه ورواة الشعر بتفوقه وموهبته المتميزة.

شعر النابغه الذبياني

لم يجد الشاعر النابغة الذبياني صعوبة في التعبير عن مجموعة متنوعة من المواضيع مثل التراث الديني والتاريخي والأسطوري والأدبي، وقد نجح في تجسيدها في شعره بشكل فني رائع، واستخدم كلمات جميلة وواضحة وإيقاعا موسيقيا ممتعا. أصبح شعره تعبيرا حيا عن الحياة الدينية والفكرية والاجتماعية والسياسية للعرب في العصور الجاهلية، وكان شعره دليلا واضحا على ثقافته وحكمته ونضجه في الحياة. استخدم النابغة الذبياني التراث في قصائده بنفس الأسلوب الذي استخدمه الشعراء الجاهليون الذين سبقوه أو عاشوا في نفس الفترة، ويعتبر النابغة الذبياني واحدا من أبرز الشعراء الذين ساهموا في تحديد قواعد الشعر الجاهلي وأهدافه وأوزانه الموسيقية، وأصبحت هذه القواعد فيما بعد تقاليد يجب على كل شاعر اتباعها.

نوع النابغه الذبياني في الأغراض الشعرية وكانت له بصمة خاصة في فن الاعتذار، ولا يخلو شعر النابغه الذبياني من القلق والألم والمعاناة وغيرها من الأحاسيس والمشاعر المعبرة عن حالاته النفسية الذاتية في وقت من الأوقات، إلا أن معظم أشعاره كانت تعبيرًا عن الوجدان الجماعي لقبيلته، ومجتمعه، وبيئته.

أشهر قصائد النابغه الذبياني

• معلقة النابغه الذبياني

واحدة من أشهر قصائد النابغة الذبياني ومن عيون الشعر العربي، تتألف من 50 بيتا، وكما هو الحال في جميع قصائد الجاهلية، تبدأ هذه القصيدة بالوقوف على الأطلال ثم تنتقل إلى الغرض الرئيس وهو مدح النعمان بن المنذر، وتحتوي القصيدة أيضا على بيتات حكمة.

يا دارَ مَيَّةَ بِالعَلياءِ فَالسَنَدِ

أَقوَت وَطالَ عَلَيها سالِفُ الأَبَدِ

وَقَفتُ فيها أُصَيلاناً أُسائِلُها

عَيَّت جَواباً وَما بِالرَبعِ مِن أَحَدِ

إِلّا الأَوارِيَّ لَأياً ما أُبَيِّنُها

وَالنُؤيَ كَالحَوضِ بِالمَظلومَةِ الجَلَدِ

رَدَّت عَلَيهِ أَقاصيهِ وَلَبَّدَهُ

ضَربُ الوَليدَةِ بِالمِسحاةِ في الثَأَدِ

خَلَّت سَبيلَ أَتِيٍّ كانَ يَحبِسُهُ

وَرَفَّعَتهُ إِلى السَجفَينِ فَالنَضَدِ

فَتِلكَ تُبلِغُني النُعمانَ إِنَّ لَهُ

بالإضافة إلى الناس في الأدنى والبعيد

وَلا أَرى فاعِلاً في الناسِ يُشبِهُهُ

وَلا أُحاشي مِنَ الأَقوامِ مِن أَحَدِ

إِلّا سُلَيمانُ إِذ قالَ الإِلَهُ لَهُ

قُم في البَرِيَّةِ فَاِحدُدها عَنِ الفَنَدِ

وَشَيِّسِ الجِنَّ إِنّي قَد أَذِنتُ لَهُم

يَبنونَ تَدمُرَ بِالصُفّاحِ وَالعَمَدِ

فَمَن أَطاعَكَ فَاِنفَعهُ بِطاعَتِهِ

كَما أَطاعَكَ وَاِدلُلهُ عَلى الرَشَدِ

وَمَن عَصاكَ فَعاقِبهُ مُعاقَبَةً

تَنهى الظَلومَ وَلا تَقعُد عَلى ضَمَدِ

إِلّا لِمِثلِكَ أَو مَن أَنتَ سابِقُهُ

سَبقَ الجَوادَ إِذا اِستَولى عَلى الأَمَدِ

• قصيدة أمن آل مية رائح أو مغتد

أَمِن آلِ مَيَّةَ رائِحٌ أَو مُغتَدِ

عَجلانَ ذا زادٍ وَغَيرَ مُزَوَّدِ

أَفِدَ التَرَجُّلُ غَيرَ أَنَّ رِكابَنا

لَمّا تَزُل بِرِحالِنا وَكَأَن قَدِ

زَعَمَ البَوارِحُ أَنَّ رِحلَتَنا غَداً

وَبِذاكَ خَبَّرَنا الغُدافُ الأَسوَدُ

لا مَرحَباً بِغَدٍ وَلا أَهلاً بِهِ

إِن كانَ تَفريقُ الأَحِبَّةِ في غَدِ

حانَ الرَحيلُ وَلَم تُوَدِّع مَهدَداً

وَالصُبحُ وَالإِمساءُ مِنها مَوعِدي

في إِثرِ غانِيَةٍ رَمَتكَ بِسَهمِها

فَأَصابَ قَلبَكَ غَيرَ أَن لَم تُقصِدِ

غَنيَت بِذَلِكَ إِذ هُمُ لَكَ جيرَةٌ

مِنها بِعَطفِ رِسالَةٍ وَتَوَدُّدِ

وَلَقَد أَصابَت قَلبَهُ مِن حُبِّها

عَن ظَهرِ مِرنانٍ بِسَهمٍ مُصرَدِ

نَظَرَت بِمُقلَةِ شادِنٍ مُتَرَبِّبٍ

أَحوى أَحَمِّ المُقلَتَينِ مُقَلَّدِ

وَالنَظمُ في سِلكٍ يُزَيَّنُ نَحرَها

ذَهَبٌ تَوَقَّدُ كَالشِهابِ الموقَدِ

سَقَطَ النَصيفُ وَلَم تُرِد إِسقاطَهُ

فَتَناوَلَتهُ وَاِتَّقَتنا بِاليَدِ

بِمُخَضَّبٍ رَخصٍ كَأَنَّ بَنانَهُ

عَنَمٌ يَكادُ مِنَ اللَطافَةِ يُعقَدِ

• قصيدة كليني لهم يا أميمة ناصب

كِليني لِهَمٍّ يا أُمَيمَةَ ناصِبِ

وَلَيلٍ أُقاسيهِ بَطيءِ الكَواكِبِ

تَطاوَلَ حَتّى قُلتُ لَيسَ بِمُنقَضٍ

وَلَيسَ الَّذي يَرعى النُجومَ بِآئِبِ

وَصَدرٍ أَراحَ اللَيلُ عازِبُ هَمِّهِ

تَضاعَفَ فيهِ الحُزنُ مِن كُلِّ جانِبِ

عَلَيَّ لِعَمروٍ نِعمَةٌ بَعدَ نِعمَةٍ

لِوالِدِهِ لَيسَت بِذاتِ عَقارِبِ

حَلَفتُ يَميناً غَيرَ ذي مَثنَوِيَّةٍ

وَلا عِلمَ إِلّا حُسنُ ظَنٍّ بِصاحِبِ

لَئِن كانَ لِلقَبرَينِ قَبرٍ بِجِلَّقٍ

وَقَبرٍ بِصَيداءَ الَّذي عِندَ حارِبِ

وَلِلحارِثِ الجَفنِيَّ سَيِّدِ قَومِهِ

لَيَلتَمِسَن بِالجَيشِ دارَ المُحارِبِ

وَثِقتُ لَهُ بِالنَصرِ إِذ قيلَ قَد غَزَت

كَتائِبُ مِن غَسّانَ غَيرُ أَشائِبِ

بَنو عَمِّهِ دُنيا وَعَمروُ بنُ عامِرٍ

أولَئِكَ قَومٌ بَأسُهُم غَيرُ كاذِبِ

إِذا ماغَزوا بِالجَيشِ حَلَّقَ فَوقَهُم

عَصائِبُ طَيرٍ تَهتَدي بِعَصائِبِ

• قصيدة إني كأني لدى النعمان خبره

إِنّي كَأَنّي لَدى النُعمانِ خَبَّرَهُ

بَعضُ الأُوُدَّ حَديثاً غَيرَ مَكذوبِ

بِأَنَّ حِصناً وَحَيّاً مِن بَني أَسَدٍ

قاموا فَقالوا حِمانا غَيرُ مَقروبِ

ضَلَّت حُلومُهُمُ عَنهُم وَغَرَّهُمُ

سَنُّ المُعَيدِيَّ في رَعيٍ وَتَعزيبِ

قادَ الجِيادَ مِنَ الجَولانِ قائِظَةً

مِن بَينِ مُنعَلَةٍ تُزجى وَمَجنوبِ

حَتّى اِستَغاثَت بِأَهلِ المِلحِ ما طَعِمَت

في مَنزِلٍ طَعمَ نَومٍ غَيرَ تَأويبِ

يَنضَحنَ نَضحَ المَزادِ الوُفرِ أَتأَقَها

شَدُّ الرُواةِ بِماءٍ غَيرِ مَشروبِ

قُبُّ الأَياطِلِ تَردي في أَعِنَّتِها

كَالخاضِباتِ مِنَ الزُعرِ الظَنابيبِ

شُعثٌ عَلَيها مَساعيرٌ لِحَربِهِمُ

شُمُّ العَرانينِ مِن مُردٍ وَمِن شيبِ

وَما بِحِصنٍ نُعاسٌ إِذ تُؤَرِّقُهُ

أَصواتُ حَيٍّ عَلى الأَمرارِ مَحروبِ

ظَلَّت أَقاطيعُ أَنعامٍ مُؤَبَّلَةٍ

لَدى صَليبٍ عَلى الزَوراءِ مَنصوبِ

• قصيدة أتاني أبيت اللعن أنك لمتني

أَتاني أَبَيتَ اللَعنَ أَنَّكَ لِمتَني

وَتِلكَ الَّتي أُهتَمُّ مِنها وَأَنصَبُ

فَبِتُّ كَأَنَّ العائِداتِ فَرَشنَني

هَراساً بِهِ يُعلى فِراشي وَيُقشَبُ

حَلَفتُ فَلَم أَترُك لِنَفسِكَ رَيبَةً

وَلَيسَ وَراءَ اللَهِ لِلمَرءِ مَذهَبُ

لَئِن كُنتَ قَد بُلِّغتَ عَنّي خِيانَةً

لَمُبلِغُكَ الواشي أَغَشُّ وَأَكذَبُ

وَلَكِنَّني كُنتُ اِمرَأً لِيَ جانِبٌ

مِنَ الأَرضِ فيهِ مُستَرادٌ وَمَذهَبُ

مُلوكٌ وَإِخوانٌ إِذا ما أَتَيتُهُم

أُحَكَّمُ في أَموالِهِم وَأُقَرَّبُ

كَفِعلِكَ في قَومٍ أَراكَ اِصطَنَعتَهُم

فَلَم تَرَهُم في شُكرِ ذَلِكَ أَذنَبوا

فَلا تَترُكَنّي بِالوَعيدِ كَأَنَّني

إِلى الناسِ مَطلِيٌّ بِهِ القارُ أَجرَبُ

أَلَم تَرَ أَنَّ اللَهَ أَعطاكَ سورَةً

تَرى كُلَّ مَلكٍ دونَها يَتَذَبذَبُ

فَإِنَّكَ شَمسٌ وَالمُلوكُ كَواكِبٌ

إِذا طَلَعَت لَم يَبدُ مِنهُنَّ كَوكَبُ

• قصيدة فإن يك عامر قد قال جهلا

فَإِن يَكُ عامِرٌ قَد قالَ جَهلاً

فَإِنَّ مَظِنَّةَ الجَهلِ الشَبابُ

فَكُن كَأَبيكَ أَو كَأَبي بَراءٍ

تُوافِقكَ الحُكومَةُ وَالصَوابُ

وَلا تَذهَب بِحِلمِكَ طامِياتٌ

مِنَ الخُيَلاءِ لَيسَ لَهُنَّ بابُ

فَإِنَّكَ سَوفَ تَحلُمُ أَو تَناهى

إِذا ما شِبتَ أَو خابَ الغُرابُ

فَإِن تَكُنِ الفَوارِسُ يَومَ حِسيٍ

أَصابوا مِن لِقائِكَ ما أَصابوا

فَما إِن كانَ مِن نَسَبٍ بَعيدٍ

وَلَكِن أَدرَكوكَ وَهُم غِضابُ

فَوارِسُ مِن مَنولَةَ غَيرُ ميلٍ

وَمُرَّةَ فَوقَ جَمعِهِمُ العُقابُ