ادب

قصة نعيب زماننا والعيب فينا

على مر الزمان دائمًا ما تتعرض العديد من الضوابط والعادات والتقاليد إلى التبدل والتغير وتختلف طريقة التفكير ، وعند النظر قليلًا إلى الخلف سوف نجد أن طبيعة الفكر والحياة سابقًا كانت مختلفة كليًا عن ما نحن عليه الان ، وقد أبدع الكثير من الأئمة والأدباء في وصف تغير وتبدل الأشخاص عبر الزمان ولا سيما قصيدة نعيب زماننا والعيب فينا التي قد ألقاها العلامة الإمام الشافعي – رحمه الله .

جدول المحتويات

الإمام الشافعي

القصيدة الخالدة هذه من تأليف الإمام الشافعي، واسمه الكامل هو: أبو عبدالله محمد بن إدريس الشافعي المطلبي القرشي. ولد الإمام الشافعي في عام 150 هجرية وتوفي في عام 204 هجرية. يعتبر الشافعي ثالث أئمة الأمة الإسلامية عند أهل الحديث والسنة والجماعة، حيث صاغ مذهب الشافعية الهام الذي ساهم في وضع أصول الفقه الإسلامية .

بالإضافة إلى دوره البارز في تأليف قوانين الفقه الإسلامي، كان الإمام الشافعي أيضا يلقي العديد من الأقوال الهامة ويبدع في كتابة قصائد شعرية كثيرة، التي تدل دائما الإنسان على أهمية إصلاح الذات والعمل على تحسين الدين والنفس، ولا سيما قصيدة `نعيب زماننا والعيب فينا` وقصيدة `دع الأيام تفعل ما تشاء` وغيرها .

شرح نعيب زماننا والعيب فينا

لم يقم الإمام الشافعي بإلقاء هذا البيت الشعري العميق جزافا، بل أراد من خلاله أن يوضح واقعا أصبحنا نشهده في كافة العصور وعبر الأجيال. حيث إن الكثير من الأشخاص في المجتمع يرجعون دائما تغير أحوال ومواقف وأخلاق الأشخاص، وقطع أواصر المحبة والرحم، وانتشار الكره والأنانية إلى ما يعرف باسم `غدر الزمان`. ونجد البعض يتفوه ببعض الأقوال، وخاصة كبار السن، مثل `لقد تغير الزمن`، `الله يرحم زمن أول` وغيرها. وفي الحقيقة، كل ذلك اتهام باطل للزمان، حيث أن الزمان لا يتغير بل هو كما هو بساعاته وأيامه ولياليه. وإنما طبيعة ونفوس الأشخاص هي التي قد تبدلت كثيرا، ومن هنا جاء توصيف الإمام الشافعي لذلك قائلا: `نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا` .

قصيدة نعيب زماننا والعيب فينا

تم تصنيف قصيدة نعيب زماننا والعيب فينا كقصيدة من نوع قصائد العتاب، وهي أيضًا قصيدة عمودية من بحر الوافر الذي يضم حوالي 3107 قصائد. وتضمنت أهم أبيات هذه القصيدة كالتالي:

– نلوم زماننا واللوم فينا *** وليس هناك عيب في زماننا
-وَنَهجو ذا الزَمانِ بِغَيرِ ذَنبٍ *** وَلَو نَطَقَ الزَمانُ لَنا هَجانا
-وَلَيسَ الذِئبُ يَأكُلُ لَحمَ ذِئبٍ *** وَيَأكُلُ بَعضُنا بَعضاً عَيانا

وفي هذه الأبيات إشارة إلى أن الزمان واحد لا يتغير بل الطبيعة البشرية هي التي تتبدل وتتغير بمرور الزمن ، ولذلك فإن الكثير من الأشخاص يقعون في خطأ كبير حينما يقوموا بسب ولعن اليوم أو الساعة أو الزمان نتيجة تعرضهم إلى حدوث أي مكروه به ، وهذا أمر غير مستحب وُمحرم في الإسلام أيضًا .

وقد جاء في ذلك الحديث الشريف الذي روى عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قول رسول الله – صلَّ الله عليه وسلم – : { قال الله تعالى : يؤذيني ابن ادم ، يسب الدهر ؛ وأنا الدهر أُقلب الليل والنهار } ، وهذا يؤكد ضرورة أن يحرص كل مُسلم على الانتباه إلى الحقيقة الدامغة وهي أن الدهر لا يتغير بينما الإنسان هو الذي يتغير في سلوكه وأخلاقه وردود فعله نتيجة الابتعاد عن أصول الدين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى