ما هي الفينومينولوجيا
الفينومينولوجيا هي حركة فلسفية بدأت في القرن العشرين، والهدف الرئيسي منها هو التحقق المباشر من الظواهر والتعامل معها على أنها تجربة واعية دون الحاجة لنظريات حول تفسيرها السببي، كما أنها تتجنب الأفكار المسبقة والافتراضات المسبقة.
تعود الكلمة بحد ذاتها إلى القرن الثامن عشر، حيث قام العالم الرياضي والفيلسوف الألماني يوهان هاينريش لامبرت بتطبيقها على هذا الجزء من نظريته للمعرفة التي تميز الحقيقة عن الوهم والخطأ. في القرن التاسع عشر، تم ربط الكلمة بشكل أساسي بظواهر العقل، حيث درس جورج فيلهلم فريدريش هيغل تطور الروح البشرية من التجربة الحسية إلى المعرفة الدقيقة. لم تظهر الحركة التي تسمى بالحركة الفينومينولوجية حتى القرن العشرين، ولكن حتى الفينومينولوجيا الحديثة تتضمن العديد من الأنواع التي تتطلب وصفا شاملا للموضوع المدروس.
وصف الفينومينولوجيا
يصعب إيجاد مقام مشترك لهذه الحركة بعيدًا عن مصدرها الأساسي، بالنظر إلى مجموعة الظواهر التي انتشرت بشكل مباشر أو غير مباشر عن فلسفة الفيلسوف الألماني إدموند هوسرل. ولكن يوجد العديد من الحالات المشابهة في الحركات الفلسفية وغير الفلسفية على حد سواء.
انضباط الفينومينولوجيا
يتم وصف هذا النظام بشأن الدراسة، طرقها ونتائجها المحتملة.
يدرس علم الظواهر أو الفينومينولوجيا أساس التجربة الواعية من وجهة نظر الشخص الذي يعيشها، مع الحوادث المرتبطة بها من خلال التجارب، وتعتبر الهيكلية المركزية للتجربة والطريقة التي يتم توجيهها بها من خلال محتواها أو معناها في شيء معين في هذا العالم.
جميع الناس يمروا بتجارب متعددة تتضمن الملاحظة، التخيل، التفكير والعواطف، الرغبة والأفعال. لذا مجال الفينومينولوجيا هو سلسلة التجارب التي تتضمن هذه الأنواع (بين الأخرى). التجارب لا تتضمن فقط التجارب المتعلقة بالإحساس او الرؤية، إنما تشمل التجارب الفاعلة كالمشي أو اللعب بالكرة على سبيل المثال.
التجارب الواعية لديها ميزة فريدة، أن البشر يقومون بتجربتها، الناس يعيشون من خلالها أو يقومون بها. الأشياء الأخرى في العالم يمكن أن يلاحظها الناس او يرتبطوا بها ولكن لا يمكنهم تجربتها. بمعنى العيش او الأداء، هذه الميزة التجريبية أو من منظور الشخص الأول -ميزة الخبرة -هي جزء أساسي من طبيعة أو بنية التجربة الواعية: كما يقول الشخص، أنا أفكر، أرى، أرغب. هذه الميزة هي ميزة وجودية لكل تجربة، وهي جزء من التجربة.
كيفية دراسة التجربة الواعية
الناس يقومون بردود الفعل عل التجارب المختلفة عندما يقومون بتجربتها. الأشخاص لا يقومون بوصف التجربة بنفس الوقت الذي يقومون بتجربتها. في العديد من الحالات، الناس ليس لديهم هذه الخبرة. على سبيل المثال، حالة الرعب الشديدة أو الهلع تستهلك كل تركيز الإنسان في ذلك الوقت، لذا من أجل تحليل الظاهرة.
يجب على الإنسان أن يمتلك خلفية سابقة في شيء ما حدث له من قبل، لأن الناس يبحثون عن الارتباط العاطفي بتجاربهم السابقة مثل سماع أغنية محددة، أو رؤية شروق الشمس، أو التفكير في الحب وما إلى ذلك. يتطلب ممارسة الفينومينولوجيا وجود رابط عاطفي مع التجارب التي يتم وصفها.
علماء الظواهر يمارسون حوالي ثلاث طرق مميزة :
- عندما نخوض تجربة معينة في الماضي أو الحاضر، نستطيع وصفها بدقة، وقد تحدث هوسرل وميرلو بونتي عن وصف دقيق لتجربة الحياة
- نقوم بتفسير نوع معين من التجارب بربطها بالمحتوى ذات الصلة بها وبالمجال الذي تنتمي إليه، ويتحدث هايدغر وأتباعه عن فن التفسير في السياق، وخاصة السياق الاجتماعي واللغوي
- نحن نحلل الشكل لنوع التجربة
تسببت الطرق التقليدية في آثار سلبية في العقود الأخيرة، مما دفع إلى تطوير الأساليب المتاحة في علم الفينومينولوجيا
- في نموذج علم المنطق المنطقي، نحدد شروط الحقيقة لنوع معين من التفكير، مثل الاعتقاد بأن الكلاب تطارد القطط، أو شروط الرضا لنوع معين من النية
- بينما في النموذج التجريبي لعلم الأعصاب الإدراكي، نقوم بتصميم التجارب التي تؤكد على خبرة معينة أو تدحضها. هذا النمط من علم الظواهر العصبية يفترض على أن التجربة الواعية ترتكز على النشاط العصبي وقد تم مزج علم الظاهر مع العلوم البيولوجية والفيزيائية بطريقة لم تكن معروفة عند علماء الظواهر التقليدين.
تفسير الفينومينولوجيا
ما يجعل التجربة مدركة هو وعي الشخص بها أثناء تنفيذها أو تجربتها. تم مناقشة هذه الفكرة بشكل كبير منذ ظهور المشكلة وفكرة وعي لوك بعد أن شعر ديكارت بالوعي، والذي يمثله الضمير والمعرفة المشتركة. هل وعي التجربة هو نوع من الملاحظة الداخلية للتجربة، كما لو أننا نقوم بأمور مختلفة في نفس الوقت؟ هل هو وعي عال لعملية العقل، أم أنه ترتيب أعلى للنشاط العقلي؟
الوعي بالتجربة هو خاصية تمنح التجربة منظورا وجهة نظرية تعايشية، حيث يتعلق ذلك بالشخص الذي قام بتجربتها. تعتبر التجربة الواعية نقطة الانطلاق للظواهر، ولكنها تتحول إلى ظواهر أقل وضوحا علنيا. أوضح هرسل أننا ندرك فقط الأشياء الموجودة في مجال الانتباه، في حين ندرك ضمنيا العالم الأوسع المحيط بنا. في الأنشطة اليومية، نقوم بأعمال كالمشي أو الحديث بلغتنا الأم بدون وعي تام.
بالإضافة إلى ذلك، أكد المحللون النفسيون أن معظم الأعمال التي نقوم بها هي أعمال غير واعية، ولكن يمكن أن نكون واعيين عندما يتعلق الأمر بربطها أو تحليل الظواهر، وهنا يبدأ التفكير في كيفية شعورنا تجاه الأشياء. في التحليلات التفسيرية-الوصفية للخبرة، نلاحظ أننا نحلل الأشكال المألوفة من الوعي أو الخبرة الواعية وبالتالي فإن الهدف هو هيكل تجربتنا المميزة، وتستمر العديد من الظواهر كدراسة للجوانب المختلفة للقصة.
وبهذه الطريقة، نستكشف هياكل تيار الوعي، والذات الدائمة، والشخصية المتجسدة، والعمل الجسدي. بالإضافة إلى ذلك، عندما نفكر في كيفية عمل هذه الظواهر، ننتقل إلى تحليل الظروف المشابهة التي تسمح لتجاربنا بالحدوث كما هي، وتمثيلها أو نية تحقيقها. ثم يتبع ذلك تحليل للظروف التي يمكن أن يتعمد فيها حدوث هذه الظواهر، والظروف التي تتضمن المهارات الحركية والعادات، والممارسات الاجتماعية الخلفية، وكثيرا ما تشمل اللغة، بنظر إلى دورها الخاص في الشؤون الإنسانية
الفينومينولوجيا عند العلماء
في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، كانت الظواهر هي النقاط الأولى فيبناء المعارف وخاصة في مجال العلوم، وبشكل مشابه لمعرفتنا الحالية، حيث تعتبر الظواهر هي الأشياء التي نلاحظها ونحاول شرحها.
انتشر علم الظواهر المعروف حاليا بفضل العالم إدموند هوسرل في تحقيقاته المنطقية. يوجد في عمله العظيم فكرتان مهمتان. انتشرت النظرية الفلسفية بعد ذلك بفضل العالم فرانز برينتانو وأيضا ويليام جيمس اللذين ساهما بشكل كبير في نشر مبادئ علم النفس والتي أثرت في هوسرل بشكل كبير. كما انتشرت النظرية المنطقية والدلالية في عصر برنارد بزلزانو وهوسرل اللذين أسسوا المنطق الحديث. يثير الاهتمام هنا أن هاتين الفكرتين تعودان إلى أرسطو وأن نتائج البحث فيهما أسفرت عن نتائج هامة.
في علم الفينومينولوجيا لهوسرل، يتم ربط الظواهر بعلم النفس والمنطق. يتطور التحليل النفسي أو الوصفي في تحليل أنواع الأنشطة العقلية الذاتية، وباختصار، أعمال الوعي. ومع ذلك، يطور نوعا من المنطق – نظرية المعنى أو ما يعرف الآن بالدلالات المنطقية. يركز على أنه لدراسة الظواهر بشكل صحيح، يجب عدم تقليل المعاني الموضوعية التي تعزز التجربة إلى حالات فردية. وعارض هوسرل تقليل الرياضيات والمنطق في تفسير الظواهر وربطها فقط بعلم النفس.