يتم استخدام جملتي `هذا رأيك أنت وليس رأي الجميع` و `الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية` خلال النقاش حول قضية أو أزمة ما، ولكن الحقيقة هي أنه عندما يقوم أحدهم بوصف أمر كرأي، فإنه يجب مقارنته بأمر آخر ليس رأياً، وهذا هو المقياس الأوضح لهذه المقارنة.
الحقائق هي الأحداث الموجودة في العالم، والآراء هي ما يعتبر اعتقادا مؤكدا. يمكننا تمييز الحقائق عن الآراء باستخدام اختبار `المن`. من المنطقي أن نسأل `رأي من هذا؟`، أي من تكون حتى تطلق آراءك، ولكن من الصعب أن نسأل `حقيقة من هذه؟`. يجد الكثيرون صعوبة في طرح تلك الأسئلة الصعبة. الفرق بين أقوال الحقيقة وأقوال الرأي يكمن في الطريقة التي يتم بها طرح تلك الأسئلة والإجابة عليها. فقط الشخص نفسه يحدد الطريقة، هل هي إجابة حقيقية أم رأي شخصي له. في الجملة `الديمقراطي سيفوز بالانتخابات الرئاسية القادمة`، هناك حقيقة، أما في الجملة `رئيس الولايات المتحدة الحالي جمهوري`، فهي آراء.
الحقائق
لم يستطيع أحد أن يلغي أو يزحزح فكرة أن الحقائق هي دائما صادقة، ولكن على الجهة الأخرى فإن الآراء تُقال عادةً باعتبارها صادقة، لأن ببساطة لا أحد يشكك فيما يقوله عن نفسه أو نابع من داخله، ولأن بعض ما يطلقه الناس كونه حقيقة يتبين أنها خاطئة، فعلى سبيل المثال، سيقول غالبية الناس إن الإبادة العرقية خطأ قول صادق، وأنه قد يكون في ثلاجتي عصير وقد لا يكون، والتفريق بين الحقيقة والرأي يتغاير باستقلال عن التفريق بين الصدق، والخطأ.
لأن الأقوال الحقيقية هي أقوالٌ “عينيَّة” ، وليست “مُجرَّدة” ، فالحقائق موضوعيَّة وليست ذاتيَّة، بما أن بعض الأقوال على الأقل التي في خانة الرأي، فتتعلق بمسائل يمكن أن تكون صادقة ومحتمل أن تكون خاطئة بغض النظر عمَّا يعتده أيُّ فرد، على سبيل المثال، ما إذا كانت الأرض مخلوقة أم لا هي مسألة موضوعية، ولو أنها مسألة جدليَّة ويصعب البرهنة عليها، وإن كانت فعلًا مخلوقة، فهي مخلوقة سوى أعتقد أحد ذلك أم لم يعتقد، وكذلك العكس.
الفرق بين الحقائق والآراء هو أن أقوال الحقيقة لا جدلَ فيها، ولكن هذا الجواب لا يبدو صحيحًا أيضًا، إذ سيجعل معيار الحقيقة قائمًا على المُستمعين: مثلًا القول الأرض تدور حول الشمس ستكون حقيقة عند الأوروبيين الحديثين لكن عند الأوربيين في العصور الوسطى ليست كذلك، والقول الأرضُ مخلوقة حقيقة عند المؤمنين ولكنها ليست كذلك عند المُتشككين، والقول الأرض مُسطحة حقيقة عند المؤمنين بسطحية الأرض وليس كذلك عند بقيتنا، وما نفع التفريق بين الحقيقة الرأي إن كان القول يمكن أن يكون أيًّا منهما اعتمادًا على السامعين؟
الفرق بين الحقيقة والرأي
في البداية، يعتبر الحقيقة تصريحا عن واقعية الأمر، وتقوم الحقيقة على الأدلة المباشرة أو التجربة الفعلية أو الملاحظة. أما الرأي، فيعبر عن اعتقاد أو شعور الشخص، ويكشف عن مشاعره تجاه الأمر. وعلى الرغم من أن الآراء المتشددة تستند إلى حقائق، إلا أنها تعتبر وجهات نظر الشخص في موضوع ما وليست الحقائق بحد ذاتها. فالحقيقة هي تصريح يمكن إثبات صحته، أما الرأي فيعبر عن اعتقاد أو شعور أو رؤية أو فكرة أو حكم الشخص تجاه شيء ما.
لأن الحقائق هي أقوال يمكن تجسيدها أو إثباتها بواسطة براهين أو أحداث فعلية. يمكن العثور على الحقائق في موسوعة أو مرجع آخر، أو يمكن رؤيتها بنفسك على سبيل المثال، فمن الحقائق أن البروكلي مفيد لصحتك، ويمكن البحث عن ذلك في كتب النظام الغذائي الصحي، أما الآراء فهي تعبر عن رأي الشخص تجاه شيء ما، ولا تحتمل بالضرورة أساسا منطقيا، فعلى سبيل المثال، يعتبر بروكلي لذيذا أو سيئا.
الرأي
يُعبِّر عن مُعتقد الشخص، فهل إذا اعتقدت أن هناك عصير في ثلاجتي فإنِّي أُعبِّر عن رأيي ليس إلَّا؟ يُعقِّد موقع التعلُّم الساحر الأمر أكثر بزعم أنه يمكنك أن تبحث عن الحقائق في موسوعة “دائمًا؟ ألم توجد الحقائق قبل وجود الكتب؟”، وبإضافة مفهوم تقويمي مُفيد لك في أمثلة الحقائق.
تعريف الحقيقة
تتعدد تعريفات `الحقيقة`، ولكن القول بالحقيقة يعني قول شيء له محتوى موضوعي ومدعم بالدليل المتوفر، أي إثبات ما يتم تداوله بشيء ملموس. أما الرأي، فيعني قول شيء يعتمد على مجهود ذاتي ولا يوجود دليل قاطع لما يتم تداوله من قبل المتحدث.
هذان التعريفان لهما مزايا فالميزة الأولى أنها تلتقط الهموم التي تقود الناس إلى الإصرار على التفريق بين الحقيقة الرأي في بداية الاهتمامات، على الخصوص القلق من أن المزاعم يجب ألَّا تُقبل بلا بينة قوية، والثانية أنها تُفسِّر لماذا بعض المسائل الموضوعية على الخصوص مسائل جدلية كوجود الإله أو التنبؤات بالمستقبل، وُوضع في فئة الرأي، رغمًا عن مُحتواها المثبت بدليل قاطع وملموس، والثالثة أنها تجتنب الارتباك الذي تعاني منه المُقترحات السابقة ومع ذلك، فما تزال نسخة منقحة إلى حدٍ ما.
احترام الرأي
ومن هنا يمكننا أن نقول أن “الرأي” ليس لأحد أن يقلل منه، بل هو تعبير عن موقف المتحدث، واعترافا بأن معتقداته الشخصية تختلف بشدة عن معتقدات الآخرين وثقافاتهم. يمكن اعتبار هذا الاستنتاج متواضعا وجديرا بالاحترام، حتى بدون أدلة أو براهين. ومع ذلك، قد يكون له تأثير سلبي يؤدي إلى الشك والتردد، حيث يمنع الإنسان من دعم قناعاته خوفا من أن يصبح حديثه مجرد آراء. والتحفظ على ذلك يتعارض مع العقلانية السليمة؛ حيث أن بعض الآراء مدروسة ومتماسكة أكثر وأهم من غيرها. فهناك مسائل رأي لا تقل أهمية وحيوية، خاصة في المناظرات الأخلاقية التي تتعلق بما يجب عمله أو بالقيم التي تهمنا، مثل قضايا مثل زواج المثليين. يجب أن يكون للجميع حق الرأي.
وجهة النظر
كثير مما يقال عن قضية هامة أو موضوع للنقاش هو تداخل بين الرأي والحقيقة، وعدم الفهم للفرق بينهما يؤدي إلى زيادة الخلافات، لأننا لم نميز بينهما. ولكن للتوضيح، إذا قال أحدهم `ثمرة المانجو لذيذة`، فهذا رأي بحت وقابل للتباين، على الرغم من أنها فعلا لذيذة. وفي بعض الأحيان يكون هناك خلاف حاد في المواضيع الحساسة. والعكس صحيح عندما أقول أن الجوافة هي فاكهة، فهذا حقيقة لا يختلف عليها أحد، لأنها فعلا فاكهة وليست خضار.
الفرق بين الحقيقة و وجهة النظر
يلعب الفرق بين الحقيقة ووجهة النظر دورا مهما في كشف أولئك الذين يحاولون إثارة الجدل حول حقائق ثابتة وواضحة، حيث إن الحقيقة تعتبر مسألة موضوعية بطبيعتها ويمكن التحقق منها من خلال العودة إلى القاموس أو الشهود أو الأدلة الحية وغيرها، بينما يمكن أن يكون الرأي موضوعا للنقاش وغير موضوعيا، ويمكن أن يختلف من شخص لآخر، ولذلك يصعب التحقق منه.
ومن خلال هذا الشرح المبسط يمكن بسهولة استنتاج عبارات التعبير عن الرأي من خلال الكلمات المستخدمة، والتي تكون بشكل متحيز. وتشمل هذه العبارات: أنا أحب، أنا أكره، أنا أفضل، أحب أن أختار، أنا جميل، أنا قبيح، ممتع، ممل، غبي، عظيم. أما عبارات الحقائق فقد تحتوي على كلمات مثل: تعددت الآراء، كانت الآراء متعددة، ولكن ليس كل شيء ثابت. فهناك بعض الكلمات التي تساهم في تحسين الرأي أو تجنب المبالغة. على سبيل المثال، هكذا يبدو، أعتقد، أحيانا، أتوقع، ربما. تلك الكلمات مهمة في حواراتنا اليومية، لكي لا تعتبر بعض الآراء حقائق لا يمكن مناقشتها. فكل رأي قابل للتغيير هنا.
وبناء على تلك الدلائل فإن بعض الجمل هي خليط بين الرأي والحقيقة، كأن يقول شخص ما مثلاً رغم فوز البطل الملاكم، فإن أداءه كان دون المستوى، في رأيي وكان عليه أن يؤدي لعبته بشكل أفضل، أو نقول مثلاً: صحيح أن فلاناً كان من أوائل الطلبة، لكن مستواه في العمل ضعيف جداً نلاحظ هنا أن الشقّ الأول يستند إلى حقيقة لا مراء فيها وهي خطوة تتويجه بالحصول علي الكأس، هنا عبر الإنسان عن رأيه الشخصي في الجزء الثاني من الجملة.
غالبا ما يتم بناء الرأي الشخصي على حقائق مؤكدة، مما يجعل آراءنا قوية وحازمة، وذلك لأن بعض المتحاورين ذكيون وموضوعيون، لذا لا يوجد مجال للتوقعات الكثيرة في آراءهم، حيث يستندون في آرائهم إلى حقائق واقعية، مما يجعل رأيهم المفضل يتفوق على آخرين الذين لم يجدوا أنفسهم في طور البحث الموضوعي، وهم يتقبلون وجهات النظر المختلفة والآراء الأخرى، وعلينا أن نخوض التجارب لنعرف الحقيقة
معرفة قصص الاخرين
لكل شخص وجهات نظره وتجاربه وخبراته المتعددة، التي تشكّل وعيه وشخصيته، وبالتالي يصبح من المفيد أن نحيط أنفسنا بمختلف أنواع البشر؛ سواء أصدقاء أو مقربين او الأقارب نستقي منهم خبرات مختلفة، ونرى الأمور بشكل أكثر شمولا، فإذا اختلف أحد مع ما نقول علينا ألا نعاديه؛ حتى نستطيع مواكبة الحياة ومُستجدّاتها.
عند حدوث أي أزمة تؤدي إلى الاختلافات مع الآخرين، يجب علينا أن نتصرف باللين واللطف، وأن نحرص على عدم إيذاء الآخرين في اختلافنا معهم، وأن نتفهم ظروف الجميع، وأن نعرض وجهات نظرنا بطريقة مهذبة وهادئة، لنكون قدوةً حسنةً للآخرين.