كيف كرم الله العلماء
تعتبر الازدهار الذي يعيشه البشر في الوقت الحاضر وعلى مر العصور نتيجة طبيعية للجهود الكبيرة التي يبذلها العلماء، وما يقدمونه من خدمات عظيمة لمجتمعاتهم. العلماء هم حاملو العلم والمعرفة، ويسعون للتخلص من جحيم الجهل لدى الجميع، ويسعون لتحقيق الخير ونشر الفضيلة بين جميع أفراد المجتمع وإرشادهم نحو التقدم والتطور .
المقصود بالعلم والعلماء
العلم فيقصد به لغة هو ما يؤثر في الشيء ويميزه عن غيره وتكون العين واللام والميم به من الأصل الصحيح ، وهو الذي يناقض الجهل وعلم الرجل في الشيء فترك به اثرا نافعا ، وأعلم وعلم ذات أصل واحد إلا أن الإعلام يتعلق بالخبر السريع ، والتعليم هو ما يطلق عليه من التكرار والأثر على النفوس البشرية .
أما عن العلماء فيقصد بهم من يحملون الرسالة العلمية ويقومون بتبليغها لعموم الناس ويسعون لنشرها في مختلف المدن والأماكن ، ويكون لهم الكثير من الأثر والفضل على جميع الأفراد المتعلمين ، ومن مكانة العلماء العظيمة وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم ورثة الأنبياء ولهم الفضل والمنزلة على جميع الناس .
الدين والعلماء وتكريم الله للعلماء
حثت جميع الشرائع السماوية على الاحترام والتقدير للعلماء، بل ورفعت معظم الشرائع مكانة العلماء. على سبيل المثال، ذكرت الشرائع أن سيدنا موسى عليه السلام كان يعتبر مهما أن يكون لسانه فصيحا وقويا في البيان، حيث طلب من الله أن يكون له أخ يعينه ويكون لديه قدرة على الكلام البليغ والصدق، وبالمثل عندما جاء سيدنا عيسى لقومه، كانوا أشخاصا ماهرين في مجال الطب، فمكنه الله من المعرفة في العلوم الطبية وكان يشفي المرضى بإذن الله .
وضحت الشريعة الإسلامية المدى الذي يتعين على العلم بموجبه، حيث يُذكر في القرآن الكريم أن العلماء هم أكثر الناس خشية من الله، فقد قال تعالى “إنما يخشى الله من عباده العلماء”، مما يؤكد مدى معرفة العلماء بما أمر به الله واجتنابهم لكل ما نهى عنه.
كلما زادت مكانة الفرد العلمية زاد ارتفاع مكانته عند ربه، وذلك بفضل الله ورحمته. وقد قال تعالى: (يرفع الله الذين آمنوا منكم أوتوا العلم درجات).” والدين الإسلامي حث على ضرورة الرجوع للعلماء واستشارتهم والاستفادة من أرائهم. بل ذكر الدين الإسلامي العلماء مع ولاة أمور العباد فيقول تعالى: (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا). ومن الواضح أن أهل العلم والصلاح هم الذين يستنبطون الأمور الشرعية والعلمية في المجتمع. جزى الله جميع العلماء خيرا عنا ومتعهم بالصحة والعافية .
مكانة العلم والعلماء في السنة
وقد تناول الرسول صلى الله عليه وسلم على أهمية العلم ودوره في مدى رضاء الله عن من يسلك في هذا الطريق ، فقال النبي( من سلك طريقا يبتغي به علما سهل الله طريقا إلى الجنة) فالذي يعبد الله على علم يفضل عن العابد الذي يعبد ربه دون علم العالم العابد هو أكثر ثباتا وحفاظا على الحق .
يقول الرسول الكريم: `فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب`، وذلك يدل على مكانة العلماء بين الناس ومدى قربهم من ربهم، وعلى مدى حب النبي لأهل العلم والصلاح .
ومن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم تمسك الصحابة بالعلم وظل يتناقلوه فيما بينهم جيل من بعد جيل ويعلمون الناس أمور دينهم ودنياهم حتى نفع الله بهم العباد وكانوا ينظرون للعلماء بأنهم ورثة الأنبياء ولا يهتمون بورث النقود والدراهم وإنما ميراثهم الرئيسي هو كنز العلم الذي يرفع بيوت من العز والكرم .
العلماء و ميراث الأنبياء
وتعتبر تلك الصفة الحميدة من أعظم الصفات التي تم نسبتها لجميع العلماء ، بأنهم ورثة الأنبياء فهم لا يورثون المال الوافر وإنما يكون مثل أنبيائهم ينشرون روح العلم والتعلم بين أفراد المجتمع ، وبذلك هم يعتبرون أقرب الناس للأنبياء لأن الميراث لا يمكن أن ينتقل إلا بين الأقارب فهم من يرثون أنبيائهم .
ينبغي على الأفراد اتباع أوامر الأنبياء والامتثال لها، حيث يتعلق الأمر بمصالح العباد في الأرض وتحقيق التبجيل الكامل لهم. وقد ورث الصالحون هذه المهمة من أنبيائهم في نشر روح الصلاح والفلاح في مجتمعاتهم وفي مختلف الأزمنة، مما حافظ على العلم في المجتمع وروح التعاون والفضيلة بين الناس .
العلماء مقياس التقدم
مما لا شك فيه أن معيار النهوض لجميع الدول هو مكانة العلماء المتواجدين بها، ومدى اهتمام المسئولين بالدولة بهم فالعلم هو الذي يحقق النهوض بالأمم ، فبقاء الأمم ينبع من وجود أهل العلم بها في شتى جميع المجالات العلمية ولا يقتصر على جانب معين من المجالات العلمية بل يمتد فروع عديدة من العلم .
يجب على جميع البلدان التي تسعى للتطور والتقدم وضع دعائم ومبادئ أساسية للتعاون مع العلماء وتذليل جميع العقبات التي تواجههم لتمكينهم من الوصول إلى مراحل متقدمة في مختلف المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والطبية، وضمان حياة كريمة لجميع أفراد المجتمع.
والجدير بالذكر بأن الأمة التي لا تقدر علمائها فسوف يأتي يوم وستكون في زيل الأمم فهناك من الدول من لا يلقي بالا لعلمائهم ولا يعطونهم الدور المرموق لهم ، والذين يستحقونه فسينتج عن ذلك هجر العلماء لدولهم والبحث عن سبل أخرى للعيش في بلدان بعيدة عن أوطانهم وعدم استفادة بلدناهم من علمهم .
الطاقة العلمية هي مثل جسد الإنسان، كلما اهتممت به ووضعت أمامه كافة الركائز الأساسية التي يحتاجها لنمو علمه، كلما كانت النتيجة كبيرة وضخمة ويتحقق منها الفائدةالمجتمعية والعمرانية، ويتم الابتعاد عن الفشل والجهل والضعف والاستسلام، ويتحقق الازدهار والتقدم على أعلى مستوياته .
أهمية العلماء في المجتمع
- وجود العلماء ضروري في جميع المجتمعات، فهم لا يمكن الاستغناء عنهم في الحياة الدنيا، إذ يشبهون الماء والهواء والطعام .
- يتم قياس تقدم الأمم بمستوى علمائها، حيث يساعد العلم في القضاء على الجهل والتخلف والرجعية القبلية وحب النفس وإيثارها على مصلحة الآخرين .
- تعد بيوت العلماء مصدرًا للعز والكرم، حيث يُشيد هذه البيوت بأيدي العلماء ومن خلالها يمكن للمجتمع مواكبة جميع تطورات العصر وتحقيق المعيشة الكريمة لجميع أفراده .
- يكرس العلماء عددًا من المبادئ والأساسيات التي توضح الحقوق والواجبات الصحيحة في المجتمع، وتحث على الابتعاد عن الأساليب والعادات الاجتماعية الخاطئة.
- يحظى العلماء بمكانة كبيرة لدى خالقهم، إذ يتلقون مكافأة عظيمة عند خدمة جميع أفراد المجتمع وتحقيق الفائدة لهم.
- المجتمعات التي ينتشر بها العلماء في مختلف الأوقات هي التي تهيمن على العالم بما فيه، وهي التي تنتشر فيها مبادئ الحق والعدل .
- عن طريق العلماء يتحقق الفائدة في شتى الحياة العامة ففي مجال العلوم الطبيعية مثل علم الفلك والكيمياء والفيزياء وفي مجال العلوم الرياضية وجميع العلوم الدينية والاجتماعية وسائر العلوم الدنيوية من علم النبات والحيوانات وكافة الكائنات الحية ، مما يدلل على عدم قصور النظرة العلمية للعلماء على نمط معين من الأنماط المعرفية والعلمية التي تنتشر في المجتمع ، وقد حثت كافة الأديان عن ذلك على نشر روح المعرفة بواسطة العلماء حتى يكون لهم الثواب والجزاء العظيم من الله فى الدنيا والأخرة .