النور الذي يتسلل ليضيء الكرة الأرضية بأكملها هو بفضل نجم واحد من النجوم ، فهو النجم الذي يحترق لإنارة الكون بأكمله. عندما تدور الأرض حول محورها ، تكون هناك مناطق لا تواجه الشمس مما يجعلها مظلمة. في الواقع ، يتساءل البعض عن كيفية كون الشمس نجما ، وفي الليل يظهر العديد من النجوم ، ومع ذلك ، تكون السماء مظلمة وتكون هناك إضاءة خافتة فقط بفضل هذه النجوم. يكون الفضاء بأكمله في حالة ظلام تام ، والسبب الرئيسي في إنارة الكون هو هذا النجم الوحيد والشمس ، حيث لا يمكن لملايين النجوم أن تحقق ذلك .
لماذا يسود الظلام في الفضاء
- الأمر يشبه أن تعيش في غرفة صغيرة بمساحة لا تتجاوز عشرة أمتار، ويكون هناك مصباح واحد يضيء هذه الغرفة. إذا كان الشخص داخل هذه المساحة، فإن إضاءة هذا المصباح ستكون كافية بالنسبة له، وسيكون المصباح مضيئا في كل زاوية من الغرفة. ولكن إذا كانت مساحة الغرفة تتجاوز مئات الأمتار، فإن إضاءة هذا المصباح لن تكون كافية لإنارة هذا الجزء الكبير جدا والمساحة التي تحتاج إلى إضاءة أكبر بكثير. وهذا هو الحال في الفضاء، فالنجوم الموجودة في وسط الفضاء تعد جزءا صغيرا جدا من الكون الضخم والواسع .
- وليس ذلك فقط بل أن هذا الكون يتمدد مع مرور الوقت ، ولا يظل على ذات المساحة التي كان عليها منذ أن خلقه الله منذ 13.8 مليار سنة ، وبسبب هذا التمدد المستمر فأن الكواكب ، والمجرات والنجوم بدأ تنجرف بعيداً عن كوكب الأرض ، وتزيد المسافة بيننا وبينهم ، حتى أن المسافة بينها وبين بعضها بدأت بالتزايد .
- وكما أن الضوء الذي يصلنا من الفضاء يقطع رحلة طويلة جدًا قد تصل إلى ملايين السنين الضوئية، فإن ذلك يجعل الكمية التي تصلنا من هذه النجوم أو المجرات المتحدة قليلة جدًا، وهذا ينطبق أيضًا على الفضاء الذي يحتوي على مليارات النجوم في كل مجرة من المجرات .
- وعلى الرغم من ذلك فأننا نجد أنه في حالة ظلام دامس طوال الوقت ، ويرجعه ذلك إلى أن كل مجرة من المجرات بينها وبين الأخرى ، ملايين الكيلومترات ، كما أن الفضاء لا يوجد به توزيع متناسق للنجوم ، بمعنى أننا نجد منطقة من المناطق بها تكتل وعدد كبير من النجوم ، ومنطقة أخرى لا تحتوى إلا على عدد قليل من النجوم ، والمنطقة التي تحتوى على تكتل بعيدة كل البعد عن المنطقة الأخرى لذلك تكون إحداهما منيرة ، والأخرى مظلمة .
- بالإضافة إلى الأسباب السابقة، يعود الأمر أيضا إلى طبيعة الضوء. فالضوء لا يمكنه الانتشار إلا عندما يصطدم بجسم صلب. إذا وقفت في غرفة مظلمة ووجهت مصباحا صغيرا نحو الحائط، ستلاحظ أن الحائط يضاء بالكامل. ولكن الأمر ليس كذلك في الفضاء، حيث يكون الفضاء مكانا فارغا وشاسعا. حتى الأجسام الموجودة في الفضاء، تتكون معظمها من الغازات. وبالتالي، عندما يصطدم الضوء بهذه الأجسام، لا ينتشر، بل يمر عبرها. فيستمر الضوء في سيره في هذا الفراغ الشاسع دون أن يصطدم بأي جسم. وإذا صادف جسما، فإنه يجده بعد رحلة طويلة يفقد خلالها كل طاقته الضوئية. وما نتلقاه من الضوء هو القليل جدا .
كيف يصبح الفضاء منير
على الرغم من كل الأدلة التي ذكرناها حول عدم إمكانية إضاءة الفضاء، فإنه يمكن للمخلوقات التي ترى الأطياف الحمراء وتحت الحمراء أن ترى الفضاء مضيئا. فإذا كان هناك شخص يمتلك القدرة على رؤية الأطياف الحمراء وتحت الحمراء وصعد إلى الفضاء، فسيشاهده مضيئا ولن يقتنع بكل الأدلة التي ذكرناها سابقا. يحدث ذلك لأن النجوم تتحول إلى الأطياف الحمراء، ووفقا للنظرية الفيزيائية، فإن الجسم الذي يشع منها ضوء، مثل النجوم، عندما يبدأ بالابتعاد عن العين البشرية، يتحول لونه إلى اللون الأحمر. ومع ذلك، لا يمكن للعين البشرية رؤية هذا اللون أو الأطياف الحمراء .
فعندما تبتعد النجوم بفعل ظاهرة تمدد الفضاء ، فأنها تتحول مع الوقت إلى الأطياف الحمراء ، لذلك الشخص الذي يصعد إلى الفضاء ولديه القدرة على رؤية الأطياف الحمراء فإنه يكون قادراً على مشاهدة الفضاء في حالة إنارة تامة ، ولكن على الرغم من أن أمر الفضاء المظلم يبدو وكأنه أمر سئ إلا أنه على العكس تماماً فهو أمر جيد جداً ، حيث أن الفضاء وهو مظلم يساعدنا على رؤية الأجسام الموجودة بداخله ، والكواكب المختلفة ، والنجوم ، كما أن الفضاء أن كان في حالة إضاءة بفعل النجوم فأننا لن نقدر على النوم ليلاً بسبب هذه النجوم ، كما أن الله -عز وجل- لم يزود أعيننا بالقدرة على رؤية الأطياف الحمراء حت نكون قادرين على النوم ، ولا نرى الأطياف التي تنير الأرض ليلاً .
تفسير القرآن الكريم لسبب ظلام الفضاء
من الأشياء الرائعة أن القرآن الكريم ذكر أن الفضاء سوف يكون مظلم منذ ملايين السنوات قبل أن يصعد الإنسان إلى الفضاء وقل أختراع المركبات الفضائية فقد قال الله – عز وجل – في سورة النازعات : ( أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا. رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا. وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا )
في هذه الآية، يتحدث الله – عز وجل – عن الكون وليس عن السماء التي نراها يوميا من الأرض. والدليل على ذلك هو أنه يشير إلى خلق غيرها من الأجرام والكواكب وما إلى ذلك. كما يتحدث عن عملية التوسع الكوني المستمرة بقوله (رفع سمكها)، أي زيادة الثخانة. ثم يقول الله – عز وجل – أغطش ليلها، ويشير بذلك إلى الليل الدائم في الفضاء الواسع، مع وجود الكواكب والأجرام. ويدل على ذلك قوله (أغطش ليلها). وقد ذكر المفسرون أن الضمير في ليلها يعود إلى السماء، وليس إلى الليل السماوي الذي يحدث بعد ظهور الشمس
- يعني القول “أي جعل ليلها مظلمًا أسود حالكًا” – كما ذكر ابن كثير في تفسير القرآن العظيم وابن فارس في مقاييس اللغة وابن منظور في لسان العرب – جعل الليل أكثر ظلامًا وسوادًا، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بتجميع الغبار بين الأجرام السماوية الأولية بسبب جاذبيتها وانكماش مادتها .
- وقد قيل في قوله تعالى `أخرج ضحاها` أي أشرقت شمسها بوضوح (زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي ، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، تفسير الفخر الرازي). وأضاف ابن تيمية قائلا: يعني النور والحرارة معا، وذلك ما قاله ابن تيمية في كتاب جموع الفتاوى .