قرارات سبتمبر السوداء
قرارات سبتمبر الأسود التي أثارت ردود فعل متباينة حول صحتها أو خطأها، أثرت بشكل كبير على مجرى الأحداث في التاريخ المصري المعاصر، ورأى البعض أنها ظالمة والبعض الآخر رأى أنها صائبة، ولكن في النهاية تحققت أهدافها المرجوة في سيناء .
قرارات سبتمبر السوداء
بعد حرب أكتوبر 1973 والمعاهدات التي تلتها بين مصر وإسرائيل والمباحثات التي أبرزها محادثات كامب ديفيد، اتخذ الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات قرارا بتنفيذ عدد من الاعتقالات للمعارضين من جميع الطوائف السياسية. وكان من بين القرارات إقالة البابا شنودة الثالث من منصبه واعتقاله أيضا. كانت هذه الحركة من الاعتقالات غير متوقعة في ذلك الوقت، حيث شملت الكثير من الشخصيات، بما في ذلك عدد من المقربين من الرئيس، مما جعلها حدثا غير مرجح ولم يتوقعه أحد، ولم يتم فهم الهدف الحقيقي منها في ذلك الوقت .
تم البدء في تنفيذ قرارات الاعتقال المعروفة بـ `قرارات سبتمبر السوداء` عن طريق دخول منازل جميع الأشخاص المدرجة أسماؤهم في قائمة الاعتقال بدون سابق إنذار واعتقالهم. تضمت هذه القائمة أكثر من 1500 شخص من المعارضين وبعض المقربين من الرئاسة الذين عارضوا السياسات الأخيرة للسادات، وخاصة فيما يتعلق بالسلام مع إسرائيل ومحادثات كامب ديفيد. وكانت الأسماء الغالبة في قائمة المعتقلين تنتمي لتيار الإسلام السياسي، وخاصة `جماعة الإخوان المسلمين`. كانت هذه القرارات السوداء سببا كبيرا في اغتيال الرئيس السادات في شهر أكتوبر نفس العام خلال احتفالات ذكرى نصر أكتوبر المجيد .
في صباح الخامس من سبتمبر 1981، ألقى الرئيس خطابًا في مجلس الشعب يُوضح فيه السبب الرئيس للاعتقالات التي حدثت
يحاول بعض الأفراد إثارة الفتنة الطائفية، وقد نصحت الحكومة هذه الفئة عدة مرات، وتعد هذه الجملة الأكثر شهرة في هذا الخطاب، وقصد الرئيس السادات بهذه الكلمات كل من عارض اتفاقية كامب ديفيد .
وأسرد قائلًا : حدثت أحداث خطيرة تهدد الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، ومع ذلك، استمرت هذه الفتنة المدمرة في انتشارها وتحديها لكل القيم والقوانين، وتجاهلت الطرق السلمية واستخدمت العنف والإرهاب وسفك الدماء وتهديد الأمناء .
باستخدام هذه الكلمات، قدّم الرئيس مجموعة من القرارات التي اتخذها، والتي عُرفت فيما بعد باسم `قرارات سبتمبر السوداء`، وذلك لإيهام المستمعبأهمية هذه القرارات .
هذا بالإضافة إلى استناده في قراراته على المادة 74 من الدستور المصري ، والتي تُفيد بأحقية رئيس الجمهورية في اتخاذ أسرع الإجراءات التي يتمكن بها من مواجهة الأخطار في حالة وجود ما يُهدد سلامة الوطن ووحدته ، أو ما يُعيق مؤسسات الدولة المختلفة من أداء دورها ، وأن على الرئيس في هذه الحالة أن يُوجه بيانًا رسميًا إلى الشعب ، وأن يُقيم استفتاءً شعبيًا على القرارات التي تم اتخاذها خلال 60 يومًا من البيان الرئاسي .
قرارات أخرى اتخذها السادات
- يُحظر استخدام الدين لتحقيق أي أهداف سياسية أو حزبية، وكذلك يُحظر استخدام دور العبادة لهذه الأغراض .
- يتم التحفظ على الأشخاص الذين تشير الأدلة إلى مشاركتهم في أي من الأحداث التي أدت إلى زعزعة أمن الوطن وإثارة الفتن الطائفية .
- تم إلغاء بعض التراخيص التي تم منحها لإصدار مجموعة من الصحف والمطبوعات، وتم حجز جميع أموالها ومقراتها .
- تم إلغاء قرار رقم 2782 لعام 1971 الصادر عن رئيس الجمهورية الذي يتعلق بتعيين الأنبا شنودة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وتم تشكيل لجنة خاصة لتولي مسؤوليات البابا .
- تم نقل العديد من الصحفيين والإعلاميين والعاملين في المؤسسات الصحفية الوطنية، وأيضا مجموعة من العاملين في اتحاد الإذاعة والتلفزيون والمجلس الأعلى للثقافة إلى هيئة الاستعلامات ومجموعة من الوزارات الحكومية الأخرى التي حددها مجلس الوزراء، وذلك لأولئك الذين تم توثيق بعض الأدلة حولهم تشير إلى مشاركتهم في أي نشاط يستهدف إثارة الرأي العام وتسبب في هذه الأحداث .
حادثة الزاوية الحمراء 1981
في يوم السابع عشر من شهر يوليو عام 1981 نشبت حادثة طائفية في منطقة الزاوية الحمراء بين مجموعة من المسلمين والمسيحيين ، وقد صاحبها إطلاق العيارات النارية المتتالية بين المواطنين فقد تعدى مجموعة من الملثمين على منازل المسيحيين ، وحرقوها ، ومارسوا السطو المسلح على محلات الذهب التابعة لمسيحي الزاوية الحمراء .
لم يكتفوا بذلك فقط، بل قاموا أيضًا بذبح القمص “مكسيموس جرجس” وجرّوا جثته في الشوارع والطرقات، وارتكبوا أيضًا مجزرة بحق عدد كبير من مسيحيي الزاوية الحمراء في ذلك اليوم .
كانت هذه الحادثة واحدة من أهم الأسباب التي دفعت إلى اتخاذ القرارات في سبتمبر من ذلك العام، حسبما ذكر الرئيس السادات في خطابه خلال تلك الفترة، وتم اتهام جماعة الإخوان المسلمين بارتكاب هذه المذبحة، وهذا يفسر السبب وراء وجود نسبة عالية من أسماء هذه الجماعة في قائمة الاعتقالات .
أسماء معتقلي سبتمبر 1981
تخطى عدد المعتقلين السياسيين والدينيين من المسلمين والمسيحيين، من الرجال والنساء، الألف والخمسمائة في سبتمبر عام 1981، وتشمل هذه الأسماء:
- من بين أسماء هذه القائمة، يتصدرها البابا شنودة الثالث، الذي تم نفيه إلى وادي النطرون .
- ذُكرت في القائمة أسماء ستة عشر أسقفًا من أهم قيادات الكنيسة الأرثوذكسية .
- محمد حسنين هيكل .
- نوال السعداوي .
- عمر التلمساني .
- تم ذكر أسماء سبعة عشر شخصاً من قادة جماعة الإخوان المسلمين في مصر في هذه القائمة
- أبو العز الحريري .
- أحمد المحلاوي .
- جابر عصفور .
- حافظ سلامة .
- الدكتور حسن حنفي .
- الدكتور محمد حلمي مراد .
- حمدين صباحي .
- خالد الكيلاني .
- سيد البحراوي .
- شاهندة مقلد .
- صافيناز كاظم .
- صبري المتولي .
- عبد الحميد كشك .
- عبد المحسن طه .
- عبد المنعم أبو الفتوح .
- عبد المنعم تليمة .
- الدكتورة عواطف عبد الرحمن .
- فتحي رضوان .
- فريدة النقاش .
- فؤاد سراج الدين .
- لطيفة الزيات .
- محمد حبيب .
- محمد عبد القدوس .
- مصطفى بكري .
- ميلاد حنا .
- الدكتور محمود القاضي .
- صلاح عيسى .
- عادل عيد .
- هو وزير الري في حكومة السادات، المهندس عبد العظيم أبو العطا .
- إبراهيم طلعت .
- عصمت سيف الدولة .
- محمد فايق .
- فريد عبد الكريم .
- كمال أبو عيطة .
- محمد عبد السلام الزيات .
- الدكتورة أمينة رشيد .
- عبد العظيم مناف .
- عبد العظيم المغربي .
- كمال أحمد .
- الدكتور كمال الإبراشي .
- محمد سلماوي .
- المحامي عبد العزيز الشوربجي .
- الشيخ عبد الحميد كشك .
- حسين عبد الرازق .
ضمت القائمة الكثير من المثقفين والمعارضين والمقربين من الرئيس السادات أيضا. وكان هدف الرئيس الراحل من هذه الحملة هو تهدئة الجانب الإسرائيلي بشأن المعارضة التي واجهها السادات نتيجة لمعاهدات السلام، وذلك لضمان إخلاء سيناء بالكامل من قوات العدو ومن ثم الإفراج عن جميع الأسماء المذكورة في القائمة. اعتبر السادات هذه الخطوة خدعة للعدو، لكن هذه الحملة أثارت استفزاز قادة جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وقاموا باغتياله أثناء احتفاله بنصر أكتوبر المجيد، وبالتالي، قتل بطل السلام والحرب نتيجة تنفيذ خدعة غامضة للكثيرين .