– “النحت هو واحد من أقدم فنون الإبداع التي عرفها الإنسان، وهو يعتبر جزءًا من مجموعة الفنون المرئية، حيث يعود تاريخه لأكثر من أربعة آلاف عام قبل الميلاد، ولذلك فهو جزء من التراث الإبداعي.
استخدمت الحضارات القديمة فن النحت للتعبير عن مهاراتهم، فقد تم استخدام النحت بصورة بارزة خلال الحضارة الفرعونية، ليقوم بدور رئيسي في تدوين التاريخ الفرعوني على جدران المعابد، ويكشف للعالم عن سر عظمة تلك الحضارة العريقة، لذا يبحث الكثيرين عن أصل النحت البارز وتاريخه وأهم استخداماته التي عرفها الإنسان على مر التاريخ.
فن النحت
يعتبر النحت واحدا من أشكال الفنون حيث يتم استخدام المواد الصلبة والبلاستيكية في هذا الفن. الهدف منه هو إنتاج قطع فنية ثلاثية الأبعاد. يمكن أن تتجسد تصميمات النحت على شكل كائنات مستقلة أو نقوش على الأسطح أو مجموعة من المشاهد على الجدران. يمكن استخدام مجموعة متنوعة من المواد في النحت، مثل الطين والحجر والشمع والنسيج والمعادن، بالإضافة إلى الجص والمطاط ومواد أخرى تستخدم في تصنيع المنحوتات بأشكال وألوان مختلفة.
يمكن نحت المواد المتعددة أو تشكيلها من البداية لتشكيل الأجسام الصلبة التي نراها في أشكال مختلفة، أو دمجها بطرق متعددة لتكوين أنماط مختلفة من المجسمات، وتحظى هذه المنحوتات بإعجاب وإعجاب عشاق الفن التشكيلي في جميع أنحاء العالم.
من الجدير بالذكر أن النحت ليس مصطلحًا ثابتًا ينطبق على فئة محدودة دائمًا، بل هو اسم الفن الذي قد يتغير ويتطور مع مرور الوقت، بل ويقوم بتوسيع نطاق أنشطته بصورة مستمرة، إذ أصبح نطاق هذا المصطلح أوسع بكثير خلال النصف الثاني من القرن العشرين مما كان عليه قبل ثلاثة عقود، نظرًا للتطور الملحوظ الذي شهدته حركة الفنون التشكيلية بصفة عامة خلال تلك الحقبة الزمنية.
تاريخ فن النحت
تعود تاريخ النحت إلى العصر الحجري القديم واستمر عبر مجموعة من العصور الأخرى، حيث استخدم النحت لترسيخ حضاراتها.
- العصر الحجري القديم: تم العثور على تمثال الإنسان الأسد Löwenmensch في كهف عميق بألمانيا، تحديدا في عام 1939، ويعود تاريخه إلى العصر الحجري القديم، أي قبل حوالي 35000 عاما قبل الميلاد. إنه واحد من أقدم التماثيل التي تم اكتشافها على الإطلاق، حيث يصور تمثال الإنسان الأسد Löwenmensch جسد إنسان برأس أسد، وتم نحته من ناب الفيل. وهو معروف الآن كأقدم تمثال في العالم.
- النحت بالحضارة الفرعونية: يعد فن النحت واحدًا من أشهر وأعرق الفنون الفرعونية، ويتميز بتقنيات فنية رائعة، ويعد تمثال أبو الهول من بين أشهر النحتيات، إذ يصور تمثال أبو الهول كائنًا يحمل جسدًا لأسد ورأسًا لإنسان، حيث يبلغ ارتفاع هذا التمثال 65 قدم وطوله 240 بوصة، وتم تصميمه ليكون عنصرًا متميزًا يبرز براعة الفنون الفرعونية.
- النحت اليوناني: في الفن اليوناني كان يعتقد أن الآلهة يحملون شكلا بشريا عاديا، لذلك فإن النظر إلى مجسمات النحت اليوناني يجعلك تعتقد أن اليونان كانوا يقدسون الإنسان بسبب كثرة المنحوتات البشرية. وبالفعل، اعتبر الشكل البشري النموذج الأهم في الفن اليوناني. ويجدر الإشارة إلى أن الإغريق في البداية اتبعوا النموذج المصري عن كثب، وقاموا بنحت أشكال حادة من الحجر، ولكن مع التطور الفني الذي شهدته اليونان، قاموا بتطوير أشكال المنحوتات لتصبح أكثر واقعية من الرخام والبرونز وغيرها من الخامات الأخرى التي خرجت عن الشكل التقليدي للنحت الفرعوني.
- النحت الروماني: بدأ الرومان في تغيير الطريقة التقليدية للنحت، حيث أصبحت التماثيل العملاقة أقل شيوعًا واستبدلت بالبورتريه الفني المصور.
- النحت القوطي: يتميز النحت القوطي بالنزعة الدينية، حيث أصبحت المنحوتات البارزة في الكنائس أكثر شيوعًا في أوائل العصور الوسطى مما كانت عليه من قبل.
- منحوتات عصر النهضة: في هذا العصر، سادت الواقعية في الفن، وأدى اختراع المطبعة إلى نشر هذه الأفكار، ولذلك أصبحت منحوتات عصر النهضة أكثر واقعية من السابق.
- منحوتات القرن التاسع عشر والقرن العشرين: اكتسبت التعبيرات الإنسانية عن الفن أهمية كبيرة، حيث بدأ الفنانون في إيلاء الاهتمام لما هو تحت السطح بدلاً من التركيز على التشريح والتفاصيل الدقيقة.
- فن النحت الحديث: يتميز فن النحت الحديث بالتعبير عن الأفكار الشخصية للفنانين، فعلى سبيل المثال، كان مارسيل دو شامب جزءًا من حركة الدادائية، وأقام معرضًا كاملًا حيث تعبر منحوتاته عن التشاؤم والغضب وسخافة العالم، وفقًا لرؤيته ومعتقداته في ذلك الوقت.
تعريف النحت البارز
النحت البارز هو أحد أنواع النحت، يتميز بنحت الأشكال والتصاميم على الأسطح بطريقة تعطي الانطباع بأن الجزء المنحوت قد تم تجسيمه فوق الخلفية. يتميز هذاالنوع من النحت بجمالية تبرز فيها الأشكال والتصاميم المختلفة بشكل أنيق، حيث يعبر الفنان ببراعة عن التمثيل بالخامات التي يمتلكها.
يجب أن نلاحظ أن النقش البارز يكون أكثر انتشارا من النحت المستقل، وذلك بسبب إمكانية تنفيذه باستخدام عدد محدود من الأدوات، مما يوفر الموارد. كما أن النقش البارز لا يعاني من مشكلة التوازن والثقل التي تواجه النحت المستقل، حيث يعتمد على خلفية واحدة تجمع المنقوشات. وفي نفس السياق، نجد أن النقش البارز مناسب للمشاريع المعمارية بينما النحت المستقل ليس كذلك.
أنواع النحت البارز
يتمثل النحت البارز في مجموعة من الأنواع:
- النقش المنخفض (بالإنجليزية: نوع النحت المنخفض الارتفاع: يعتمد هذا النوع من النحت على ارتفاع منخفض، بمعنى أنه لا يتداخل بشكل كبير مع الخلفية.
- النقش المرتفع (بالإنجليزية: التمثال ذو الارتفاع العالي: يتميز هذا النوع من النحت بارتفاعه بشكل كبير عن الخلفية، وقد يظهر بشكل مستقل تماما عن الخلفية.
- النقش المتوسط (بالإنجليزية: النحت المنغمس: هذا النوع من النحت يكون منخفضا بين النقش المنحوت والنقش المرتفع.
تاريخ النحت البارز
تاريخ النحت البارز يتميز بتباينات بين الهيمنة التصويرية والنحتية. على سبيل المثال، في الفن اليوناني القديم، النقوش تشبه النحت المنخفض أكثر من الصور الموسعة، حيث تحتل الرسوم مساحة محددة بواسطة الأشكال الصلبة وتقتصر على مستوى الخلفية. أما النحت البارز في عصر النهضة، فاعتمد على المنظور كأسلوب تصويري ثلاثي الأبعاد على خلفية ثنائية الأبعاد، مما يمنحه بعض الصفات المشتركة مع اللوحات الفنية المصورة.
استخدامات النحت البارز
يُعد النحت البارز أحد أبرز أنواع النحت والأكثر انتشارًا في الفنون القديمة، حيث تم استخدام النحت البارز في مجموعة من الأغراض، مثل:
- الزخارف المستخدمة في الأعمال الفنية ذات الطابع الديني والشخصي والمدني.
- المشروعات الفنية بأنواعها المختلفة.
- استُخدِمَ النحت البارز كمنهج لتجميل المباني القديمة، حيث تم الاعتماد على النقوش البارزة لتزيينها، وقد شكّل النحت البارز ميزة في عدد من الفنون المعمارية خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.
- تم استخدام النقوش البارزة لتجميل النوافير والشرفات والميادين والحدائق المختلفة.
- كان تكريم الشخصيات التي لها أثر في المجتمعات واحدًا من استخدامات فنون النحت بشكل عام والنحت البارز بشكل خاص.
- تعتمد صناعة الميداليات بأنواعها المختلفة على النقوش المميزة.
- يتم استخدام النقوش البارزة في تصنيع الحلي وقطع الأثاث وديكورات المنزل الفاخرة.
- تستخدم النقوش البارزة في تصنيع المجسمات المختلفة، وتساهم في التعلم بطريقة أسرع.