تحليل دم يكشف أكثر من 50 نوع من السرطان
يُعتبر مرض السرطان بمختلف أنواعه من الأمراض التي تحتل المرتبة الأولى في قائمة الأمراض المُسببة للوفاة على مستوى العالم ؛ وخصوصًا إذا لم يتم اكتشاف المرض إلا في وقت متأخر بعدما تكون الحالة الصحية للمريض قد تفاقمت وتطورت إلى الأسوأ ، ولذلك ؛ يجب الحرص على إجراء الفحوصات والاختبارات التي يُمكن من خلالها اكتشاف السرطان بشكل مُبكر مرتين في كل عام على الأقل .
مرض السرطان
يحدث الإصابة بمرض السرطان عندما يحدث نمو غير طبيعي بمعدل مرتفع جدا في خلايا إحدى أعضاء الجسم، وعندما تفشل الخلايا التالفة في القيام بعملية الانتحار الخلوي المعروفة أيضا باسم الاستئصال، يتم اكتشاف هذا النمو المتزايد في الخلايا في وقت مبكر، في الغالب يكون ورما حميدا يتم استئصاله على الفور، ومن ثم يتم الحفاظ على صحة المريض .
بينما إذا استمرت الخلايا في الإنقسام دون سيطرة الجسم عليها ونشأت بين تلك الخلايا بعض الأوعية الدموية لُتغذي هذا الورم في عملية بيولوجية تُسمى Angiogenesis ؛ فإن الوضع يُصبح أكثر خطورة لأن تلك الخلايا السرطانية سوف تكون ذو قدرة على الاستمرار والانقسام والانتقال إلى أجزاء أخرى من الجسم .
هناك بعض أنواع السرطان الأخرى التي لا تصاحبها أورام، مثل سرطانالدم (اللوكيميا) الذي ينتج عن زيادة مفرطة في معدل إنتاج خلايا الدم البيضاء، وتعرف هذه الحالة أيضًا باسم ابيضاض الدم.
اختبارات اكتشاف السرطان
توجد عدة أنواع من الاختبارات والفحوصات الطبية التي يمكن من خلالها التنبؤ بوجود إصابة بالسرطان، مثل:
فحص الدم الكامل
يُعتبر فحص الدمالكامل أو صورة الدم من أهم الاختبارات الطبية، حيث يمكن من خلالها اكتشاف الإصابة بسرطان الدم، إذ أن الارتفاع المفرط في نسبة خلايا الدم البيضاء يمكن أن يشير إلى اللوكيميا .
يمكن استخدام اختبار تمييز فيلم الدم (Blood film differentiation) كجزء أساسي من تحليل صورة الدم للكشف عن بعض أنواع الخلايا البيضاء المناعية التي لا تظهر إلا في حالات محددة من سرطان الدم .
فحوصات دلالات الأورام
وقد توصل العلماء إلى وجود بروتينات ومواد كيميائية ومركبات تظهر في دم المريض عندما يحدث نمو سرطاني في جزء من الجسم، حيث يوجد دلالات أورام خاصة بسرطان الثدي وأخرى خاصة بسرطان القولون وأخرى خاصة بسرطان الكبد وغيرها من الأورام .
فحص خزعة من الورم
في بعض الأحيان ؛ قد يلجأ الطبيب أيضًا إلى اختبار فحص النسيج عبر أخذ خزعة أو جزء من الورم وفحصها باستخدام الأجهزة المجهرية المتطورة ، ومن ثم ؛ تحديد درجة تمايز الخلايا عن بعضها البعض وتحديد ما إذا كان هذا الورم حميد أم سرطاني ، وفي حالة الورم السرطاني ؛ يتم تحديد درجة المرض أيضًا ونسبة الخطورة .
اكتشاف أنواع السرطان باختبار دم واحد
تمكن العلماء مؤخرا من ابتكار اختبار طبي جديد يمكنه اكتشاف أكثر من 50 نوعا مختلفا من أنواع السرطان في مراحل مبكرة، مما يسمح بالتصدي للمرض في وقت مبكر قبل انتشاره .
ويعتمد هذا الاختبار بشكل أساسي على المادة الوراثية DNA التي تنطلق عبر خلايا الورم وتسبح في الدم ، وعلى وجه التحديد ؛ فإن هذا الاختبار يُركز بشكل أساسي على التغيرات الكيميائية التي تحدث في مادة الدي إن إيه والتي تعرف باسم أنماط الميثيليشن methylation patterns والتي تتم من خلال ارتباط مجموعة من الميثيل مع المادة الوراثية .
أشار الباحثون إلى أن هذا الاختبار لا يساعد فقط في اكتشاف إصابة الشخص بالسرطان أو عدمه، ولكن يساعد أيضًا في تحديد نوع السرطان وموقع نشأته في الجسم .
ولقد أشار أحد العلماء القائمين على هذه الدراسة ، أن أهمية هذا الاختبار تكمن في إجراؤه للأشخاص الذين يُشير تاريخ العائلة لديهم إلى تطور أمراض السرطان بين أفرادها أو الأشخاص ذو طبيعة الحياة أو الجينات التي تجعل فرصتهم في تطور المرض أكبر ، وفي نفس السياق ؛ أوضح أن هذا الاختبار يتم بالفعل على مجموعة تجريبية في الوقت الحالي .
أشار الباحثون المشاركون في هذه الدراسة المهمة إلى أن هذا الاختبار يعتمد بشكل أساسي على إحدى تقنيات الذكاء الاصطناعي الخوارزمية، حيث يتم ترتيب النتائج وتصنيفها وتحديد نوع المرض الذي يعاني منه الشخص الذي يخضع للاختبار، بناءً على بعض البيانات .
سبق للعلماء جمع هذه البيانات من خلال عدد كبير من العينات المأخوذة من المرضى المصابين بالسرطان وغير المصابين وفي مراحل مرضية مختلفة. وصل عدد هذه العينات إلى 3052 عينة. ومن خلال تحليل البيانات باستخدام التقنية المستخدمة، يتم تحديد ما إذا كان الشخص مصابا فعليا بالمرض أو عرضة للإصابة، أو أنه سليم وبصحة جيدة .
دقة اختبار الكشف عن أنواع السرطان
واحدة من الأخبار المشجعة التي أشارت إليها نتائج هذه الدراسة هي أن نسبة دقة هذا الاختبار وصلت إلى حوالي 99٪. وقد تم تشخيص عدد قليل جدًا من المرضى (أقل من 1٪) بشكل خاطئ عن طريق هذا الاختبار بأنهم يعانون من بوادر سرطانية في أجزاء مختلفة من الجسم .
فيما يتعلق بالأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بسرطان ما، يمكن لهذا الاختبار تحديد نوع السرطان وموقعه في الجسم بنسبة تزيد عن 55٪ من بين جميع العينات المصابة بالسرطان التي شملتها الدراسة وتم إجراؤها .
ومع ذلك، بالطبع، كما هو الحال في معظم التقنيات الحديثة، فإن درجة دقة الاختبار تتناسب طرديا مع تطور المرض في الجسم. على سبيل المثال، كلما كان الورم السرطاني أكبر وأقدم، زادت قدرة الاختبار على اكتشاف الإصابة بدقة أعلى. والعكس صحيح أيضا، خاصة في حالات السرطان المتقدم في الجسم، حيث يتم إطلاق جزيئات الـ DNA من الورم إلى الدم بشكل أكبر .
عند حساب النسبة المئوية لدقة الاختبار الجديد، نجد أن نسبة دقته في المرحلة الرابعة من السرطان تعادل 93%، بينما تعادل نسبة الدقة في المرحلة الأولى والمبكرة من السرطان 18% فقط .
ومع ذلك، فإن هناك نقطة إيجابية أخرى لاختبار السرطان التي أشار إليها الباحثون في هذه الدراسة، وتتمثل في أنه عندما يتم إجراء الاختبار على عدد قليل من العينات، فإن الخوارزميات ونتائج الاختبار تساعد على تحديد موقع السرطان في الجسم بشكل صحيح بنسبة 96٪، وتصل درجة الدقة إلى 93٪ .
ويُذكر أنه على الرغم من النجاح الكبير الذي قد توصلت إليه الدراسة عبر هذا الاختبار والتقنية الحديثة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي وعلى كيفية اكتشاف المرض بطرق مُستحدثة نوعًا ما ؛ إلا أن الاختبار لا يزال تحت التجربة ولا يزال يحتاج إلى المزيد من التحسينات أيضًا ؛ حتى تكون قدرته على اكتشاف الإصابة بالمراحل المبكرة من السرطان تُعادل أكثر من 90 % على الأقل .