سمات الشخصية المتكلفة
خلق الله الإنسان وأعطاه الحاجة الماسة للتواجد في التجمعات والتواصل مع البشر الذين ينتمون إلى نفس العرق والعادات والثقافات. ويعمل على مشاركة أحزانهم ومشاكلهم وهمومهم وأحلامهم وآمالهم. وهذه هي السمة الأصيلة للبشر عبر العصور، حتى يحققوا القبول الاجتماعي بين أفراد مجموعتهم، سواء في المجتمع أو بين الأصدقاء والعائلة. وأحد أشكال هذا القبول هو احترام حق الفرد في الشعور بالمحبة والاحترام من الآخرين.
عندما يحصل الشخص على ما يكفي من المحبة والقبول الضروريين، يصبح عضوا متكاملا في المجتمع وخاليا من المشاكل النفسية والتوترات. وعلى العكس، إذا لم يحصل الشخص على هذه الشعور الأساسي، يتحول إلى شخص غير متكامل نفسيا ويشكل خطرا على نفسه وعلى المجتمع المحيط به. ومن بين الأمراض المشتركة التي تصيب الشخصية التي تفتقد لهذه المشاعر الأساسية هو تحول الشخص إلى شخصية متكلفة ومبالغة في تصرفاتها وانفعالاتها.
تعريف الشخصية المتكلفة
يتميز كل شخص بصفات معينة تؤثر على حياته وسلوكه وعاداته ورغباته وأحلامه. ومع ذلك، إذا تم تغيير هذه الصفات بحيث تشكل انحرافا عن السلوك الاجتماعي الطبيعي، فإن ذلك يعتبر اضطراب الشخصية، ويجب علاجه على الفور. يمكن أن يؤثر هذا السلوك المتصلب أو المتشدد بشكل سلبي على حياة الشخص والأشخاص المحيطين به.
عادة ما تبدأ هذه الاضطرابات السلوكية منذ الطفولة وتستمر خلال مراحل المراهقة لتشكل الشخصية المعقدة والناضجة مع مرور الوقت، وعلى الرغم من صعوبة التعامل مع مشاكل الشخصية المعقدة مع تقدم العمر، إلا أن رغبة الفرد في العلاج وشعوره الدائم بالدعم والقبول يساهمان في تحسين حالته بشكل إيجابي وسريع، وتكون النتائج المتحققة مجزية .
سمات الشخص المتكلف
الكذب
أحد سمات الشخصية التكلفة هو الكذب المستمر ونطق الأكاذيب، ويدعي أن الآخرين هم المخطئون ولا يعرفون حقيقته. وعادة ما يستخدم الكذب كوسيلة لتشويه الحقيقة أو ليظن نفسه أن شيئا ما في أحلامه لا يمكن تحقيقه في الواقع، فبواسطة الكذب يطمح في تحقيقه.
ويدعي غير الحقيقة و يقول للناس غير الذي في نفسه ليدعي على نفسه بما ليس فيه. وقد يتسبب بكذبه هذا في المشاكل العديدة للأشخاص من حوله نظراً إلى إدخاله لهم في كذبته وتوريطه لهم في قرابتهم منه أو أنهم يعملون لديه وهكذا وغالباً ما يتم كشف هؤلاء الناس في أقرب وقت وخاصة إذا كان الإدعاء والتكلف يرتبط بوجود أطراف غريبة وتطور الموضوعات على غير الحقيقة.
الإدعاء والتزييف
بسبب الكذب وعدم تقبل الواقع أحياناً ما يلجأ الشخص المتكلف إلى الكذب وقول غير الحقيقة والميل إلى التصنع في كل التصرفات وفي المشاعر. فالشخص المتكلف دائماً ما يكون مبالغ في التعبير عن مشاعره وفي كلامه ويكون واضح إلى كل من حوله ولا يستطيع أحد تصديقه. والكذب الدائم هو الداعم له في التصنع حتى تكتمل الصورة .
غالبا ما ينبع التصنع من نقص في الموارد المادية وعدم تقبل الشخص لفكرة العمل الجاد والصبر في سعيه وراء الأحلام والرغبة في الحصول على المال الحلال. وبالتالي، يجد الشخص نفسه يدعي أن لديه حسابا في البنك أو يدعي أن هذا الشخص الشهير هو والده أو أحد أقاربه، أو أنه يمتلك البيت الكائن في الحي هذا، وغيرها من أساليب التصنع التي قد تنجح أحيانا ولكنها في النهاية ستكشف في موقف يقلب الموازين رأسا على عقب.
الإضطراب النفسي
الشخصية المتكلفة شخصية غير سوية بأقوال الأطباء النفسيين؛ وعادة ما يرجع هذا إلى مشاكل تربوية منذ الصغر أدت إلى تصرفه بهذه الطريقة غير السوية. ومن أبرز هذه التصرفات هي تصرفات الأب والأم تجاه أبنائهم أو التعامل معهم بالتقليل من شأنهم أو التقليل من قدراتهم مما جعلهم شخصية ناقمة أو غير راضية وضعيفة وخائفة من مواجهة حقيقتها أمام الناس.
أو شخص يعاني من انعدام الثقة في نفسه ويخشى تقييم الآخرين له ويدعي صفات غير حقيقية. وغالبا ما يكون القهر الذي يعانيه الأب والأم لأبنائهم أو الصعوبات المالية التي يمرون بها منذ الصغر هي الدافع الرئيسي لتصنع سلوكيات ومشاعر غير حقيقية والسعي للتظاهر طوال الوقت.
التعبير عما ينقصه
أحياناً كثيرة يكون جزء كبير من تصرفاتنا و إنفعالتنا لهو تعبير عن ما ينقصنا و يدور في بالنا، والشخصية المتكلفة تسعى دائما إلى الإدعاء بأشياء تنقصه ويخشى من الإعتراف بذلك فيسعى إلى الإدعاء بما ليس فيه وقول غير الحقيقة والتكلف في التصرفات والمشاعر حتى يعمل على توصيل الرسالة النفسية بطريقة أو بأخرى إلى الأخرين أنه لا يفتقد هذه الأمور في حياته.
ومثال ذلك من يدعي المحبة والطيبة على الفقراء والمحتاجين مثلاً هو في الواقع قد عاش تجربة إجتماعية سيئة تنتقص إلى الإحتواء والمحبة والدعم النفسي والمادي فيسعى دائماً إلى لفت الإنتباه إلى الأعمال الخيرية وكيف أنه يحب مساعده الأخرين ويرغب في أن كل الناس تسلك ذات السلوك الطيب؛ وهو في الحقيقة أبعد ما يكون على ذلك غير لفت الإنتباه والتكلف أمام الناس.
سمات شائعة للشخصية المتكلفة
- القلق الدائم وعدم الثقة بالنفس والشك بالآخرين ومدى حبهم له
- الكذب المستمر والإدعاء بغير الحقيقة
- التصرف برد الفعل الهادئ والودود والمسؤول في الواجبات الاجتماعية
- الميل إلى السخرية من الآخرين وإهانة أعمالهم
- تتمثل الرغبة في الانعزال وعدم تكوين صداقات أو المشاركة في الأنشطة المختلفة
- الإهتمام الزائد بالملابس والكلام والرغبة الشديدة في لفت الإنتباه باستخدام أي وسيلة ممكنة
- عدم الاعتراف بالخطأ أو التأسف على إهانة الآخرين وتكرار المشاكل
علاج اضطراب الشخصية المتكلفة
هناك العديد من العوامل التي تساعد في علاج اضطرابات الشخصية بأنواعها ومنها الشخصية المتكلفة وأبرزها إدراك الشخص لنفسه أنه أمام مشكلة حقيقية تتطلب العلاج النفسي وهو أهم الخطوات التي تقودنا إلى الخطوة التالية وهو الذهاب إلى الطبيب النفسي الذي يعمل على تقييم الحالة النفسية للمريض وتشخيصها بشكل جيد والعمل على العلاج.
الكشف البدني
أحد الطرق الأولى التي يستخدمها الطبيب النفسي لفحص ما إذا كانت هناك مشكلة عضوية مرتبطة بشكل أساسي ومباشر بمشكلة نفسية هي فحص مشاكل الحروق والإعاقات وغيرها من المشاكل الاجتماعية، إلى جانب إجراء اختبارات لشرب الكحول والمخدرات وغيرها.
الكشف النفسي
يتم تحليل شخصية المريض وطرح أسئلة مختلفة عن حياته وتاريخه العائلي، ويتم مناقشة سلوكه وانفعالاته وطموحاته، وذلك بهدف لفهم المشكلة الحقيقية والعمل على علاجها.
التعامل مع الشخصية المتكلفة
قد يمثل الدعم العائلي والتقبل النفسي للمريض والمحيطين به طريقة علاجية محتملة للشخصية المتكلفة، بالإضافة إلى حضور جلسات علاجية تجمع المريض بأشخاص آخرين يعانون من نفس المشكلة وتمكنوا من التغلب عليها، وأصبحوا أفرادا متكاملين في المجتمع وقادرين على مراقبة رغباتهم. قد يقترح الطبيب أحيانا استخدام بعض العلاجات الدوائية في مراحل مبكرة من العلاج.