زد معلوماتكمن هو

من هو خضر غيلان الأندلسي

هو المجاهد الكبير لخضر غيلان، الذي كان من أشرس القادة المغاربة، وحسب المصادر التاريخية، فإن الخضر غيلان قد تزعم حركة الجهاد في بلاد الهبط، و قام بعدة حملات ضد الاحتلال الإسباني الذي كان يحتل مدينة العرائش في سنوات الخمسينات من القرن السابع عشر، ثم قام بمهاجمة الاحتلال البرتغالي الذي كان يحتل طنجة، وكرر هجماته بعد تسليم البرتغاليين مدينة طنجة للعرش الإنجليزي، ولا زالت قصوره شاهدة على كفاحه في بعض المدن وخاصة في طنجة وفي مدينة أصيلة “قصر الريسوني حاليا “، وفي مدينة القصر الكبير “دار غيلان “، لنتعرف من خلال هذا المقال على سيرة هذا المجاهد الكبير.

نبذة عن مسيرة و شخصية الخضر غيلان

الخضر غيلان هو الزعيم الرئيس لحركة الجهاد المغربية ضد الإستعمار البريطاني الذي احتل مدينة طنجة في الفترة من 1662 إلى 1684 ميلادية. ولد في مدشر الزراق التابع لقبيلة بني جرفط في مدينة العرائش بالمغرب. هو ابن سيدي عمر غيلان، رجل صالح، وكان ينتمي إلى المجاهدين تحت قيادة أبي عبد الله العياشي. بعد وفاته، تولى غيلان قيادة حركة الجهاد في بلاد الهبط. ينحدر الكبير من عائلة غيلان، وهم من الأندلسيين الذين هاجروا من غرناطة واستقروا في قبيلة بني كرفط في جبالة. تعتبر هذه العائلة من الشرفاء وهم أصحاب زاوية أولاد غيلان. بعد قيادته لحركة الجهاد، دخل مدينة القصر الكبير واستعادها من الدلايين وجعلها عاصمته، ثم توجه منها لمحاربة قوات الاحتلال البرتغالي والإنجليزي في طنجة.

كان شخصاً شجاعاً جدا، وكان لديه شخصية قوية للغاية، وكان حاد الطباع وكان يحب الحفاظ على السرية وعدم الكشف عن ما يدور في داخله، وامتد نفوذ الخضر غيلان إلى مدن مثل طنجة وسبتة وتطوان وشفشاون وتازة.

القصر الكبير حاضرة الخضر غيلان

كان العياشي قد عين الخضر غيلان قائد حركة الجهاد في منطقة الهبط، و بعد وفاة العياشي، تولى الخضر غيلان قيادة الحركة، فاستولى على مدينة القصر الكبير سنة 1063هـ، وجعلها عاصمة الهبط وانتزعها من الدلائيين، و قتل علي بن أحمد، الرجل الذي اغتال أبي عبد الله العياشي، ومنها توجه لقتال البرتغاليين ثم الإنكليز بطنجة، و تمكن الخضر من ضم المنطقة الشمالية الغربية كلها.

كيف حاول الخضر استرجاع  العرائش

كانت واحدة من أهداف الخضر الكبرى هي استعادة العرائش، وقد دعمته القبائل في هجومهم على المدينة في 28 مايو 1655م، وحاصروها وحاولوا فتح ثغرات في أسوارها، فأمر الحاكم الإسباني بصدهم بواسطة المدافع ونجح في ذلك، ثم حاول الخضر مرة أخرى في 9 مايو 1657م، وشن هجوما قويا وعنيفا على المدينة، لكن القوات الإسبانية نجت منه بأعجوبة.

وحين امتد نفوذ الخضر إلى سائر قبائل جبالة والهبط و أضاف أصيلة و القصر الكبير و تطوان إلى المدن الخاضعة له، تضاعفت قوته أكثر و هاجم مدينة العرائش مرة أخرى سنة 1666. وبدأ في صنع سلالم للهجوم على أسوار العرائش، لكن قام أحد الأسرى الإسبان بتسريب الخبر ففشل الهجوم، كما حاول الخضر أن يقتحم المدينة بالقوارب، إلا أن باخرة كبيرة اعترضت طريقه و لم يتمكن من ذلك فانهزم غيلان أمام العرائش.

دور الخضر غيلان في تاريخ  طنجة

كانت طنجة واحدة من أهم المدن التي احتلتها البرتغال بعد أن استولت على سبتة في عام 1415م، وتم تضمينها لاحقا في إسبانيا في 28 أغسطس 1475م. بعد وفاة الملك سباستيان في معركة وادي المخازن الكبيرة، سقطت طنجة وسبتة وأصيلة والجديدة تحت سيطرة السلطة الإسبانية من عام 1581م إلى 1643م، ثم عادت مرة أخرى إلى السيطرة البرتغالية. منذ ذلك الحين، أصبحت طنجة هدفا للمقاومة الشعبية التي قادها القائد العياشي، وفي تلك المقاومة سقط العديد من الشهداء، بمن فيهم علي غيلان وأحمد غيلان. بعد ذلك، تولى الخضر غيلان قيادة المقاومة كما ذكرنا في وقت سابق.

استخدم غيلان حصنه لمهاجمة أسوار مدينة طنجة وتورط في صراع مع الإنجليز. ومن أبرز المعارك التي وقعت هي معركة `تلة اليهود` في وادي اليهود بطنجة. في هذه المعركة، تكبد الخضر غيلان الجيش الإنجليزي خسائر فادحة وقتل قائد مدينة طنجة الإنجليزي. فرجع باقي جيشه إلى أسوار طنجة خائفا من قوة الخضر غيلان. بعدها، قام الخضر بتنظيم المقاومة المحلية في طنجة، مما حول الصراع ضد الاحتلال في شمال المغرب من مقاومة غير منظمة إلى حرب جماعية متنظمة. في عام 1656، قاد الخضر غيلان هذه الحرب، مما دفع الحاكم البرتغالي لطلب هدنة لمدة سنة واحدة. وافق الخضر على ذلك واستمرت الهدنة لسنة واحدة قبل أن يستأنف هجومه على مدينة طنجة بقوة 25،000 مجاهد. قطع الخضر إمدادات الماء التي كانت تصل إلى المدينة عبر القناة الرومانية في وادي اليهود. حاولت البرتغال إرسال إمدادات لإنقاذ جيشها، لكنها وقعت في كمين نصبته أسطول الخضر البحري بعد أن غادر من سواحل مدينة أصيلة.

في عام 1662م، اضطرت البرتغال للانسحاب من طنجة وتسليمها للملك شارل الثاني ملك إنجلترا. ومع ذلك، لم تتوقف هجمات الخضر غيلان ورجاله، مما اضطر الإنجليز إلى التوصل إلى هدنة مع الخضر غيلان. في تلك الفترة، استغل الإنجليز الهدنة لتعزيز الدفاع عن طنجة، وبنى الخضر حصنا يعرف بحصن غيلان أو قصبة غيلان في ضواحي المدينة، والذي لا يزال موجودا في مالاباطا بطنجة حتى اليوم. كان الحصن مشكلة حقيقية للقوات الإنجليزية، لأنه كان يشكل تهديدا مستمرا لإزاحتهم وتحرير مدينة طنجة من قبضتهم. كانت مهمته الدفاع عن المدينة من الغزو الأوروبي وشن هجمات متكررة لضعف قوتهم وطردهم من المدينة.

وفي سنة 1664، ذهب الخضر غيلان إلى مدينة العرائش لتحريرها من الاحتلال الإسباني. وبعدها هاجم مدينة طنجة، ولكنه صدم بالقوات الإسبانية والإنجليزية والبرتغالية. كما واجه الدلائيين بقيادة محمد الحاج الدلائي وهزم جيشه في مولاي بوسلهام. ثم واجه العلويين بقيادة المولى رشيد الذي تقدم بجيشه إلى تطوان للقضاء على الخضر غيلان، ولكن الخضر تمكن من الفرار إلى مدينة أصيلة. ثم اتجه إلى الجزائر لطلب دعم الأتراك، واستغل الأوضاع المضطربة بعد وفاة المولى رشيد بشكل مفاجئ في عام 1672. نجح الخضر في عرقلة تقدم الدولة العلوية بقيادة المولى إسماعيل، حيث تعرض جيشه لهزيمة مذلة. بعد ذلك، نجح إسماعيل في القضاء على حركة الخضر غيلان ودخل مدينة القصر الكبير وأمر بقتل الخضر. ثم استطاع إسماعيل طرد الإنجليز من طنجة بقيادة علي بن عبد الله الريف.

وفاة الخضر غيلان الأندلسي

كما ذكرنا انصرف الخضر غيلان إلى تحرير العرائش التي كانت تحتلها اسبانيا ثم عاد إلى طنجة للهجوم على المحتلين لكن اتحاد الأسبان و الانجليز و البرتغاليين والعلويين ضد حركة الخضر غيلان في الشمال عجل باغتياله رحمه الله سنة 1084ه الموافق 1673م، بمدينة القصر الكبير ودفن بها، وبقي ضريحه معروفا لدى سكان المدينة إلى أن تم هدمه وشيد مكانه مسجد سنة 1984م.

بعد وفاته بـ 12 سنة، عادت طنجة إلى حكم الجيوش المغربية، وبقيت مجهودات الخضر النواة الحقيقية للقتال والصمود في وجه المحتلين، وما زال قصره وحصنه الشامخ يشهد على عظمته وبطولاته الكبيرة .

قصبة غيلان في مدينة طنجة

تعتبر قصبة غيلان واحدة من المعالم التاريخية الرئيسية في طنجة، وتقع على الضفة اليمنى لوادي الحلق في المدينة، على الطريق المؤدي إلى منطقة مالاباطا شرق المدينة القديمة. ارتبط اسمها بالقائد الخضر غيلان الذي قاوم الاحتلال الإنجليزي لطنجة في الفترة بين عامي 1662 و 1684 ميلادية. تم بناؤها في عام 1664 ميلادية، وتم تصنيفها من قبل وزارة الاتصال والثقافة المغربية كمعلم تاريخي في المدينة وتم إدراجها في قائمة التراث الوطني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى