صفات القاضي اياس
يمتلئ التاريخ العربي بعدد كبير للغاية من النوابغ في كافة المجالات ، وقد ذاع صيت العلامة إياس بن معاوية المزني الذي قد تم تعيينه قاضيًا نظرًا لما كان يتمتع به من قدر عالي للغاية من الفطنة والذكاء ، وكان دائمًا ما يُضرب به المثل في الذكاء نظرًا لمدى قدرته على التصرف وإيجاد الحلول لأي مشكلة .
القاضي إياس
تم القيام بأكثر من بحث حول القاضي إياس، وأشارت العديد من كتب التاريخ إلى أن اسمه الكامل هو إياس بن معاوية بن قرة بن المزني، وكان يلقب بـ أبو وائلة، وولد في عام 46 هـ، وكان جده المزني أحد صحابة رسول الله، ويعد إياس أيضا واحدا من التابعين، وحرص والده على تعليمه القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، وكان يرسل من أجل الحصول على المعرفة في مختلف البلدان .
صفات إياس القاضي
ظهرت العديد من الصفات الفريدة التي تميز القاضي إياس عن أقرانه في نفس السن، ومن بينها:
-علمناه يظهر عليه علامات ذكاء ويقظة منذ صغره، ويروي البعض أنه عندما كان صغيرا وما زال في مرحلة التعلم، سمع أحد اليهود يصف المسلمين بأنهم أغبياء؛ لأنهم يزعمون أن أهل الجنة يأكلون الطعام ولا يتبرزون، فرد عليه إياس قائلا: “أليس كل ما تأكله تتبرزه؟.” فأجابه اليهودي قائلا: “لا”، فقال إياس: “إذا أنت لا تنكر أن كل ما يأكله أهل الجنة يجعله الله طعاما”، وهنا سكت الكافر وتوقف .
إياس كان يتمتع بقدرة غير عادية على العثور على الدليل والوصول إلى مرحلة اليقين والإقناع وبالتالي اكتشاف الحقيقة وإظهار الحق والعدل .
روى البعض أيضا أن إياس بن معاوية كان ذو رؤية صادقة، حيث قال في العام الذي توفي فيه، أنه رأى في حلمه أنه ووالده المتوفى كانا يسيران معا على فرسين دون أن يتقدم أحدهما على الآخر. وعاش والده 76 عاما، وفي آخر ليلة من حياة إياس، قال لمن حوله: `هذه الليلة استكمل عمر أبي وهو في الـ 76 سنة`، وتوفي في هذا اليوم، وكان ذلك تقريبا في السنة 122 ه .
تولي إياس بن معاوية القضاء
قام خليفة المسلمين عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه بإرسال رسالة إلى والي البصرة يسأله بأن يقوم بإجراء اختبار لكل من القاسم بن ربيعة الحرشي وبين إياس بن معاوية المزني ومن ينجح في هذا الاختبار يوليه على البصرة ، وقد كان هذا المنهج هو المتبع دائمًا في التعيين بالدولة الإسلامية .
وقد رغب القاسم في تعيين إياس لأنه أفقه منه ؛ فرفض إياس ، وقال هناك من هم خير مني ، وعندما ثبت ذكاء وفطنة إياس ، تم فرض وظيفة ومنصب القضاء عليه ، وهنا بكي إياس كثيرًا لأنه كان يعلم حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه ويعرف جيدًا بمدى ثقل تلك الأمانة وطلب من الخالق عز وجل التوفيق والسداد .
وقد كان إياس ضليعًا في ” القرينة القضائية ” التي تعني الوصول إلى أعمق بواطن الأمور من خلال الظواهر المتاحة وبالتالي اكتشاف الحقائق ، وقد حرص إياس منذ توليه القضاء على نصرة المظلوم وإعادة الحق إلى أصحابه وإقامة العدل بين جميع الناس والحكم فيما بينهم أيضًا بما تقتضيه الشريعة الإسلامية .