من هم الرسل الثلاثة المذكورين في سورة يس
سورة يس هي إحدى السور القرآنية التي تحمل في آياتها الكثير من العبر. ولذلك، فإن فضل سورة يس عظيم كسائر سور القرآن الكريم. وقد قيل عنها أنها قلب القرآن. وكانت بدايتها تأكيدا لرسالة الرسول وتصديقا لما جاء به، حيث يقول المولى عز وجل: “يس، والقرآن الحكيم، إنك لمن المرسلين، على صراط مستقيم، تنزيل العزيز الرحيم”. وتحتوي السورة على قصة أصحاب القرية وثلاثة من الرسل الذين أرسلوا من أجلهم، وتحمل القصة عبرة عظيمة لمن يعتبر.
قصة أصحاب القرية
في هذه القصة يقول الله عز وجل: `واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون (13) إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون (14) قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون (15) قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون (16) وما علينا إلا البلاغ المبين (17) قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم (18) قالوا طائركم معكم أئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون (19).
تذكر أن هذه القصة تتحدث عن قرية أنطاكية، وسكان القرية كانوا يكفرون بالله تعالى. أرسل الله رسولين لهم، لكنهم كذبوا الرسولين ولم يؤمنوا. أرسل الله رسولا ثالثا عسى أن يعودوا إلى الله، ولكن موقف أهل القرية لم يتغير بوجود الرسول الثالث. رفضوا رسالة الرسل ونبوتهم، واتهموهم بالتشاؤم وتهديدوهم بالقتل. أكد الرسل أن هذا التشاؤم يأتي من داخلهم وأنهم قوم يرتكبون الظلم والعدوان.
الرسل الثلاث في سورة يس
هناك خلاف بين المفسرين حول هؤلاء الرسل ، ولقد ورد عن ابن جريج عن وهب بن سليمان عن شعيب الجبائي أن اسم الرسولين اللذين أرسلهما الله لأهل القرية في بداية الأمر هما شمعون ويوحنا ، أما الرسول الثالث فكان يُدعى بولس ، وقد قيل أن المسيح عليه السلام هو الذي أرسل الرسل الثلاثة إلى أنطاكية التي تُعتبر من أقدم مدن الشام من أجل نشر الدعوة إلى الله فيها ، ولكن من الراجح عند العلماء أن قصة أصحاب القرية قد وقعت قبل أن يأتي المسيح عليه السلام ، وبذلك فإن هؤلاء الرسل لم يكونوا مرسلين من قِبل المسيح ولكن أُرسلوا من عند الله عزّ وجل.
تم وصف الآيات الكريمة لتظهر قوة إيمان الرسل وصبرهم على أهل القرية الظالمة، وتنتهي القصة بظهور رجل في منطقة بعيدة عن القرية. عندما سمع دعوة الرسل، أدخل الإيمان قلبه بدون شك. يقال أن هذا الرجل كان نجارا يدعى حبيب النجار. التقى الرسل الثلاثة ليتعلم منهم الإيمان وأصبح داعية بعدها، وجزاء من الله تعالى، يفوز بجنات النعيم ويتمنى أن يعلم قومه بفضل ربه.
وقال الله تعالى في قصة هذا الرجل المؤمن `وجاء رجل مؤمن من أقصى المدينة يسعى قائلا يا قوم اتبعوا المرسلين، اتبعوا الذين لا يطلبون منكم أجرا وهم مهتدون، وما لي لا أعبد الذي خلقني وإليه سأعود، هل أتخذ من دونه آلهة؟ إن يريد الرحمن بي ضرا، لا يمكن أن تنفعني شفاعتهم شيئا ولا ينقذونني، إني إذا في ضلال مبين، إني آمنت بربكم فاسمعوني، قيل له ادخل الجنة، قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين.
بعد أن أعلن هذا الشخص إيمانه وتصديقه للرسل ودعوته للإيمان بما جاءوا به، قام أهل القرية بقتله بسبب إيمانه بهؤلاء الرسل. ولكن هذا الشخص انتقل من الحياة الدنيوية إلى جنات النعيم الأبدية. يذكر أن الله انتقم من أهل تلك القرية دون أن يرسل لهم رسلا إضافيين، إذ أمر جبريل بإصدار صيحة واحدة فقط، مما جعلهم يشعرون بالخوف الشديد ويموتون جميعا لهذا السبب. يقول الله تعالى: `وما أنزلنا علىٰ قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين * إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون.