تعريف الجائحة
الجائحة هي عدوى أو أفة أو ريح أو مطر أو غيرها من الأمور التي يمكن أن تؤثر على النباتات والحيوانات وتسبب الضرر، وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطريقة الصحيحة للتعامل مع انتشار مثل هذه الأمور .
ماهي الجائحة
المقصود بالجائحة هي الآفة البعيدة عن صنع الإنسان ، أو التي ليس له يد فيها مثل البرد ، أو الرياح العاتية ، والعطش ، والجراد ، وأما من كان من صنع الإنسان وتسبب في الضرر فيجب عليه التعويض عما أحدثه من أضرار ، وذلك لما صح عن جابر رضي الله عنه أن الرسول عليه الصلاة والسلام قضى في الجائحة ، وتبعاً لمنظمة الصحة العالمية فإن الجائحة هي المرض الذي يجتاح مناطق واسعة ، وينتشر بين عدد كبير من الأشخاص مثل الأوبئة .
حكم وضع الجوائح
يوجد حالتان بالنسبة لوضع الجوائح وهما :
لو وقعت الجائحة قبل قبض المال
لا يحق للبائع في هذه الحالة أن يأخذ المال، وذلك لما قاله النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عندما ذكر جابر بن عبد الله رضي الله عنه في حديثه: (إذا باع أخوك ثمرةً وأصابتها جائحةٌ، فلا يحل لكَ أن تأخذَ منه شيئًا، فكيف تأخذُ مالَ أخيك بغيرِ حقٍ) وهذا الحديث مروي في صحيح مسلم .
لو وقعت الجائحة بعد قبض المال
إذا هلك الشيء الذي تم بيعه بعد الشراء، سواء بفعل المشتري أو الآفات أو البائع أو لأي سبب آخر، فإن العقد لا ينفسخ، ويتحمل المشتري الضرر لأن المسؤولية عن الشيء خرجت من عهدة البائع .
وفي ذلك ثلاثة أقوال :
- القول الأول : هذا هو مذهب المالكية. وكان يتبع هذا القول، وهو أيضا مذهب الظاهرية والحنابلة. قالوا جميعا إذا تلفت الثمار بدون تقصير من المشتري، فإن البائع يتحمل تبعات ذلك، إلا إذا كان الإهمال ناتجا عن المشتري. وقد استدلوا بهذا الحديث الذي رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: `أمر بوضع الجوائح`. وروي هذا الحديث عن النسائي وأبو داود. وقالوا: إن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح، وهذا يدل على أن المسؤولية تقع على البائع وليس على المشتري. وهذا ما ذكر في شرح الإمام مسلم رحمه الله لحديث الرسول الكريم .
وأما من حيث النظر فقالوا : إذا لم يستلم المشتري الثمرة بشكل كامل، فلا يتحمل المسؤولية عن ما ليس بملكه بالكامل، وهذا هو رأي الإمام ابن القيم .
- القول الثاني : وفقاً لمذهب الشافعية والحنفية والليث بن سعد، فإنه إذا تمت البيعة فلا يوجد شيء ملزم على البائع، ولا يجب على المشتري الإلزام بأي شيء بعد الانتهاء من العقد. ويرجع ذلك لتفسير الحديث بوجهين وهما:
الوجه الأول : الهدف من الحديث الشريف عن وضع الجوائح هو المحبة والمساعدة المتبادلة بين المسلمين، وليس الإجبار والحكم .
الوجه الثاني : إذا قام البائع ببيع منتج يعتقد صلاحيته ولم يكن على علم بتفشي الجائحة، فإن البيع يكون بضمان المشتري ولا يتحمل البائع أي مسؤولية .
واستدلوا بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام : (إذا منع الله الثمرة، فكيف يستحل أحدكم مال أخيه؟) .
واستدلوا كذلك : بعد وضع الجوائح، يتحمل المشتري الضمان، وذلك بموجب ما ذكره الإمام مسلم عن أبي سعيد الخدري، حيث قال: “إن رجلا اشترى ثمارا وأصيب بأذى منها، فزاد دينه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تصدقوا عليه، فتصدق الناس عليه، فلم يستطع الرجل سداد دينه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للغرماء: خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك.” هذا الحديث رواه مسلم .
فهذا الحديث الشريف لم يحدد تلف الثمار بالآفات ، ولكنه قال : ( أصيب في ثمار ابتاعها ) ، ويمكن أن يكون ذلك بسبب شراء الثمار بأعلى من ثمنها ، أو يكون قد اشتراها بأقل من سعرها ، أو يكون قد تعرض لآفة من الآفات، أو تعرض للسرقة على سبيل المثال ، ولا يشترط أن تكون آفة مما يدخل في وضع الجوائح .
- القول الثالث : ورد عن الإمام مالك أن الجائحة لا تعتبر مؤذية إذا تسببت في تلف أقل من ثلث الثمار، ولا يتحمل المشتري المسؤولية عند تلف أقل من ثلث الثمار، ولكن إذا تجاوزت نسبة التلف الثلث في هذه الحالة يتحمل المسؤولية البائع، ويتفق المالكية مع هذا المبدأ بقولهم ( الثلث والثلث كثير )، ويقصدون أن هذا المبدأ ينطبق على العديد من الأشياء .
في حالة تعرض الثمار للضياع بنسبة تزيد عن ثلثها نتيجة للجائحة أو الكارثة، يكون الضمان على البائع وليس على المشتري. وفي حالة ضياع الثمار بنسبة أقل من الثلث، لا يعتبر ذلك ضمانًا ويكون المشتري مسؤولًا عنه. ويشكر الإمام أبو داود الله على بقاء الثلثين المتبقيين .
رأي منظمة الصحة العالمية في الجائحة
يتم اعتبار حدوث جائحة وفقًا لمنظمة الصحة العالمية عند توفر ثلاثة شروط، وهي:
- يمكن أن يظهر أحد الأمراض الجديدة على السكان .
- يمكن أن يصيب المرض البشر وتظهر عليهم أعراضه الخطيرة .
- انتشاره بسهولة ولفترة طويلة بين البشر .
تصنيفات الجوائح
يمكن تقسيم الأوبئة إلى 6 مراحل وفقًا لمنظمة الصحة العالمية وهي:
المرحلة الأولى : هذا الفيروس يصيب الحيوانات ولا ينتقل بين البشر .
المرحلة الثانية : يصيب فيروس الحيوانات وينتقل العدوى للإنسان .
المرحلة الثالثة : هو فيروس يسبب بعض الإصابات المتفرقة لمجموعات صغيرة، ولكن يمكن أن يؤدي إلى وباء إذا انتشر بين الناس .
المرحلة الرابعة : يحدث التعرض لوجود وباء بشكل قريب ولكنه غير مؤكد، ومن الممكن أن ينتشر الوباء بين المجتمع المحلي .
المرحلة الخامسة : تنتقل العدوى من شخص لآخر، ويمكن أن تنتقل بين بلدين قريبين من بعضهما في نفس المكان الجغرافي، حيث يتم تحديده بواسطة منظمة الصحة العالمية .
المرحلة السادسة : الوباء الذي ينتشر عالميًا، وتنتشر العدوى بين بلدان لا تقع في نفس المنطقة الجغرافية، وذلك حسب توزيع المناطق المتبع من قبل منظمة الصحة العالمية .
ومن أمثلة الأمراض التي مثلت وباء في فترات زمنية مختلفة : الإنفلونزا، والتيفوئيد، والكوليرا، والطاعون،والملاريا، والسل، والجذام، والحمى الصفراء. وأخيرا فيروس كورونا .