السياحةالعالم

سور مجري العيون

على مر العصور، علم الإنسان كيفية بناء الحضارات، وقام ببناء الجدران في جميع أنحاء العالم، ويوجد دليل أقدم وثابت على ذلك، وهو جدار مدينة أوروك السومرية القديمة، ويعود تاريخه إلى القرن الحادي والعشرين قبل الميلاد.

رغم أن هذه الهياكل التي صنعها الإنسان تلبي أغراضًا مختلفة، فإن سمة مشتركة واحدة هي وجود وجهين للجدار، حيث يمكن لشكل السلطة منح من لديه الامتياز الكافي العبور إلى الجانب الآخر دائمًا.

تتراوح الجدران من الدفاعات المحصنة المنطقية والمناطق الحضرية المسورة والمباني الفريدة، فمن الإنصاف القول إن الجدران بجميع أشكالها وأحجامها هي ظاهرة عالمية – وهي ظاهرةتشهدها مسقط رأسي في القاهرة، حيث تطورت على مر الزمن.

سور مجرى العيون

سور مجرى العيون هو أحد أقدم وأهم وأبرز المعالم الباقية من آثار القاهرة الإسلامية. تم بناؤه لتوفير المياه لقلعة صلاح الدين عن طريق رفع مياه النيل بواسطة آلات خشبية تسمى السواقي إلى المجرى الموجود في السور. تتدفق المياه داخل المجرى حتى تصل إلى الموقع المخصص لها في القلعة. كانت هذه القلعة مقرا للحكم منذ بداية العصر الأيوبي، ثم تم نقل مقر الحكم لقصر عابدي بعد ذلك.

لذا، سور مجري العيون يعتبر من أهم المناطق الأثرية ذات التاريخ العتيق، ويتمتع بمكانة جغرافية وتاريخية هامة للغاية. يتكون السور من أحد الأبراج الهامة المعروفة ببرج `المأخذ`، والذي يتألف من ستة سواقي. يتم تقسيمه إلى عقود تعرف بعقود السائق، ويوجد به قناة تصل إلى قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتعرف باسم `مجرى العيون`.

اسم سور مجري العيون

تُعرف سور مجرى العيون باسم `قناطر المياه`، ومؤسس تلك القنوات هو السلطان صلاح الدين الأيوبي، أو السلطان الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، وهو مؤسس الدولة الأيوبية في جمهورية مصر العربية آنذاك.

تاريخ سور مجري العيون

في السنوات الأولى في القاهرة، شهدت المدينة صعودا وهبوطا لسورها لمدة تقارب ألف عام. كانت مدينة الإسكندرية الساحلية في مصر مركز الإدارة في البلاد. لم يكن حتى الفتح العربي لمصر في عام 641 بقيادة عمرو بن العاص، حيث تم نقل الإدارة إلى ما يعرف الآن بالقاهرة. بعد عقود من تبادل السيادة، استولى الفاطميون على مركز الخليفة الجديد في عام 969 بقيادة المعز لدين الله، وأطلق عليها اسم القاهرة الحديثة، وتعني `المنتصر` أو `القاهر`.

بعد فترة قصيرة من حكم الدولة الفاطمية في مصر، أمر عمرو بن العاص، القائد الجوهري الصقلي، بالبدء في بناء جدار حول المدينة الإمبراطورية الجديدة، التي تضمنت القصور المذهلة والحدائق الجميلة. وعلى الرغم من أن السور الحضري، الذي تم الانتهاء من بنائه في عام 971، كان له هدف دفاعي، إلا أن القاهرة بقيت تحت سيطرة النخبة الحاكمة والموظفين والجيش. وكان على أي شخص آخر يعمل داخل أسوار المدينة أن يعود إلى الفسطاط، المركز الإداري السابق والمدينة المجاورة للقاهرة، في نهاية اليوم.

في حين ظلت القاهرة المركز الحاكم الحصري لمصر ، ازدهرت الفسطاط كمدينة حيث تم الاعتراف بالازدهار الاقتصادي من قبل بعض أبرز المؤرخين في تلك الحقبة، وعلى الرغم من أن المدينة المكتظة بالسكان قد بدأت بالفعل في المعاناة من توسعها السريع ، سرعان ما تحول المنحنى الهبوطي إلى غرق مميت بعد أن أثرت المجاعة والطاعون والكوارث الطبيعية على المدينة الساتلية.

في حين أن الفسطاط واجهت الموت القريب ، كانت الفاطمية القاهرة آمنة داخل أسوار المدينة. استجابة للوضع الجديد الذي نشأ في الفسطاط ، سمح الوزير الفاطمي لأول مرة منذ ولادة القاهرة للتجار الأغنياء بالانتقال إلى المدينة الحصرية ذات مرة ، مما أفسح المجال لتشكيل أسواق جديدة داخل أسوار المدينة.

متى أنشأ سور مجرى العيون

تولى صلاح الدين الأيوبي حكم مصر من عام 565هـ / 1169م وحتى عام 589 هـ / 1193م، ثم أعاد السلطان الناصر محمد بن قلاوون تجديد مصر بالكامل في عام 712 هـ / 1312م.

مميزات سور مجرى العيون

أقام صلاح الدين الأيوبي سورًا في القاهرة، بدءًا من الفسطاط، وجعل فوق هذا السور مجرى أو جسرًا ممتدًا أو قناة خاصة لنقل المياه التي ترفعها السواقي من الآبار وحتى قلعة صلاح الدين الأيوبي.

استُخدمت السواقي في ري المحاصيل والأراضي المحيطة بمنطقة القلعة.
وعندما بدأت القلعة في التوسع مع بداية العصر المملوكي وكان قد أقام في تلك القلعة كثير من المماليك خاصة بعد كثرة عددهم، حيث فكر السلطان المدعو الناصر محمد بن قلاوون في إنشاء مشروع آخر بهدف زيادة كمية الماء التي تتدفق من النيل وصولاً إلى القلعة، لذا قام بتوجيه أوامره بإنشاء برج أخر ضخم جداً وذلك في سنة 1312 .
يتألف برج في منطقة فم الخليج، التي تسمى الآن شارع قصر العيني، على ضفة النيل، ويتكون من أربعة سواقي كبيرة، حيث يقوم برفع المياه إلى القناة أو المجرى الذي يقع فوق الأكتاف أو العقود المرفوعة المصممة لرفع الماء إلى القلعة.

مساحة سور مجري العيون

أن سور مجرى العيون يتميز بمساحته التي وصلت لـ 3500 متر وطرازه المعماري المتميز الذي يعود لفن العمارة الإسلامية باستخدام حجر “النحيت” لبناء السور. وأشار عبد العليم إلى أن هذا السور يبدأ من منطقة فم الخليج إلى منطقة السيدة عائشة، كما يتكون السور من برج يسمى برج المأخذ يحتوي على 6 سواقٍ، ويقسم هذا البرج إلى عدة عقود تسمى عقود السواقي المسؤولة عن حمل القناة المائية.

مشاكل سور مجرى العيون

يتعرض سور مجرى العيون الآن لإهمال شديد، خاصةً بعدما تحول إلى مقلب للنفايات والمخلفات. أصبح هذا الصرح التاريخي الباقي من الأثار الإسلامية قليلًا، وأصبح مكانًا لإلقاء مخلفات المدابغ فيه. بالإضافة إلى أن تدهور شبكة الصرف في المنطقة بشكل كبير.

ولكن تم نقل المدابغ بشكل كامل لسور مجري العيون منذ عام 1918، ما أدى إلى تدهور شبكات الصرف الصحي بالمنطقة وبدأت الحوائط في الانهيار إلى أن باتت غير مؤهلة لإعادة الترميم، ورغم أن الحكومة المصرية قامت بنقل كافة المدابغ كلها إلى منطقة جديدة تسمى الروبيكي؛ إلا أن كافة الممارسات المحسوبة على الإهمال لم يتوقف بعد.

ترميم سور مجرى العيون

لقد أعدت وزارة الآثار المصرية خطة هامة وكبيرة من أجل تطوير السور والتي تتضمن نقل كافة شاغلى المناطق المحيطة بسور مجرى العيون من ورش ووحدات ومصانع موجودة بالمنطقة، وقامت الدولة باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة  من أجل وضع مخطط محدد التطوير وإنهاء كافة التصاريح والموافقات الخاصة بذلك.

بالإضافة إلى ذلك، تقوم الدولة بتأمين جميع المرافق الأساسية والرئيسية اللازمة لهذا المشروع على حدود تلك المنطقة والتطوير المشار إليه، وتعمل بشكل خاص على إدارة الأموال المطلوبة لتعديل نظام الصرف الصحي وتقديم تعويضات نقدية للمتضررين العاملين في المصانع والورش والوحدات في المنطقة المحيطة بتجاويف الصرف العام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى