اسلامياتشخصيات اسلامية

الفراسة عند الشافعي

الإمام الشافعي هو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي المطلبي القرشي، ولد في السنة 150 هجرية، وهو واحد من الأئمة الأربعة البارزين عند أهل السنة والجماعة. يعتبر الإمام الشافعي مؤسس مذهب الشافعي في الفقه الإسلامي، وهو أيضا الشخص الذي أسس أصول الفقه. يتميز الإمام الشافعي بذكائه العالي ولباقة لسانه، وحكمته وعدله في التعامل مع الناس. قال العلماء، وبخاصة الإمام أحمد بن حنبل، عنه: (كان الشافعي كالشمس للدنيا وكالعافية للناس).

السيرة الذاتية للإمام الشافعي

ولد الإمام الشافعي في عام 150 هجرية في مدينة غزة في فلسطين، ثم انتقلت عائلته إلى مدينة مكة عندما كان عمره سنتين. قام بحفظ القرآن الكريم كاملا وهو في سن الأربع سنوات، وبدأ في طلب العلم في مدينة مكة قبل أن يبلغ العشرين من عمره .

وبعد ما بلغ سن العشرين قام بالهجرة من مكة إلى المدينة المنورة ، وكان يريد الإمام الشافعي أن يتعلم عند الإمام مالك بن أنس ، ثم بعد ذلك سافر إلى اليمن لاستكمال مسيرته العلمية ، ومنها سافر إلى مدينة بغداد في عام 184 هجريا حيث أكمل رحلته العلمية عند القاضي محمد بن الحسن ، فمن هنا بدأت دراسته للمذهب الحنفي .

من ثم، انتقل الإمام الشافعي إلى مكة المكرمة وعاش فيها لمدة تقرب من تسع سنوات، وخلال فترة إقامته في المدينة قام بتعليم المذهب الحنفي للناس في الحرم المكي، وبعد ذلك هاجر الإمام الشافعي إلى بغداد مرة أخرى وبقي فيها حتى عام 195 هجرية .

ومن أشهر أعماله كتاب (الرسالة) وهذا الكتاب كان يضم الشرح الكامل لعلم أصول الفقه ، وبعد أن سكن في بغداد أربعة سنوات هاجر بعدها إلى مصر في عام 199 هجري؛ ليقوم بنشر مذهبه الخاص به في مصر ، وظل فيها إلى أن توفي في عام 204 هجري وكان لديه أربعة أبناء ( محمد أبو عثمان، ومحمد أبو الحسن، وفاطمة، وزينب) .

صفات الإمام الشافعي

كان يتصف الإمام الشافعي بكثير من الصفات منها ما يلي:-

  1.  كان الإمام الشافعي مشهورًا بذكائه وعلمه الواسع وفطنته، مما جعله محل اهتمام الكثيرين، وقد درس قواعد السنة وعمل على تنظيمها، بالإضافة إلى دراسته للناسخ والمنسوخ .
  2. التواضع: على الرغم من كمية معرفة الإمام الشافعي الكبيرة، فهو مشهور بتواضعه وبساطته الكبيرة، حيث كان يعامل جميع الأشخاص بالاحترام دون تمييز بينهم .
  3.  الكرم: اشتهر الإمام الشافعي بالكرم والسخاء .
  4. العبادة : يتميز بكثرة العبادة، إذ كان يجلس في المسجد بشكل مستمر، ويختم القرآن الكريم كل يوم، وفي شهر رمضان يختم القرآن الكريم في كل ليلة. ولذلك، قال عنه الربيع بن سليمان المرادي المصري: `كان الشافعي يختم القرآن في شهر رمضان ستين مرة، كل ذلك في صلاة` .
  5. الحث على العلم: كان الإمام الشافعي يدعو الأفراد إلى اكتساب المعرفة في جميع مجالات العلم، وكان يحثهم على الاستفادة من كل ما هو جديد في مجال العلم .

الفراسة عند الإمام الشافعي

كان الإمام الشافعي له مكانة كبيرة في كلِّ مجالٍ من مجالات العلم، وعندما يدرس أي شخص أي مجالٍ من هذه المجالات، فإنه يجد بصمةً خاصةً للإمام الشافعي فيه، ومن بين تلك المجالات التي درسها وعمل على تحسينها، تعدُّ فن الفراسة.

في أيام الإمام الشافعي كان علم الفراسة منتشر جدا ، حيث كان يوجد هناك عدد من أصحاب الفراسة الذين يتقنون ويجيدون الفراسة ، كيف؟ كانوا هؤلاء يحكمون على الأشخاص من ظواهرهم أو من مظهره الخارجي وكانوا دائما يصدقون في أحكامهم على تلك الأشخاص ، فكانوا يقومون بذكر المساوئ لبعض الناس أمام عامة الشعب ، مما تسبب هذا في مضايقة عدد كبير من رجال الدين في اعترضوا عليهم، فقالوا إن هذا العلم باطل وليس بصحيح ولكن ليضلهم ، وجاء هنا ذكاء الإمام الشافعي .

سافر إلى اليمن لتعلم الفراسة والتأكد من صحتها، وبقي في اليمن لمدة ثلاث سنوات حتى تعلم الفراسة وأتقنها وأشاد بها بكل ما لديها من علم .

بعد ذلك، قرر أن يعود مرة أخرى إلى مسقط رأسه في مكة، وأثناء سيره في الطريق عائدا إلى مكة، توقف في إحدى الليالي أمام بيت رجل ليستريح فيه تلك الليلة، وقام الإمام الشافعي بطرق الباب ففتح له رجل الباب، وطلب الشافعي أن يستضيفه تلك الليلة لأنه مسافر، وعندما رأى الشافعي ذلك الرجل، علم أنه رجل شرير لا يستضيف أحدا، لكنه فوجئ بأن هذا الرجل قبله بترحيب وأدخله إلى منزله، وليس هذا فقط بل قدم له أفضل أنواع الطعام وأعد له أفضل غرفة لينام فيها .

فالإمام الشافعي لم يشعر بالاستقرار، فبدأ يتقلب في فراشه ويتساءل في نفسه: `ما الذي يمكنني فعله بهذه الكتب إذا فشلت ذكائي في اكتساب المعرفة لمدة ثلاث سنوات؟` ولكن عندما قرر المغادرة، أجاب الشافعي الرجل بإيجابية، قائلا: `إذا زرت مكة ومررت بذي طوى، فاستفسر عن الشافعي.` فرد عليه الرجل بصدق قائلا: `أنا خادم أبيك؟` ثم قدم له ورقة مسجلة تحتوي على كل ما قدمه للشافعي، وطلب منه الشافعي أن يدفع قيمة كل الأشياء التي استلمها. فقام الإمام الشافعي بتقديم كل ما طلبه الرجل وعاد إلى مكة سعيدا لأن المعرفة التي اكتسبها كانت صحيحة ولم تخذله. وعندما عاد إلى مكة، أخبر أصدقاءه الحكماء أن معرفته صحيحة ولكنه شرط عليهم عدم إيذاء الناس بذكر أخطائهم أمام الجميع .

أمثلة الفراسة عند الشافعي

  • يُروى أن رجلاً جاء إلى الشافعي ليسأله عن شيء ما، فقال له الشافعي: أنت من أهل صنعاء، أليس كذلك؟.
  • فقال الرجل : نعم.
  • قال الشافعي : يشتغل بالحدادة؟.
  • قال الرجل : نعم.

أعمال الإمام الشافعي

قام الإمام الشافعي بتأليف العديد من الكتب من أشهرها:-

  1.  كتاب الأم : يُعد كتاب الأم الذي كتبه الإمام الشافعي من أهم أعماله، ولكن يُنسب هذا الكتاب إلى تلميذه الربيع بن سليمان المرادي .
  2. كتاب الرسالة : يُعد هذا الكتاب من أوائل أعمال الإمام الشافعي التي تشرح موضوع أصول الفقه، وتم كتابته عندما طُلب منه ذلك من عبد الرحمن المهدي .
  3.  كتاب الإملاء : طلب الإمام النووي من الإمام الشافعي كتابة كتاب يتحدث عن الفقه والاختلاف، وبناءً عليه قام الإمام الشافعي بتأليف كتاب الإملاء .
  4.  اختلاف العراقيين : هذا الكتاب هو أحد أعمال الإمام الشافعي، ويشير إلى الإمام أبو حنيفة ومحمد عبد الرحمن أبي ليلى بوصفهما العراقيين. يعتبر هذا الكتاب جزءا من كتاب الأم، وهو يشكل نصف حجم هذا الكتاب
  5. كتاب جماع العلم : عمل ابن السبكي على تسجيل نسختين من كتاب `جماع العلم` للإمام الشافعي، وهما: `جماع العلم الكبير`، و`جماع العلم الصغير` .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى