تتمثل فكرة الفيزياء الحديثة في النظريات الحديثة التي تتعامل مع الظواهر الكونية المختلفة التي تم اكتشافها، والتي تغير نظرتنا للعالم من خلال التفسير الجديدة المذهلة التي قدمتها، وهذا بناءً على نظريات قدمها أهم علماء الفيزياء .
مفهوم الفيزياء الحديثة
يُمثل مفهوم الفيزياء الحديثة مرحلة ما بعد قوانين نيوتين في الجاذبية ، والحركة ، والقوة ، وتتمثل في النظريات ، وتُعرف بفيزياء القرن العشرين ، وهي تطوير لأساسيات نظريات النسبية ، ومكيكانيكا الكم في بدايات القرن العشرين ؛ وذلك حين ظهرت نوع من المشاكل التي لا يُمكن التعامل معها ، وفهمها باستخدام الفيزياء الكلاسيكية .
الفرق بين الفيزياء الكلاسيكية والفيزياء الحديثة
تتعامل الفيزياء الحديثة مع الظواهر العلمية التي لا يمكن رؤيتها بشكل مباشر، وتناقش العديد من آثار الكون، ومن أمثلة هذه الظواهر:
- الظواهر الإلكترونية التي أسست علم الاتصالات .
- التفاعلات الكيميائية التي تحدث على مستوى الجزيء وطريقة تفسيرها .
- النظام المجهري `الميكروسكوبي` الذي لا يمكن رؤيته بالعين، تم ابتكاره بواسطة أحمد زويل .
الفيزياء الكلاسيكية تعنى بشرح الأشياء المادية التي يمكن رؤيتها يوميا وتفسير التجارب المتعلقة بالصوت والضوء والحرارة وما إلى ذلك، وهي تهتم بالكون المرئي والنظام الماكروسكوبي .
الفيزياء الكلاسيكية تتألف من قوانين نيوتن ومعادلات جيمس ماكسويل ونظرية الديناميكا الحرارية .
الديناميكا الحرارية والفيزياء الحديثة
ظهرت ثلاث اكتشافات هامة خلال الفترة من 1895 إلى 1905، من بينها اكتشاف جوزيف جون طومسون “J.J. Thomson” لوجود الإلكترون، وتعريف العالم الفرنسي هنري بريكل للنشاط الإشعاعي الطبيعي، واكتشاف فيلهلم كونراد رونتجن الأشعة السينية .
إلى جانب نظرية النسبية الأشهر في عالم الفيزياء الحديثة، والتي تعرف باسم “نسبية أينشتاين”، فقد تمثلت الجهود التي قام بها العالم ماكس بلانك في فرضية الطاقة المشعة وتفاعليتها مع المادة كجسيمات تفاعلية بكميات طاقة منفصلة، وهذه الجهود هي التي ساهمت في تحديد شكل الفيزياء الحديثة .
يوجد جدال كبير بشأن تغيير نظرية ميكانيكا الكم ونظرية النسبية من منظور علماء الفيزياء والمهنيين المختصين إلى العالم. حيث طور العديد من أبرز علماء الفيزياء هذه النظريات بناء على خلفيتهم الكبيرة عن تطورات الديناميكا الحرارية، ومن بين هؤلاء العلماء: ماكس بلانك، وألبرت أينشتاين، وإروين شرودينجر الذي اخترع ميكانيكا الموجات والتي أصبحت جزءا رئيسيا من نظرية ميكانيكا الكم .
وفيما يلي نعرض لأهم نظريات الفيزياء الحديثة :
نظرية النسبية لاينشتاين
نظريات النسبية لآينشتاين هي الأبرز بين إنجازاته في مجال الفيزياء، ومن خلالها تمكن من تغيير منظور وفهم العالم للزمان والمكان وسرعة الضوء، حيث وضع آينشتاين نظريتين في النسبية: الخاصة والعامة، وسنتطرق لهما فيما يلي:
النسبية الخاصة
في عام 1905، توصل آينشتاين إلى نظرية النسبية الخاصة، التي تشير إلى ثبات سرعة الضوء وعدم تأثرها بدوران الأرض حول الشمس. كانت هذه النظرية مفاجأة تامة لعلماء الفيزياء؛ حيث كانت المعتقدات السائدة تشير إلى أن سرعة معظم الأشياء تعتمد على اتجاه الجسم الذي يتم مراقبته. ومن أبرز الأمثلة على هذه المعتقدات، عندما تقود السيارة في الاتجاه المعاكس لاتجاه القطار، ستبدو السرعة أكبر مقارنة بالقيادة في نفس اتجاه القطار .
وأشار إلى أن سرعة الضوء التي سيتم قياسها لأي جسم يتم مراقبته، يمكن أن تصل إلى 186 ألف ميل في الثانية، وذلك يعتمد على سرعة الجسم واتجاهه .
هذا الأمر يثير العديد من الأسئلة، بما في ذلك إذا كان الشخص على متن سفينة فضائية تسير بسرعة الضوء ويشغل المصابيح الأمامية للسفينة، فهل سيحدث شيء؟
إن إضاءة المصابيح الأمامية في سفينة الفضاء طبيعية بالنسبة للشخص الموجود داخل السفينة، ولكن الشخص الذي يكون خارج السفينة لن يرى المصابيح مضيئة؛ لأن الضوء يخرج من المصابيح، ولكن يسير بنفس سرعة السفينة الفضائية .
تنشأ الرؤى المتناقضة بسبب اختلاف الأحكام والعوامل التي تحدد الزمان والمكان ليست ثابتة لدى جميع المراقبين. وبينما تظل سرعة الضوء ثابتة، فإن الزمان والمكان لا يمكن أن يكونا مطلقين، وإنما يكونا ذاتيين .
من الأمثلة على ذلك، إذا ظهرت سفينة فضائية طولها 100 قدم، وكانت تسير بنسبة 99.99% من سرعة الضوء؛ فإن السفينة ستظهر فارقًا بطول قدم واحد فقط بالنسبة للمراقب الثابت، أما بالنسبة للأشخاص الموجودين داخل السفينة؛ فستظهر السفينة بطولها الطبيعي .
من الغريب أن الوقت يمر ببطء عندما يكون الضوء أسرع؛ فإذا ترك طفل على الأرض ووضع توأمه في مركبة فضائية تسافر إلى أحد النجوم البعيدة، فعند عودة المركبة الفضائية، سيكون الطفل أصغر سنا من توأمه الذي بقي على الأرض .
تعتمد كتلة الجسم على سرعته؛ فكلما زادت سرعة الجسم، زاد حجمه، ولذلك لا يمكن لأي سفينة فضائية السير بسرعة الضوء بنسبة 100%، لأن كتلتها ستزداد إلى ما لا نهاية .
النسبية العامة
اكتشف أينشتاين أن كل من الزمان والمكان ينحنيان بالقرب من `جسم ضخم`، ويتسبب هذا الانحناء بقوة الجاذبية، ويحدث هذا الانحناء في الزمان والمكان، ويشار إليه بـ `الزمكان` .
يشبه هذا الأمر وضع جسم ضخم على القماش، حيث يؤدي ذلك إلى تمدد نسيج القماش في المنطقة المحيطة به، مما يمنع أي جسم من المرور بالقرب من الخط المستقيم .
تنبأت معادلات النسبية العامة بعدد من الظواهر ، ومنها :
- العدسة الجاذبية هي انحناء الضوء حول الأجسام الضخمة .
- تشير حركة الحضيض إلى النقطة الأقرب للشمس في مدار الكوكب، وتفسر التطور البطيء في مدار عطارد .
- يمكن سحب إطار الزمكان في محيط الأجسام التي تدور .
- تعني “ثقل الإزاحة الحمراء” ضعف قوة الضوء الذي يهرب من قوة الجاذبية .
- تنجم التموجات الحادة في نسيج الزمكان عن التحطم الكوني .
- تشكل “الثقوب السوداء” في الفضاء مصدرًا لجذب جميع الأشياء، بما في ذلك الضوء .
- يؤدي الكثافة الهائلة التي توجد في محيط الثقب الأسود إلى تشوه نسيج الزمكان، وهذا الأمر غير موجود في أي مكان آخر في الكون، وفي حال وضع طفل داخل الثقب الأسود، فإنه سوف يتمدد ثم يختفي كل شيء في غضون ثوانٍ قليلة، في حين يرى توأمه الآخر على الأرض زيادة حجم الثقب الأسود تدريجياً حوله .
لا تقتصر الفيزياء الحديثة على نسبية أينشتاين ، وإنما تُميزها العديد من النظريات الأخرى ، ولكن النسبية تُعد أهم النظريات التي استندت إليها الكثير من النظريات الحديثة الأخرى ؛ فهي تهتم بدراسة الأجسام الضخمة كالأجرام السماوية ، وما يتعلق بها ، بينما تهتم ميكانيكا الكم التي تُعد من أشهر نظريات الفيزياء الحديثة بدراسة الأجسام الصغيرة .