تاريخ الكتابات القديمة في المملكة
تعد المملكة العربية السعودية من أغنى الدول في العالم أجمع بالكتابات القديمة، وذلك وفقا لما ذكره الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الزبيب، وهو أستاذ في جامعة الملك سعود بقسم الآثار، واستنادا إلى قوله، فإن معظم النقوش القديمة موجودة في السعودية، وأشار إلى أن نقوش الثمودي والنجدي والحجازي والتيمائي والتبوكي من النقوش المنتشرة في المملكة، ولذلك فإن للكتابات القديمة تاريخا كبيرا في المملكة.
الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية
وفقا للدراسات والأبحاث التي قام بها عدد من أساتذة كلية السياحة والآثار في الآونة الأخيرة، فقد تبين أن المملكة العربية السعودية من بين الدول الأغنى بالكتابات القديمة والنقوش، وأوضح الدكتور سليمان بن عبد الرحمن أن من بين هذه الكتابات التي تم اكتشافها على الجدران هي النبطية والتي تم العثور عليها على الأحجار في مدينة القصيم، وكذلك الكتابة الصفائية وهي موجودة في شمال المملكة العربية السعودية، والكتابة الدادانية التي تقع في منطقة العلا، بالإضافة إلى الكتابة الآرامية بجميع لهجاتها، وهذه الكتابة تعد من بين أكثر الكتابات تميزا في العالم بأكمله.
وقد صرح الدكتور سليمان بن عبد الرحمن أن الكتابة الأحسائية تم اكتشافها وهي موجودة في مدينة الأحساء، كما أن هناك كتابات معينية موجودة والتي تعني أن كل قبيلة كانت لديها نوع مختلف من الكتابة، ولذلك فإن هناك العديد من الكتابات المعينية بسبب وجود العديد من القبائل القديمة في المملكة، وتم اكتشاف الكتابات التدمرية في شمال الجزيرة العربية، وتم العثور على الكتابة المسمارية في تيماء، وتم اكتشاف الكتابة المصرية في بعض المناطق بالمملكة، وكل هذه الكتابات تثبت أن المملكة العربية السعودية هي أغنى دولة بالكتابات القديمة.
سبب نشأة الكتابات
تشير بعض الأبحاث إلى أن أصل الكتابة يعود إلى عامل إلهي أو عدة عوامل فلسفية. ومنذ ظهورها، مرت الكتابة بعدة مراحل، حيث اعتمدت في البداية على الرسوم كوسيلة للتعبير، وهذا الأمر كان واضحا في الحضارة المصرية القديمة والحضارة السعودية، حيث تم الكشف عن العديد من المعلومات عن تلك الحضارات من خلال الرسوم والنقوش التي تمت نقشها في كل مكان. ثم تطورت الكتابة واعتمدت على الرموز، سواء كانت تعبر عن معان أو أصوات أو أرقام، ثم ظهرت الكتابة المقطعية وغير المقطعية، وأخيرا ظهرت الكتابة الأبجدية واستخدمت في سوريا.
اكتشاف الكتابة العربية الأولى
أقدم كتابة عربية تم اكتشافها في المملكة العربية السعودية على يد علماء من ولاية كاليفورنيا، وأكدت الدراسات أن ه1ه الكتابة تنتمي إلى الدين المسيحي أي أن عمرها يسبق ظهور الدين الإسلامي بأكثر من 150 سنة، وفي عام 2015 تم إرسال بعثة فرنسية إلى السعودية وبمساعدة بعثة سعودية تم دراسة النقوش الصخرية والحجرية التي
تم إيجادها في جنوب المملكة العربية السعودية، ونتج عن هذه الدراسة تقرير مكون من 100 صفحة وأفادت الدراسة أن أقدم خط عربي تم العثور عليه على حجر مستطيل وهو اسم ثوبان (ابن) مالك والاسم كان مزين بالصليب المسيحي، وهذا الشكل يرجع لنفس الأشكال والنقوش التابعة لهذه الفترة من الزمن.
يعد اكتشاف هذا الأمر في المملكة العربية السعودية شيئا مثيرا للاهتمام، حيث يشير إلى أن أصول الأبجدية المستخدمة حاليا تعود إلى الحروف المسيحية، وهذا يدل على أن الأبجدية موجودة قبل الإسلام. كما اكتشفت البعثة النبطية العربية التي كان يستخدمها الأنباط، والذين كانوا يتميزون بالقوة والسيطرة على الطرق التجارية في جنوب بلاد الشام.
أدوات الكتابة قديماً
كانت الأدوات المستخدمة في الكتابة في الماضي تقليدية جدا، ولكن في ذلك الوقت كان الإنسان يبذل جهدا وتفكيرا كبيرا لأنه حاول أن يسهم في تسهيل كتابة النصوص وتعبيرها. المقصود هنا هو أنه اعتمد بشكل كبير على العناصر الطبيعية المحيطة به. ويلاحظ أن البشرية في العصور القديمة اعتمدت طرقا متعددة في الكتابة، ومن أشهر هذه الطرق كانت التدوين باستخدام الرموز والرسوم، حيث كانت الرموز تمثل أحداثا حقيقية. نجح علماء الآثار في جميع أنحاء العالم في اكتشاف هذه الرموز والعمل على ترجمتها لنقلها إلينا في الوقت الحاضر.
ونجد أن الكتابة في العصر الحجري على سبيل المثال استمد البشر الأدوات من البيئة فبدأ الأنسان باستخدام المواد الحادة والنقش بها على الأحجار أو النقش على قوالب الطين أو على جدران الكهوف، ومع مرور العصور تم النقش على أوراق السعف والألواح الخشبية، وأسمى تطور وصبوا إليه صناعة صحف بيضاء من الأقمشة ويتم سقايتها بالصمغ لكي يتم التمكن من الكتابة عليها.
وبالنسبة إلى الكتابات التي تم اكتشافها في السعودية فأشار العلماء أن الأدوات يرجع عمرها لأكثر من ثلاثة آلاف سنة ومن الأدوات الأكثر شيوعاً المستخدمة الحجر وورق البردي والمعادن الرخيصة والرق والفخار والخزف وجلود الحيوانات ولحاء النخيل وأعواد البامبو وظهر السلحفاة وكل هذه الأدوات توضح أن أدوات الكتابة قد مرت بمراحل متعددة إلى أن تطورت .
أدوات الكتابة بين الماضي والحاضر
الكتابة تعد من أهم الاختراعات التي توصلت إليها البشرية حيث أنها الطريقة المثلى التي تم كتابة التاريخ بها فلولا الكتابة لم نكن توصلنا إلى تاريخ العالم القديم بشكل عام، فمن خلال الكتابة سجلت كل دولة تاريخها من خلال ترجمة الأفكار والنقوش والرموز التي تم نحتها على الجدران والأحجار وكذلك على البردي والمخطوطات وغيرهم، ونجد أن أدوات الكتابة تطورت بشكل كبير فقديما كانوا حريصين على أن تكون الأدوات الخاصة بالكتابة صلبة لكي تتحمل النقش بالأدوات الحادة وأقرب مثال على ذلك اكتشاف كتابات على قذائف السلحفاة.
في الحضارة السومرية والبابلية، فضلوا الكتابة على الأقراص الصينية الناعمة، وبعد ذلك تم إدخالها إلى الأفران لتصبح صلبة، واعتمد الرومان في الكتابة على أقراص الشمع لأنها سمحت لهم بمسح جميع النصوص الخاطئة، ولكن من عيوب أقراص الشمع أنها لا تتحمل الحرارة، لذلك لم تكن من أفضل الطرق التي استخدمها القدماء. في مصر القديمة، اعتمدوا بشكل كبير على أقراص الطين للكتابة، وتطورت الكتابة عندهم بعد استخدام ورق البردي وأقلام القصب، واستبدلوا أفلام القصب بالريشات، وهي أقلام يتم صنعها من ريش الطيور، والقلم عبارة عن عمود مجوف يحتوي على حبر، وعندما يتم الكتابة، يتدفق الحبر إلى الريشة، وهذه تعد من أكثر الطرق ابتكارا في ذلك الوقت.
ومن الجدير بالذكر أن استخدام الريشة اعتمد عليه لفترة كبيرة من الزمن حيث تم استخدامه إلى القرن التاسع عشر إلى أن ظهرت الأقلام ذات المناقير المعدنية ، ويعد جون ميتشل برمنجهام هو أول شخص قام بتصنيع كميات كبيرة من الأقلام المعدنية ذات المناقير، وطورت أدوات الكتابة بشكل كبير إلى أن وصلت إلى شكلها الحالي حيث أصبح يوجد سبل متعددة للكتابة وظهرت عدد كبير من أشكال وأنواع الأقلام كما ظهرت الكتابة الالكترونية من خلال استخدام الأجهزة اللوحية وأجهزة الحاسوب، ولكن يجب أن نذكر أن الفضل لظهور الكتابة واكتشافها للإنسان القديم ولولاها لم نكن سنصل أبداً إلى تاريخنا.