من أهم الأحداث السياسية التي ظهرت مؤخرًا على الساحة العالمية هو قرار انسحاب بريطانيا وخروجها بشكل نهائي من الاتحاد الأوروبي ؛ الأمر الذي أسفر عن عدد كبير من الخسائر والتغييرات التي سوف تلحق ببريطانيا على جميع الأصعدة سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو غيره وهذا بالطبع سوف يجعل دولة بريطانيا تستعد لاستقبال حقبة زمنية جديدة في تاريخها .
الاتحاد الأوروبي
الاتحاد الأوروبي هو نظام سياسي عالمي مهم نشأ بعد الحرب العالمية الثانية بغرض وقف الحروب وتعزيز مبادئ السلام العالمي وتوجيه الدول نحوه. تم تسمية هذا النظام بالاتحاد الأوروبي في أوائل التسعينات، وكان يتألف من 28 دولة حتى وقت قريب. يفرض الاتحاد مجموعة من الشروط السياسية والاقتصادية والتشريعية على الدول الأعضاء، وتتطلب الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي الامتثال لتلك الشروط .
خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
أعلنت المملكة المتحدة عزمها الانسحاب من الاتحاد الأوروبي قبل زمن بعيد، في 29 مارس 2017، مما أدى إلى مفاوضات طويلة استمرت لمدة عام ونصف مع المفوضية الأوروبية، ومع ذلك، فشلت هذه المفاوضات، وأصرت المملكة المتحدة على الخروج من الاتحاد. وقد وافق قادة الدول الأعضاء في الاتحاد، الآن 27 دولة، على خطة خروج المملكة المتحدة من الاتحاد (بريكست) في قمة استثنائية في بروكسل في 25 نوفمبر 2018، وتم تمديد تنفيذ القرار حتى 31 أكتوبر 2019.
ستظل المملكة المتحدة عضوًا في الاتحاد الأوروبي وتتمتع بحقوق وواجبات كاملة حتى تاريخ الانسحاب، ولكن اتفاقية الانسحاب بريكست ستتضمن بعض الأحكام المتعلقة بالفترة الانتقالية لإتمام الانسحاب والتي سوف تستمر حتى تاريخ 31 ديسمبر 2020 .
تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
بعد خروج بريطانيا المفاجئ من الاتحاد الأوروبي، تواجه تحولا تاريخيا كليا في جوانب متعددة تشمل السياسة والاقتصاد والاجتماع والرياضة؛ حيث ستتغير جميع العلاقات والمعاهدات والاتفاقيات التي كانت تعتمد على الاتحاد الأوروبي بشكل كامل، وسيكون هناك قيود على حركة البضائع بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة .
ستواجه المملكة المتحدة خسائر كبيرة نتيجة فقدان العديد من المزايا التي كانت تحصل عليها من الاتحاد الأوروبي، وأهمها الخسائر الاقتصادية، حيث بدأت العديد من الشركات العالمية في سحب استثماراتها من بريطانيا، وأبرز هذه الشركات بالطبع شركة ايرباص التي كانت تعمل بها حوالي 14 ألف موظف بالإضافة إلى توفيرها فرص عمل أخرى متعددة، ومع استمرار هذا الوضع، ستعاني المملكة المتحدة من نسبة عالية من البطالة وتراجع قيمة أسهمها ومنتجاتها في السوق العالمية .
فضلًا عن أن هذا الانسحاب قد أدى إلى تحقيق خسائر كبيرة في سوق العملة خصوصًا فيما يخص انفصال بريطانيا عن عملة اليورو ؛ الأمر الذي أدى إلى حدوث تراجع شديد في سعر عملة اليورو والجنيه الاسترليني وألقى بدلوه بشكل كبير على سوق العملات العالمي .
وبهذا القرار، سيفقد المواطن البريطاني أيضًا عددًا كبيرًا من الامتيازات التي كان يتمتع بها سابقًا والتي كانت مقدمة فقط لمواطني الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وخاصة فيما يتعلق بالتنقل بين مطارات دول الاتحاد الأوروبي دون تأشيرة وشراء الاحتياجات عبر بطاقات الصراف الآلي وغيرها .
سيتم تطبيق قوانين الجمارك على نقل البضائع بين المملكة المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي دون وجود أفضلية كما كان في السابق .
تم الإعلان عبر بريكست عن حاجة إلى تراخيص وتصاريح خاصة لدخول بعض المنتجات من بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي، وستفرض الدول الأعضاء ضريبة القيمة المضافة على واردات البضائع من المملكة المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي، وبالمقابل ستعفى الصادرات إلى المملكة المتحدة من ضريبة القيمة المضافة.
عند اكتمال عملية الانسحاب الكاملة وانتهاء الفترة الانتقالية المقررة في نهاية عام 2020م، ستظهر العديد من النتائج المرتبطة بانسحاب المملكة المتحدة وخروجها من الاتحاد الأوروبي بشكل كبير .