مقارنةمنوعات

الفرق بين الصيام والامساك

يجب على المسلمين الوعي التام بجوهر العبادات والسعي لفهم المقاصد التشريعية وتحرير المصطلحات وتوضيح الدلالات والمعاني الحقيقية لعلوم الشريعة الإسلامية، حتى يعبد الله على بصيرة ويتفوق على الذين يعبدون دون فهم المعاني الراقية والسامية الواردة في كل عبادة.

جدول المحتويات

مصطلح الصوم والإمساك

بناء على ما تم ذكره سابقا، قررنا أن نوضح الفرق بين المصطلحين `الصوم` و `الإمساك`، لأن الكثير يعتقد أنهما مترادفان ويحملان نفس المعنى والهدف. ومع ذلك، الواقع اللغوي يشير إلى وجود اختلاف كبير بينهما. لذا، يحاول أهل العلم بشكل متكرر تفسير هذا اللغط وتوضيح الفروق الدقيقة بين المصطلحين لتوضيح الأمور للمسلمين وإلقاء الضوء على جوانب ذهنية قد تكون غامضة للبعض في حياتهم اليومية.

يُظهر اختلاف المصطلحين بالتراث الإسلامي على دقتهما وصحتهما، ويثبت عمق اللغة العربية وثراء معانيها المتداولة بين القواميس المختلفة.

لا شك أن البعض يستخدم المصطلحين بنفس المعنى وذلك وفق المقولة المشهورة التي تقول: “الصوم لغة هو الإمساك”، مع العلم إننا لا يصلح الأخذ بهذه المقولة إلا في حالة الصوم الغير الشرعي، أي عندما نبتغي الصوم الذي لا يستهدف العبادة ولا يطلب منه طاعة لله، مثال على ذلك: الصوم بغرض إنقاص الوزن أو الصوم بغرض زيادة ورفع كفاءة اللياقة البدنية أو تنسيق القوام، وغير ذلك من أهداف الصوم الحياتية التي لا نبغي بها عبادة.

الفرق بين الصوم والإمساك بلسان العرب

عند حديث العرب عن الصوم، يقولون `الصوم هو ترك كل من الطعام والشراب والكلام والنكاح`. وقد وضع العالم بن منظور، الذي يعد من أكثر الخبراء في اللغة، تعريفا للصوم، وفيه يصفه على أنه عبارة عن الامتناع عن تناول الطعام والشراب والنية بالقلب. وبتعريف الشيخ الجليل، يمكننا رؤية أن الصوم يتضمن النية والامتناع.

إذا اعتبرنا التعريف السابق، فإن مفهوم الصوم يشمل مفهوم الإمساك، لأن النية والإمساك هما جزءان أساسيان من الصوم، وهذا ما يعكسه اللغة.

رأي الفقه في الفرق بين الصوم والإمساك

بالطبع هناك اختلاف، هل تعلم أن هناك اختلاف واضح بين مصطلحي الصيام والإمساك في الفقه؟ فقد قال ابن رشد الحفيد -عالم إسلامي توفاه الله عام 595هـ- إن الصيام عند فقهاء المسلمين يتألف من ثلاثة أركان، اتفقوا على اثنين من تلك الأركان وهما الامتناع عن كل ما يفطر والالتزام بالوقت، أما الركن الثالث فهو محل اختلاف بين الفقهاء وهو النية.

والشاهد هنا أن غالبية الفقهاء اتفقوا على أن أركان الصيام ثلاثة، وهي النية والامتناع والوقت. أشار إلى ذلك العالم ابن رشد الحفيد رحمه الله في قوله: `بداية المجتهد ونهاية المقصد`. وفي كتابه العظيم `إحياء علوم الدين`، أشار العالم الغزالي رحمه الله إلى أن الامتناع من الطعام والشراب واجب على الصائم. ومن هذا نستنتج أن الصوم لا يعتبر مجرد الامتناع بحسب علوم الفقه الإسلامي، فالامتناع هو واجب يجب اتباعه من قبل الصائم.

يجب علينا أن نشير إلى أن الصوم ليس مجرد الامتناع عن الأكل والشرب كما يعتقد البعض، بل يجب علينا النظر إلى الجوهر والمقصد الحقيقي لعبادة الصوم بعيدًا عن المظاهر الخارجية للشريعة الإلهية.

فالصوم في معناه الحقيقي هو الابتعاد والإمساك عن كل ما يتنافى مع التقوى وروح الإيمان، ولعل هذا هو سر قول الله عز وجل في كتابه الكريم: : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة:183).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى