اهمية الانضباط الذاتي
خلق الله تعالى شعوبا وقبائل مختلفة وجعل الاختلاط مع الإخوة والرفقاء والأصدقاء الصالحين أمرا أساسيا لاستقامة الحياة واستمرارها بشكل طبيعي. ومن هنا جاءت العديد من الضوابط التي تحتم على كل شخص أن يكون كريما ذو خلق وقادرا على التحكم في نفسه وفي انفعالاته عند التعامل مع الآخرين، حتى يكون قادرا على القيام بواجباته تجاه الآخرين والحصول على حقوقه بشكل متوازن، وهو ما يعرف في علم النفس باسم الانضباط والذي ينقسم إلى أكثر من نوع .
الانضباط الذاتي
الالتزام هو النظام، ويمكن تقسيم الالتزام بشكل أساسي إلى نوعين هما الانضباط الخارجي، الذي يهدف إلى توجيه مجموعة من الأفراد لاتباع سلوك جيد والابتعاد عن السلوك السلبي، والانضباط الذاتي، الذي ينبع من الفرد نفسه ويساعده على اتباع المعروف والابتعاد عن الشر، ويعكس قدرة الفرد على التحكم في رغباته والتغلب عليها .
فوائد الانضباط الذاتي في الحياة
يكون أي خلق صالح أو عمل إيجابي مفيدًا لصاحبه وللمجتمع والوطن بأكمله، وإذا تمكن كل فرد من تطبيق مفهوم الانضباط الذاتي بشكل صحيح، فسيكون ذلك عملاً هاماً وسيؤدي إلى الحصول على العديد من الفوائد التي لا تُحصى، مثل:
القدرة على التحكم في الانفعالات والسيطرة على الرغبات السلبية في النفس تجعل الإنسان متوازنًا وقادرًا على استخدام عقله في كل موقف يواجهه لاتخاذ قرارات صائبة وحكيمة، وحل أي مشكلة بسهولة ويسر بدون الاندفاع الطائش الذي يؤدي دائمًا إلى الندم والضرر .
-يجعل الفرد قادرًا على التفكير المنطقي طوال الوقت ؛ حيث أنه يوجد ثلاثة أنواع من الناس ، الأول هم الأشخاص الذين يُفكرون بالفعل ، والثاني هم الأشخاص الذين يعتقدون خطئًا أنهم يُفكرون ، والنوع الثالث هم الذين يمقتون التفكير ، ولا يتمكن من التفكير الصحيح إلا الشخص القادر على تحقيق الانضباط الذاتي .
-الانضباط الذاتي يُساعد الإنسان على أن يكون ذو أهداف مُحددة في حياته ، حيث أن الإنسان الذي يتسم بالتوازن النفسي والتوازن في التفكير هو الذي يكون قادرًا على وضع الهدف الذي يثق من قدرته على تحقيقه ويبدأ على الفور في وضع الية تنفيذه ، في حين أن فقدان الانضباط الذاتي قد يجعل الإنسان دون هدف ، وقد يجعله يضع أهداف خيالية لا يوجد أي علاقة بينها وبين الواقع .
عندما يكون لديك اتزان نفسي وقدرة على التفكير والتخطيط، فمن المؤكد أنك ستتمكن من إدارة وقتك بطريقة سليمة، وكثيرًا ما يضيع الكثيرون وقتهم دون وضع خطة عمل واضحة، مما يجعل وقتهم يذهب هباءًا دون أي فائدة، ولكن هذا مستحيل أن يحدث مع شخص يتمتع بالاتزان الذاتي .
-القدرة على تنفيذ مفهوم الانضباط الذاتي بشكل صحيح يجعل الإنسان قادرًا على أن يتحكم في شهواته وفي عاطفته ، وعلى سبيل المثال : عند رؤية أي شخص لطعام يُحبه ؛ من المؤكد أنه سوف يلتهمه بكميات كبيرة قد تضر بصحته أما الانضباط الذاتي فهو يجعل الإنسان قادرًا على قمع وكبح هذه الرغبة بقوة .
العمل الجاد المتقن والرغبة الدائمة في تعلم كل ما هو جديد هي من أهم صفات الشخص المنظم لذاته، حيث يتخلص من العشوائية في حياته ويقوده عقله دائمًا إلى تحقيق الإنجازات والنجاحات الهامة في حياته، والتي تقوده في نهاية المطاف إلى تحقيق أهدافه .
فرصة تعرض الشخص المنضبط نفسيا وذاتيا للأمراض النفسية والاكتئاب تكون أقل. فكم من شخص تعرض لصدمات عاطفية وأحداث نفسية في حياته، وتسببت في اضطرابات نفسية خطيرة في كثير من الأحيان، وأدت إلى حالات انتحار وفشل في الحياة وأخطاء كبيرة أخرى، بسبب عدم وجود مستوى كاف من التنظيم الذاتي .
يزيد الانضباط النفسي من ثقة الإنسان بنفسه وجرأته وشجاعته في مواجهة جميع المواقف التي يواجهها في حياته بقوة وصمود وإصرار على النجاح وتحقيق الأهداف .
وأخيرًا، يجب أن نتذكر أن الانضباط الذاتي والقدرة على تحقيق التوازن النفسي والعقلي والعاطفي والسلام الداخلي ينبع بشكل أساسي من الإيمان القوي بالله واليقين في كرمه والخشية منه .