ايهما اسبق الشعر ام النثر
الشعر والنثر من الفنون التي عُرفت منذ قديم الزمان، واختلف الكثير من الباحثين والدارسين العرب، القدماء والمحدثين، في معرفة من أسبق الشعر أم النثر، واختلفوا أيضًا في توضيح الفروق والتفضيل بين كلاهما، وجاء الإختلاف أيضًا في توضيح حقيقة إذا كان هناك نثر حقيقي قبل وجود الإسلام، ولكن بالبحث وجد الباحثين العديد من الخطب والأمثال التي تشير إلى وجود هذان النوعين من الفن منذ قديم الزمان.
ما المقصود بالشعر والنثر
الشعر هو الكلام الموزون بالقافية، وجمع كلمة شعر أشعار، والمقصود به، الترهيب والترغيب، وله العديد من الأنواع من بينها الشعر المنثور، وهو نوع من أنواع الشعر التي تتكون الأبيات الخاصة به من كلمات بها سجع، وتكون على طريقة كتابة الشعر، في نفس أسلوب الشاعر الخاص بالتخيل من أجل التأثير في القارئ، ولكن يكون دون وزن معين.
النثر هو كلام متناسق ومنسق بشكل جيد، يتم كتابته بدون الحاجة إلى قوافي أو وزن محدد، وهذا يختلف عن الشعر المنظوم الذي يعتمد على القياس والترتيل. ويطلق على الكاتب الذي يجيد كتابة النثر اسم “ناثر.
أيهما أسبق الشعر أم النثر
اختلف الباحثين في تحديد ذلك، وانقسموا إلى فريقين :
في عام 1804، قام الدكتور زكي مبارك بتمثيل الفريق الأول، وفي أطروحته المعروفة بعنوان `النثر الفني في القرن الرابع الهجري`، أوضح أنه في الواقع كان هناك نثر فني في العصر الجاهلي، وكان يتمتع بالعديد من الخصائص والقيم الأدبية والفنية. على الرغم من وجود ظروف أدت إلى فقدان الكثير من هذا النثر، إلا أن الدليل على ذلك هو قوله: `ما تكلمت به العرب من جيد المنثور أكثر مما تكلمت به من جيد الموزون، فلم يحفظ من المنثور عشره، ولا ضاع من الموزون عشره`. واعتمد الدليل الذي قدمه هو القرآن الكريم، حيث يرون أنه يقدم صورة عن شكل النثر وحالته السابقة لظهور الإسلام وقبل عصر التدوين. فلا يمكن تصور أن القرآن الكريم يخاطب الناس إلا بأسلوب الكلام الشائع المعروف لديهم.
أما الرأي الثاني، فإنه ينفي وجود أي نثر فني في العصر الجاهلي، ويمثل هذا الرأي الدكتور طه حسين، وقد شكك في صحة شعر الجاهليين قبل أن يشكك في صحة وجود نثر لديهم. واستدل على ذلك بأن الحياة الأولية كانت بسيطة للعرب قبل الإسلام، ولكنها لم تسمح لهم بوجود أي تجربة فنية تنمو وتتطور.
الفرق بين الشعر والنثر
يمكن توضيح ميزات الشعر عن النثر من خلال عدة نقاط، ومنها:
عند كتابة الشعر، يتكلف صاحبه في تنظيمه وكتابته بدقة، حيث يهتم بالوزن والقافية، بينما لا يتكلف النثر صاحبه ولا يستغرق وقتًا، إذ لا يرتبط بوزن أو قافية، ولذلك يعتبره بعض الأشخاص أسوأ من الشعر.
الشعر يعرف بأنه كنز العرب، بينما النثر لا يعتبر كذلك، ذلك لأن الشعر منذ القدم كان مرتبطا بحفظ مجد العرب ومفاخرهم وعاداتهم وتقاليدهم.
ـ الشعر يتلائم دائمًا مع الموسيقى، لذلك فهو المصدر الغناء والموسيقى، فنجد أن موضوع الشعر بحد ذاته هو مصدر للغناء، ولكن على المقابل فأن النثر لا علاقة له نهائيًا بالغناء والموسيقى، ولذلك فأن أنصار النثر يقولون أن الشعر هو نوع من الفن واللهو، وأنه لا يصلح لأي غرض من أغراض الحياة الضرورية، بينما يصلح النثر لكافة جوانب السياسة والخطاب.
عندما يكتب النثر، يمكنه أن يفعل ذلك وهو واقف أو جالس، أما الشاعر فعندما يريد الإلقاء فيجب أن يكون واقفًا.