تحليل الاجسام المضادة للغدة الدرقية
هناك العديد من الغدد الهامة في الجسم التي خلقها الله تعالى في كائنات الحياة لإنتاج بعض المواد الكيميائية الهامة المعروفة بالهرمونات. تعمل هذه الهرمونات على تنظيم وتنفيذ العديد من العمليات الحيوية والفسيولوجية في الجسم وتساهم في الحفاظ على الصحة العامة. تعد الغدة الدرقية واحدة من أهم الغدد الصماء الموجودة في جسم الإنسان .
الغدة الدرقية
الغدة الدرقية Thyroid gland هي واحدة من أهم الغدد في الجسم لأن هي المسؤولة عن إفراز بعض الهرمونات التي تنظم معدل الأيض والحرق بالجسم وتحافظ على عدد كبير من أنشطة ووظائف الجسم أيضًا ، وقد أشار العلماء إلى أن الغدة الدرقية تُفرز أكثر من هرمون هما هرمون الثيروكسين T4 وهرمون T3 وتفرز أيضًَا هرمون الكالسيتونين .
ونظرا لأن الجسم يعمل بالكامل وفقا لتوجيهات الجهاز العصبي المركزي، فإن هناك غددا أخرى في المخ مسؤولة عن تنظيم عمل الغدة الدرقية، وهي المنطقة الموجودة تحت المهاد والغدة النخامية، حيث تفرز المنطقة تحت المهاد (الهيبوثالامس) هرمونا يسمى TRH أو هرمون إفراز الثايروتروبين المعروف باللغة الإنجليزية بـ Thyrotropic releasing Hormon .
يعمل هرمون TRH على تحفيز الغدة النخامية لإفراز الهرمون المنشط للغدة الدرقية TSH، الذي يعمل بدوره على تنشيط الغدة الدرقية لإفراز هرموناتها الأساسية .
خلل الغدة الدرقية
أما خلل الغدة الدرقية ؛ فهو أحد أشهر الاضطرابات الصحية التي تُصيب عدد كبير جدًا من الأشخاص والتي قد تكون ناتجة عن نقص إفراز هرمونات الغدة أو زيادة إفرازها وفرط نشاطها ، حيث أنها في حالة زيادة نسبة هرمون TSH عن المعدل الطبيعي في الجسم ؛ يكون ذلك دليل على وجود قصور في معدل إفراز هرمونات الغدة ، وبالتالي ؛ يقوم الجسم بإفراز هذا الهرمون من أجل تنشيط الغدة .
والعكس صحيح ؛ حيث أنه إذا أشارت نتائج الاختبارات إلى أن نسبة الهرمون المحفز للغدة الدرقية TSH أقل من الطبيعي ؛ فإن ذلك يكون دلالة أيضًا على حدوث زيادة في معدل إفراز هرمونات الغدة الدرقية ، وبالتالي يقل إفراز الهرمون المحفز كمحاولة من الجسم من أجل تقليل الارتفاع الحادث في معدل إفراز هرمونات الدرق .
تحاليل الغدة الدرقية
إذا ظهرت على المريض أعراض قصور الغدة الدرقية، سواء زيادة أو نقص في نشاط الغدة، ينصح الطبيب المريض بإجراء اختبارات للغدة الدرقية، بما في ذلك قياس مستوى الهرمونات التالية:
- الهرمون المُطلق للثايروتروبين TRH .
- الهرمون المحفز للغدة الدرقية TSH .
- هرمون الثروكسين T4 أو Free T4 .
- هرمون T3 أو Free T4 .
- هرمون الكالسيتونين .
بناءً على نتائج الاختبارات، يحدد الطبيب سبب القصور الدرقي ويبدأ الخطة العلاجية الصحيحة مع المريض .
اختبار الاجسام المضادة للغدة الدرقية
يُعرف الاختبار الذي يتم فيه فحص الأجسام المضادة لإنزيم البيروكسيداز الدرقي علميًا باسم Anti thyroid peroxidase antibodies، إذ يُعد هذا الإنزيم أحد الإنزيمات التي تفرزها الغدة الدرقية وتلعب دورًا هامًا في إنتاج الهرمونات الدرقية .
يُعرف إنزيم البيروكسيداز الدرقي باسم TPO، ويساعد اختبار الأجسام المضادة على تحديد ما إذا كان هناك أجسام مضادة لهذا الإنزيم أم لا، ويتم استخدام هذا الاختبار بشكل شائع عند وجود أي خلل في الغدة الدرقية عند المريض ولا يمكن التعرف على سببه، ويحتاج الأطباء إلى هذا الاختبار دائمًا في مثل هذه الحالات .
تفسير نتائج اختبار الأجسام المضادة لـ TPO
إذا كانت نتائج اختبار الأجسام المضادة للإنزيم البيروكسيداز الدرقي إيجابية وأشارت إلى ارتفاع نسبة تلك الأجسام المضادة في الجسم ؛ فإن ذلك يكون دليل مؤكد على إصابة المريض بأحد أمراض المناعة الذاتية مثل مرض غريفز ومرض هاشيموتو ؛ حيث أن أمراض المناعة الذاتية هي عبارة عن خلل يُصيب الجهاز المناعي يؤدي إلى قيامه بإنتاج أجسام مضادة تُهاجم أحد المواد الطبيعية في الجسم مثل إنزيم TPO .
إذا كانت نتيجة الاختبار سلبية، أي لا توجد أجسام مضادة، فهذا يشير إلى عدم وجود أمراض مناعة ذاتية وأن هناك سببًا آخر أدى إلى قصور الغدة الدرقية .
متى يجب إجراء اختبار TPO
قد يطلب الطبيب إجراء اختبار الأجسام المضادة لإنزيم البيروكسيداز الدرقي في الحالات التالية:
يمكن أن يحدث التهاب شديد وقصور واضح في وظائف الغدة الدرقية، وخاصة إذا لم يكن هناك أسباب أخرى واضحة لهذا القصور .
في حالة الحمل، إذا كانت المرأة تعاني من بعض الأمراض المناعية الذاتية، يجب إجراء هذا الاختبار للتأكد من عدم وجود أي عيوب خلقية في الجنين، وخاصة أن قصور الغدة الدرقية يؤثر سلبًا على تطور الجنين العصبي خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل
تأثير الأجسام المضادة للغدة الدرقية على الخصوبة
عادة ما يستخدم الأطباء المتخصصون في أمراض النساء والتوليد اختبار الأجسام المضادة لإنزيم البيروكسيداز الدرقي لتوجيه النساء اللواتي يعانين من تأخر في الإنجاب بدون أسباب واضحة؛ حيث يؤثر وجود هذه الأجسام المضادة في الجسم سلبا على عملية التبويض وانتظام الدورة الشهرية، مما يتسبب في تأخر حدوث الحمل .
لذلك، إذا كانت نتائج التحليل تشير إلى ارتفاع نسبة هذه الأجسام المضادة في الجسم، يبدأ الطبيب في وضع خطة علاجية محددة مع المرأة لتقليل نسبة هذه الأجسام المضادة، ومن ثم تعزيز فرص حدوث التبويض والحمل .
شروط اختبار الأجسام المضادة للغدة الدرقية
هناك مجموعة من الشروط التي يجب مراعاتها عند إجراء اختبار الأجسام المضادة للغدة الدرقية وإنزيم البيروكسيداز الدرقي، مثل:
ينبغي سحب عينة دم من وريد المريض وإضافتها إلى أنبوبة اختبار خالية من مضادات التجلط أو سحبها على أنبوبة تحتوي على جل؛ حيث يساعد الجل في الحصول على مصل دم نقي وسليم، ويجب إرسال العينة إلى المختبر المختص بإجراء الاختبار فورًا .
يجب فصل عينة الدم باستخدام أحد أجهزة الطرد المركزي على الفور وخلال ساعة واحدة من سحب العينة، للحفاظ على سلامة مصل الدم أو السيرم والحصول على نتائج الاختبار بدقة .
-تفسير نتائج اختبار الأجسام المضادة للغدة الدرقية لا بد أن يتم بواسطة الطبيب المُعالج فقط ؛ لأنه يتمكن من خلال نتائج الاختبار مع الفحص السريري للمريض وبعض الاختبارات والفحوصات الطبية الأخرى من الوصول إلى التشخيص الدقيق والصحيح وإلى حالة المريض والدلالة المرضية لكل نسبة والخطة العلاجية المناسبة لكل مريض أيضًا .
إذا كانت نسبة الأجسام المضادة للغدة الدرقية في دم المريض أعلى من 40 بشكل كبير ، فمن الضروري الالتزام بالخطة العلاجية التي يضعها الطبيب ، وإعادة الاختبار مرة أخرى بعد البدء بالعلاج للتأكد من استجابة الجسم للعلاج وتحسن نسبة الأجسام المضادة .
لا يتطلب تحليل الأجسام المضادة للغدة الدرقية الصيام أو التوقف عن تناول أطعمة أو مشروبات محددة قبل أخذ العينة، ويمكن أخذ عينة الدم من المريض في أي وقت خلال اليوم .