فلسفة الحياة والموت لطرفة بن العبد
الموت والحياة هما من أكثر المواضيع إثارة، وتم تناولهما من قبل العديد من الأشخاص عبر العصور. يعتبر الموت قيمة أساسية في الحياة، فهو حقيقة لا يمكن إنكارها، ويمثل أحد أركان البناء البشري والحضارة، وهو جزء من سنن الحياة على الأرض. الموت والحياة يعتبران موضوعا خصبا للشعراء للتعبير عن آرائهم، ومن بين الشعراء الجاهليين البارزين الذين تفوقوا في هذا المجال هو طرفة بن العبد .
طرفة بن العبد
أشهر وأعظم شعراء الجاهلية من إقليم البحرين، أسمه بالكامل طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد أبو عمرو، يعد واحد من أشهر شعراء المعلقات، ولد في سنة 543 ميلادية من بني قيس بن ثعلبة، لأبوين ذو شرف ومكانة عالية عند قومهم، وبعد موت والده تولى أعمامه رعايته، ولكنهم أساءوا إليه وإلي أمه وأكلوا حقوقه.
عندما اشتد عوده وفتح عينه للحياة بداء طرفة بن العبد في فعل كل ما يريد بدون رادع فأصبح يفعل كل ما طابت له نفسه من ملذات الحياة، ويسافر إلى أي مكان أراد، وسافر حتى وصل إلى جزيرة العرب ثم عاد من بعدها إلى قومه ليرعى الإبل، ومن كثرة عناده وطيشه كتب طرفة أبيات من الشعر يهجو فيها الملك فقام الملك بإرسال المكعبر ليقتله وبالفعل مات طرفة بن العبد عن عمر الثلاثين، تاركاً خلفه فلسفته عن الحياة والموت في معلقته الشهيرة التي كتبها عن الموت والحياة.
معلقة طرفة بن العبد
لم يترك الشاعر طرفة خلفه من الأشعار والدواوين الكثير، ويرجع ذلك إلى قصر حياته، إذ توفي وهو في الثلاثينات من عمره، وترك خلفه ديوانًا شعريًا يحتوي على 657 بيتًا من الشعر. وكانت أهم ما في الديوان هي المعلقات.
كانت هناك فلسفة خاصة لطرفة بن العبد عن الموت والحياة والتي عبر عنها في معلقته وفي كل أشعاره التي كان يدعو فيها إلى نيل كل ملذات الحياة الجسدية والنفسية قبل أن يفوت العمر وينقضي، وأن يستمتع المرء بحياته قدر المستطاع اعتقاداً منه أن المرء يعيش مرة واحدة، ولهذا فيجب أن يعيشها كما يُقال بالطول والعرض.
هذه الفلسفة ليست بعيدة عن العصر الجاهلي ولا عن الحياة في تلك الفترة، وكان الموت بالنسبة لطرفة بن العبد مصدر قلق وغموض، لأن الموت بالنسبة له كان شيئا غامضا لا يعرف عنه شيئا، وهذا الأمر كان سببا في اتباعه لهذه الفلسفة في نمط حياته، والتي انعكست في معلقته التي تعبر عن فلسفته حول الحياة والموت، وهي من أطول المعلقات حيث تحتوي على 106 بيتا وتمت كتابتها على البحر الطويل.
فلسفة طرفة بن العبد عن الحياة والموت
طرفة بن العبد كان لا يؤمن بالحياة الأخرى أو بالبعث بعد الموت، ويرجع ذلك إلى حياته في العصر الجاهلي الذي لم تكن فكرة البعث منتشرة فيه، وكذلك إلى طفولته الصعبة والظلم الذي تعرض له، وكان يتبع مذهبا يروج لفكرة أن الموت أمر حتمي لا مفر منه يشمل الجميع دون استثناء.
أما بالنسبة لقيمته الفلسفية، فهي فلسفة حية غير خالية من الرفعة، وتتضمن العديد من التناقضات المستمرة بين اللجوء إلى الملذات والشهوات والحفاظ على الأخلاق والقيم العليا، وقد تطرق في معلقته الشهيرة إلى التأملبشكل خفيف، ولكنه ركز أيضًا على الجانب المادي.