من روائع محمد اقبال
محمد إقبال هو شاعر الشرق وفيلسوف الإنسانية، ولد في سيالكوت في البنجاب وينتمي إلى أصول كشميرية، وأسلم أحد أسلافه قبل حكم الملك المغولي الشهير `أكبر` ونزح جده إلى سيالكوت، حيث درس إقبال اللغة الفارسية والعربية إلى جانب الأردية، ورحل إلى أوروبا وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة ميونخ في ألمانيا، ثم عاد إلى وطنه وشعر بأنه خلق للأدب الرفيع والشعر المميز، وكان على صلة وثيقة بأحداث المجتمع الهندي، حيث أصبح رئيسا لحزب العصبة الإسلامية في الهند.
مولد ونشأة محمد إقبال
محمد إقبال هو ابن الشيخ نور محمد، وكان يلقب بــ “الشيخ ذو الحلقة في الأنف”. ولد في سيالكوت، وهي إحدى مدن البنجاب الغربية، في الثالث من ذي القعدة 1294 هـ الموافق 9 نوفمبر 1877، وهو المولود الثاني من الذكور. أصل أقبال يعود إلى أسرة برهمية، حيث كان أسلافه ينتمون إلى جماعة محترمة من الندبات في كشمير. وأحد أجداده اعتنق الإسلام في عهد السلطان زين العابدين “بادشاه 1421- 1473”. يصف أقبال أصله قائلا: “إن جسدي زهرة في حبة كشمير، وقلبي من حرم الحجاز وأنشودتي من شيراز”. وهو من الشخصيات الهامة.
وفيما يتعلق بوالده، فهو الشيخ نور محمد الذي كان يعمل في مجال التجارة ويتعامل مع جماعة من الصوفية ورجال العلم والمعرفة، مما جعله ملما بدقائق الطريقة وعلوم العقيدة والسنة، ولديه معرفة واسعة في العديد من المسائل الخاصة بالحكمة والفلسفة والأدب. وقد كان له تأثير كبير في حياة الشاعر الإسلامي محمد إقبال. وبالنسبة لوالدته إقبال، فهي امرأة ذات قلب تقوي وورع شديد، وعندما توفيت قالت “عندما يأتي أحدهم إلى تراب مرقدي، فسوف يتذكرني في الدعاء في منتصف الليل”. وتوفي والده إقبال في 17 أغسطس 1930، وهو قد بلغ من العمر تقريبا 100 عام، وتوفيت والدته قبله بستة عشر عاما في عام 1914.
من روائع محمد إقبال
أينما يدعى ظلاما يا رفيق الليل أين *** إن نور الله في قلبي وهذا ما أراه
سلكنا في ضياء الوحي بمحبة واهتدينا وقاد رسول الله القافلة وتبعنا خطاه
إذا فقدت الإيمان، لا يوجد أمان ولا دنيا لمن لا يعيش وفقا للدين
ومن يرضى الحياة بدون دين.. فقد جعل الهلاك شريكا لها
تساندها الكواكب فاستقرت… وإلا لما بقيت
وفي التوحيد للهمم اتحاد *** ولن نصل العلى متفرقينا
إنَّما الكافر تيهانِ *** له الآفاق تيهْ
وأرى المؤمن كونًا *** تاهت الآفاق فيهْ
من ترابها قد كتبنا النور في عالم الوجود، وعلى أهدابها صغنا معان من الخلود
حِكْمَةُ الإيمان من طِيبَةَ سَارَتْ للْعِرَاقِ *** وهفا الأتراكُ في دُنْيَا رُؤاها والهنودْ
أرى أن التفكير يعترضه كسلي *** ولا يبقى العزائم مشتعلة
وأصبح توجيهكم بلا نور *** ولا سحر يتجلى من الكلام
وعند الناس فلسفة وفكر … ولكن أين تلقين الغزال
صوت الأذان يعلو في كل حي، ولكن أين صوت بلال؟
مناراتكم ترتفع في كل ساحة، ومسجدكم خال من العباد
أنت كنز الدر والياقوت في *** زاوية العالم وإن كانوا لا يعرفونك
مجتمع الأجيال يحتاج إلى * صوتك العالي حتى وإن لم يسمعوك
صور الغاصب تظهر الظلم الذي مارسه *** فما هو التفسير للعدل الجديد؟
زاد في التحرير يعني أنه يحكم القيود لتحرير العبيد
قال للطير: إذا أردت الأمان… فاختر في منزل الصياد مكانا للملجأ
في الأجواء ليس للطيور مكان *** ولا يمكن الأمان في الصحراء من النسور
سيطرنا على هذا العالم وأذعنت لنا الأجيال الخالدة
كتبنا صحائف من الضياء *** ولم ينس الزمان ولم ننس
وكنا عندما يسيطر علينا القوة… ندوس على جبينه بوحشية
تفيض قلوبنا بالهدى بأسى فما تغضي عن الظلم الجنون
قلت ولكن اللفظ خجل من المعنى، واشتكى المعنى من اللفظ المشوش
مات معنى في حروف يحبس *** ناره يخمد منك النفس
سر الغياب والوجود في القلوب يعبر عن زمن ومرور في القلوب
إن للوقت لحنا صامتا، وله سرا خافتا في القلب
أين أيام بها سيف الدهر *** صرفته في أيدينا القدر
قد غرسنا الدين في قلوبنا *** وكشفنا الحقيقة بعد أن سترنا العيوب
ثم تطرق إقبال إلى الفلسفة الإلهية وكيف احتلت الشرق واستنفذت قواه، وأشار إلى أن أوروبا انتفضت وسيطرت على العالم عندما تمردت على هذه الفلسفة، أي فلسفة ما بعد الطبيعة، وبدأت في العمل في مجالات علوم الطبيعة المنتجة المجيدة. ومع ذلك، حدثت بعض المسائل في هذا العصر تثير المخاوف من عودة أوروبا إلى الانحدار، وأشار إلى أن العقل العربي كان الأكثر قدرة على فهم الإسلام بشكل صحيح والأكثر ملاءمة لحمل أمانته.