صومعة حسان، واحدة من أبرز المعالم في المغرب، بالتحديد في العاصمة الرباط، هي مئذنة غير مكتملة لمسجد. تم إنشاء هذا البرج في عام 1195م، وكان من المقرر أن يكون أكبر مئذنة في العالم إلى جانب المسجد. كان الهدف أيضا أن يكون أكبر مئذنة في العالم. ومع ذلك، توفي السلطان يعقوب المنصور في عام 1199م، وتوقف البناء في المسجد بعد أن بلغ ارتفاع البرج 44 مترا، أي نصف الارتفاع المخطط له البالغ 86 مترا .
دور صومعة حسان في الماضي والحاضر
كان الهدف من بناء صومعة حسان في الماضي هو رغبة السلطان يعقوب المنصور الموحدي في جعل مدينة الرباط مدينة كبيرة ومتقدمة وفاخرة وعظيمة في المغرب، ويرغب في منافسة مدينة مراكش لتصبح العاصمة بعدها، وذلك لتكريم الدولة الموحدية، لذا تم بناء الصومعة بشكل متين وتم تجهيزها بالمرافق العالية المستوى، وتم بناء عدة مداخل وجدران تحيط بها، ولكن المسجد لم يكتمل في عهد الموحدين، لأن السلطان يعقوب رأى أن مدينة الرباط غير مستعدة في تلك الفترة، خاصة بسبب الحروب في الأندلس .
بسبب وفاة يعقوب المنصور عام 1199م، لم يتم الانتهاء من البناء، ولم يقم أي من السلاطين الذين خلفوه بإكماله بسبب عدم اهتمامهم أو انشغالهم بمشاريع أخرى. كما تعرضت الدولة الموحدية لأزمات داخلية، مما أدى إلى انحدارها وسقوطها، وبعد ذلك جاءت الدول الأخرى لتتولى الحكم ولم تكن مهتمة بإكمال بناء المسجد بسبب انشغالها بمشاريعها الخاصة. في عام 1755، ضرب زلزال البلاد ووصل إلى منطقة الرباط، مما تسبب في تدمير أجزاء من مسجد حسان .
صومعة حسان اليوم تُعدُّ مزارًا سياحيًا، حيث تشهد على عظمة العمارة الإسلامية، وهي واحدة من أهم الآثار في العالم العربي، ويتوافد عليها السياح بكثرة كل عام .
معلومات عن صومعة حسان
اليوم تشير صومعة حسان غير المكتملة والأرضية الرخامية الشاسعة والأعمدة اليسرى والجدران الباقية إلى الأبعاد الضخمة للمسجد غير المكتمل، والذي كان من المفترض أن يمتد على مساحة 183 مترا، يقول خبراء التاريخ إن بناء هذا المسجد الضخم الذي لم يكن متوافقا مع حجم الرباط وهي بلدة صغيرة، يظهر طموح زعيمها لجعل المدينة عاصمتها الجديدة، بالنظر إلى موقعها الاستراتيجي بين عاصمة الإمبراطورية وقتها مراكش، وشبه الجزيرة الايبيرية، حيث أن أجزاء كبيرة فيها كانت تحت حكم الموحدي، وكان الطموح هو بناء مسجد على نطاق واسع من شأنه أن يتجاوز مسجد قرطبة الكبير الذي كان في ذلك الوقت عاصمة العالم الإسلامي الغربي .
تعد صومعة حسان، التي يبلغ ارتفاعها 44 مترا في السماء، مثالا مثاليا للفن المعماري المدهش في المغرب. يعكس هذا الصرح المستطيل، الذي كان من المفترض أن يكون ارتفاعه 88 مترا، الخشوع الذي كان لدى المغاربة تجاه المساجد منذ ظهور الإسلام. وليس من صدفة أن يظهر هذا الخشوع في نهاية القرن العشرين عندما تم افتتاح مسجد الحسن الثاني، واحدة من أكبر المساجد في العالم، والتي تضم أعلى مئذنة (210 متر)، في عام 1993 في الدار البيضاء. تتميز الصومعة بتزيينها الخارجي بالخط العربي الإسلامي الرائع، ولوحظ نفس الأنماط الجميلة في برج جيرالدا في إشبيلية، والتي كانت عاصمة لسلالة الموحدين في شبه الجزيرة الأيبيرية .
يتم الصعود إلى البرج من الداخل عن طريق سلالم، ما يبرز العبقرية المعمارية للمئذنة. سمحوا باستخدام الحيوانات لحمل الأحجار الثقيلة ومواد البناء اللازمة لبناء الجزء العلوي من البرج. تقول التقاليد إن صومعة حسان بنيت بتكليف من يعقوب المنصور وصممت بواسطة المهندس المعماري جابر. صممها على غرار مئذنة الكتبية التي صممها سابقا، وقام المهندس المعماري نفسه ببناء برج جيرالدا الشهير .