مراحل تطور الساعات عبر الزمن
الزمن شبيه بالسيف، إذا لم تقطعه فسيقطعك، هذا المثل واحد من أشهر المثل في العالم العربي، ومنذ الحضارات القديمة كان للإنسان فضول كبير بشأن الزمن وكيفية تحديده وقياسه وتنظيمه. ووصل هذا الاهتمام إلى ذروته في القرن الخامس عشر، حيث تطورت التكنولوجيا وسمحت للناس بامتلاك ساعاتهم والتنقل بها في كل مكان. وصنعت الساعات الشمسية والرملية والمعلقة على الحائط والرسغ والمتنقلة في الهواتف المحمولة وغيرها، وما زال الإنسان يحاول اليوم قدر المستطاع ضبط وقياس الزمن.
تطور الساعات بين القرن الثالث عشر والسادس عشر
في عام 1275، تم اختراع أول ساعة ميكانيكية في إنجلترا، وتم العثور بشكل فعلي على واحدة من أقدم الساعات التي تعمل في كاتدرائية سالزبوري، والتي اكتمل صنعها وعملت في عام 1386،وتخبر هذه الساعة الوقت عن طريق الرنين في كل ساعة، وعلى الرغم من أنها لا تمتلك شكلًا محددًا.
في بداية القرن الثالث عشر، تم بناء ثلاث ساعات ميكانيكية في إيطاليا. كانت إحداها ساعة فلكية، وتدق الجرس في الساعة الثانية، وتتتبع الساعة الثالثة حركة الشمس وأيام الشهر. مع مرور الوقت، استمر الحدادون في صنع وبناء الساعات مع أجراس عالية، حتى أصبح بإمكان كل منزل في البلدة سماعها.
في القرن السادس عشر، تم استبدال الحديد الذي كان يستخدم سابقا في بناء الساعات بالنحاس والفضة والبرونز. وفي الأربعينيات من القرن الماضي، ظهرت الساعة السويسرية نتيجة تشجيع المصلح جون مالفين للناس على ارتداء المجوهرات. وهذا الأمر أدى إلى تعلم تجار المجوهرات حرفا جديدا، فقاموا بصنع الساعة في عام 1574. تم إنشاء أول ساعة جيب معروفة ووضع صورة دينية على وجهها وعلى ظهرها لكسب رضا المصلح جون مالفين وغيره من رجال الدين المسيحي في سويسرا. وكانت هذه الساعة مصنوعة من البرونز.
تطور الساعات من بين القرن السابع عشر والتاسع عشر
الساعة البندول
حصلت الساعة ذات البندول على براءة اختراع سنة 1656، والذي قام باختراعها هو كريستيان هيغنز، ولكنه قام بدراستها لأول مرة من قبل غاليليو سنة 1602، لقد ساعدت الساعة صاحبة البندول الانحراف في الوقت إلي حوالي 15 ثانية في اليوم بالنسبة للساعة الدقيقة الموجودة في الوقت الحالي، كما ساعد بندول الساعة العملاء في قياس قوة الجاذبية التي تسبب حركة البندول داخل الساعة.
قد درس العلماء حركة البندول لمعرفة المزيد عن جاذبية الأرض، وفي هذا السياق ، ساهم إسحاق نيوتن بشكل كبير في تطور بندول الساعة لقياس شكل الأرض بفضل قوة حركة البندول. على مر السنين، لم يستخدم البندول للأغراض الحياتية، ولكنه كان يستخدم فقط للأغراض العلمية، وكان مثاليا في الحفاظ على الوقت بدقة أكبر.
ساعات الجيب
ظهرت الساعات الجيب في أواخر القرن السادس عشر، ولكنها أصبحت شائعة وأفضل في عام 1680، حيث تمت إضافة الأيدي الدقيقة للساعات، وظهرت اليد الأولى بعد عشر سنوات من إنتاج الساعات الجيب، وتم استبدال الساعة الجيب بساعة على شكل قلادة.
يقال إن هذا التغيير قد حدث بعد أن قام ملك إنجلترا تشارلز الثاني بإحضار صدريات إلي البلاد هذا الموضوع جعل هناك تغير كبير في الموضة في إنجلترا، فبدأ الناس في التغيير من شكل الساعة وجعلوا شكلها مسطح وله بعض المنحنيات حتى يتجنبوا الحواف الحادة البارزة التي من الممكن أن تتلف الملابس، وتم تغطية وجه الساعة بالزجاج سنة 1610 حتى تحمي الساعة من التلف.
التقدم ناحية ساعات اليد
منذ عام 1700، أصبح امتلاك ساعة أمرا سهلا وانتشرت بشكل واسع، حيث استطاع المصنعون إنتاج ساعات بأحجام وأشكال متنوعة، بما في ذلك ساعات الجلد وساعات المائدة المزخرفة. نظرا لزيادة شعبية الساعات وتزايد عدد المصنعين، دفع ذلك إلى تطوير التكنولوجيا المستخدمة في الساعات. وفي سبيل هذا التطور، تم اختراع أول آلة لف ذاتية في عام 1770 من قبل المخترع أبراهام لويس بيريليت، وقد ابتكر جان أنطوان حركة آلية للآلة في عام 177.
هذا الأمر سمح لصانعي الساعات أن ينتجوا ساعات ادق، وطور السويسريون بضع المواسير الاسطوانية في أواخر القرن التاسع عشر التي ساعدتهم في عمل ساعة أدق وبالنسبة للوقت، حيث تم عمل تصميم داخلي وخارجي جعل الساعة أرق وأكثر دقة في نفس الوقت، وهذه التطورات قادتهم نحو صناعة صناعة يد شخصية.
أول ساعة اليد
في عام 1812، كانت الملكة كارولين بونابرت، ملكة نابولي في إيطاليا، وهي شقيقة نابليون بونابرت، امرأة طموحة وذكية جدا، وكان لديها اهتمام كبير بالذوق والأناقة، وكانت تحب الاهتمام بالأثاث الجميل والحدائق وتصاميمها المختلفة والمجوهرات. بسبب حبها للمجوهرات وتصميمها، قادتها هذه الاهتمامات للدخول إلى عالم صناعة الساعات حيث قدم لها أبراهام لويس بريجيت، صانع ساعات سويسري فرنسي الجنسية، أول ساعة يد تم صناعتها في التاريخ، وقد قام بريجيت بصناعتها بنفسه.
رغم ضياع الساعة الأولى، إلاأن هذا لم يمنع تطور الساعات عبر الزمن.
بداية شعبية ساعة اليد
لا شك أن صُنع ساعات اليد للسيدات يجعلها شيئًا مهمًا لتصبح موضة في هذا العصر، ولهذا سعت النساء في القرن التاسع عشر إلى الحصول على ساعات يد، وجعلت منها شيئًا خاصًا بالنساء فقط على مدار القرن بأكمله.
أثرت الحرب العالمية الأولى على هذه الفكرة بشكل كبير، ولم تكن الساعات اليدوية حكرا على النساء فقط، فقد كان لتأثير الساعات أهمية كبيرة في ساحة المعركة، حيث كان يطلب من الجنود حمل العديد من المعدات على أجسادهم وفي أيديهم، وكانت ساعة الجيب من هذه المعدات المهمة التي كان يحملها الجنود. لذلك، كانت الساعة اليدوية أكثر فاعلية من ساعة الجيب في هذا الوقت، وقد أوصى الجنود باستخدام الساعات اليدوية حتى لا تكون لها جيوب خاصة بها.
استخدمت القوات الألمانية الساعات المعصم منذ عام 1880م، ولكن لم يبدأ الانتشار الكبير حتى عام 1910م عندما بدأ جنود الجيش الأمريكي في ارتداء ساعات رياضية. كانوا يحملون هذه الساعات ويعتادون ارتدائها أثناء العودة إلى منازلهم، وكان الجنود يظهرون بقوة بارتدائهم للساعات في الصور. استغل المصنعون هذا الأمر واستخدموا إعلانات عملية لإيصال فكرة أن ارتداء الساعة تعزز الطابع الذكوري. منذ ذلك الحين انتشرت الساعات لكلا الجنسين، وبدأت رحلة التطوير حتى ظهور الساعات الرقمية.
الساعات الرقمية
شهدت الساعات تطورًا كبيرًا حيث أصبحت رقمية، ومع ظهور الهواتف الذكية ظهرت الساعات التي تتصل بالهاتف المحمول، وما زال هناك العديد من الابتكارات في ساعات اليد، ولم تعد مقتصرة فقط على معرفة الوقت.