تناسخ الارواح عند افلاطون
تختلف نظرية التناسخ عند أفلاطون عن نظريات التناسخ الأخرى الموجودة في بعض الأديان. تقوم نظرية التناسخ عند أفلاطون على فكرته في النفس، حيث تقوم بجعل العقل هو المميز الوحيد بين الإنسان والحيوان، ولا يتم تحديد هذه الفكرة بناء على المظهر الخارجي أو الجسد المادي. بالمقابل، تصور نظريات التناسخ الأخرى هذه النظرية بشكل مادي، إذ تعتقد أن شخصا ما يمكن أن يتحول إلى حيوان بالمظهر الجسدي المادي دون النظر إلى الطبيعة الروحية الباطنية للإنسان .
ما هو التناسخ
التناسخ هو معتقد فلسفي أو ديني يفترض أن الجوهر أو الأساس غير المادي للكائن الحي يبدأ حياة جديدة بشكل مادي مختلف بعد الموت الحيوي، ويعرف أيضا بالولادة المتكررة أو الهجرة .
التناسخ هو ركيزة أساسية في الديانات الهندية مثل اليابانية والبوذية والسيخية. بينما ليس جميع الهندوس يؤمنون بتناسخ الأرواح، إلا أنهم يؤمنون بالحياة الآخرة. هذا الاعتقاد يعتبر باطنيا في العديد من تيارات اليهودية الأرثوذكسية ويوجد بأشكال مختلفة في بعض معتقدات سكان أمريكا الشمالية وبعض السكان الأصليين الأستراليين. ومع ذلك، فإن معظمهم يؤمنون بوجود عالم الآخرة
بعض الفلاسفة يعتقدون في ولادة جديدة لشخصيات تاريخية يونانية، مثل فيثاغورس وسقراط وأفلاطون. هذه المعتقدات موجودة في مختلف الأديان الحديثة، على الرغم من أن معظم الطوائف في المسيحية والإسلام لا تعتقد في تجسد الأفراد مرة أخرى .
يوجد تنظيمات محددة داخل هذه الأديان لا تؤمل بالتناسخ، وتتضمن هذه التنظيمات الرئيسية أتباع التاريخ والمعاصرين للكاثار والعلويين والدروز، وتتراوح العلاقات التاريخية بين هذه الطوائف والمعتقدات المختلفة حول التناسخ، الذي كان صفة من صفات الأفلاطونية الحديثة (مثل الهرمسية والمانوية والغنوصية) في العصر الروماني، وكان يعتبر أفضل من الديانات الهندية. وموضوع التناسخ موضوع بحث علمي حديث، وفي الأونة الأخيرة، وضع الأوروبيون والأمريكيون الشماليون الكثير من الأعمال المعاصرة حول هذا الموضوع .
تناسخ الأرواح عند أفلاطون
لفهم نظرية تناسخ الأرواح عند أفلاطون، يجب علينا أولاً الرجوع إلى نظريته الفلسفية حول النفس والتي تنص على تقسيم النفس البشرية إلى ثلاثة أقسام وهي:
- النفس العاقلة : تكون مركز الدماغ في الرأس وهي تتحكم بالتفكير وهي خاصة بالإنسان فقط دون غيره .
- النفس الغضبية : تقع المسؤولية عن الإنفعالات الإيجابية مثل الشجاعة، والصبر، والكرم، على الصدر، وتُنبهنا عليها العقل، وهذه الصفات والفضائل .
- النفس الشهوية : تقع المسؤولية الرئيسية في الإشباع الجسدي مثل الأكل والشرب والجنس في منطقة البطن، حيث يشترك الإنسان والحيوان في هذه الشهوات .
ربما لا يتحكم الإنسان إلا بعقله، فيكون إنسانا بمعنى الكلمة، وربما يتحكم شهواته التي يشترك فيها مع الحيوان ويجعلها فوق عقله، فيقولون إن روح الإنسان تناسخت وحلت في حيوان، أي أنه لا يتحكم إلا بشهوته الحيوانية، وليس مظهره الخارجي مظهر حيوان، بل هو ذلك الإنسان الذي يكون داخله حيوان، أي أن شهوته وغرائزه هي التي تسير حياته اليومية، ويكون العقل بعيدا عن كل ما يدور في حياته. وتنقسم النفس الشهوانية بدورها إلى أقسام متعددة، وربما تختص ببعض الكائنات دون الأخرى، فمنها الكائنات التي تتميز بالضرورة مثل السباع، ومنها ما يتميز بالقوة مثل الأبقار والأحصن .
تعريف النفس عند أفلاطون
يوجد أكثر من تعريف للنفس بمعناها اللغوي، فهي تعني الروح أو الدم أو الجسد أو الحسد، وتختلف معانيها حسب الثقافات وحتى في علم النفس. ويعتبر البعض أن النفس هي النشاط الذي يميز الكائن الحي ويسيطر على حركاته .
لقد فسرها البعض على أنها القوة الخفية التي يحيا ويعيش بها الإنسان ، وعرفها أيضا فريق أخر بأنها وظيفة العقل والجهاز العصبي أو محرك لكل أوجه النشاط الإنساني سواء كانت تلك النشاطات معرفية ، أو انفعالية ، أو سلوكية ، أو عقلية وهناك رأي أخر لغوي في محيط معنى النفس أن كلمة نفس تكون مذكر ومؤنث في نفس الوقت ، فإن كلمة نفس المذكرة تعني الإنسان بالكامل جسد وروح ، أما نفس المؤنثة فهي تعني الروح وجملة القول هي أن النفس لم يكن لها تعريف دقيق تعرف به ما هي؟ ، أين توجد؟ لا يوجد علم عنها ولكن أوافق القول بأنها اتصال بين الجسد والروح .
الروح الخالدة عند أفلاطون
يعرف أفلاطون الروح الخالدة “بالنوس”، وهي كلمة معناها العقل ، وإنها جزء التفكير والحكم والاستدلال من الإنسان وهذا يعتبر أكبر من المفهوم الحالي للعقل ، وفي نظرية أفلاطون يمتلك العقل برهان على المبادئ الأساسية ، ويشتمل القدرة على التمييز بين كلا من الصواب والخطأ ويوجد هناك بعد أخلاقي يشكل جزء من البنية التي تكن أساسية للعالم الأبدي .
نظرية أفلاطون
تعتبر نظرية أفلاطون إعادة التجسد مسألة في غاية الاهتمام ، وخصوصا أن هذه النظرية تتحدى المفاهيم المعروفة عن القدر والمصير ، تعرض فكرة أن القدر أمر لا مفر منه عن طريق تقديم مفهوم الاختيار ، الذي يحمل أوجه التشابه المذهلة مع “باردو ثودول” كتاب الموتى التبتي ، ودائما ما يولد الحمق من حماقات الطبيعة البشرية ، كما أن أفلاطون يعمل على توضيح أن كل شخص يختار حياته الجديد ة، وأن أول رجل قادر على اختيار الأفكار الخارجية للسلطة والثروة ، ولا يتوقف التأمل على المحاكمات التي تأتي مع السلطة ، وأن الفساد الذي يسير معها في كثير من الأوقات ، وأن التحقق الكامل من اختيار الإنسان تركه في حالة من الذهول .
نظرية أفلاطون محتفظة للتناسخ بمفاهيم القدر والمصير ، ولكن النظرية تكون معتدلة مع الشعور بالمساءلة الذاتية ، في مرحلة معينة وبالرغم من حقيقة أننا لم يكن لدينا القدرة على أن نتذكر وجودنا في السابق ، ونحن اخترنا الحياة التي نعيشها وتخصيصا لمبدأ الحكم ، وهذه هي الحياة التي لابد أن نعيشها في هذا التكرار يكون المقياس الوحيد للسيطرة في قدرتنا على العيش بأكبر قدر ممكن من العدل والمساواة ، ونود أن نختار اختيار يكون الأفضل في المرة القادمة .
الثنائية عند أفلاطون
ألتزم أفلاطون بالثنائيات، وتعني الثنائية بسهولة الاعتقاد بأن الوجود ينقسم إلى قسمين. وأثناء حديثنا عن الإنسانية، يتم تحديد جزئين هما الجسد والروح .
فعند الحديث عن الروح يرى أفلاطون أنها عبارة عن مادة حقيقية موجودة ومستقلة عن الجسد، على عكس الأجساد، التي هي عرضة للتسوس ، فإن الروح لا تخضع للقانون الطبيعي ، بالنسبة لكثير من الثنائيين أن الروح هي الشئ الذي يفصل الإنسان عن الحيوانات ، إنها أساس الوعي البشري. إنها فكرنا وإرادتنا وعواطفنا .
افترقت الآراء فيما يتعلق بطبيعة الروح، ومع ذلك، وافق أفلاطون على أن الروح خالدة ومنفصلة عن الجسد. ورغم ذلك، يعتقد أفلاطون أن الروح تظل في حالة أبدية ولن تتجسد مع الجسد، إذ تكون موجودة قبل لقاء الروح بالجسد. وباعتباره جزءا من نظرية التناسخ، يعتقد أفلاطون أن الروح تبقى داخل الجسد حتى يموت الجسد، ثم تنتقل إلى جسد آخر، ولهذا السبب أطلق أفلاطون عبارة `سجن الروح` على الجسد .
في الواقع، لكل مدرسة في علم النفس تعريفها الخاص، وبالنسبة للنظرية السلوكية، فإنها تعتبر العلم معرفة مادية، ولم يكن بإمكاننا دراسة النفس بحد ذاتها، بل تدرس الأنشطة الخارجية .