مقارنة بين الجمعية والنقابة والحزب
قد يجهل بعض الناس الفرق بين مفاهيم الجمعية والنقابة والحزب، وقد يعتقدون أنها مجرد تجمعات لبعض الأفراد الساعين لتحقيق أهداف معينة، ولكن الحقيقة أن لكل منها طابعها الخاص، ومن أجل التوضيح يمكن تفسير الفرق بينها كالتالي:
الجمعية
الجمعية هي مجموعة منظمة من الأفراد يعملون بشكل دائم لتحقيق أهداف اجتماعية أو ثقافية محددة دون السعي لتحقيق الربح المادي، بينما تهدف الأحزاب السياسية إلى تحقيق أغراض سياسية من خلال الوصول إلى السلطة أو المساهمة فيها.
النقابة
تعد واحدة من مكونات المجتمعات المدنية، التي تهدف إلى نشر الوعي التربوي والثقافي وتعزيز الحوار البناء بين الأفراد في المجتمع. إنها جماعة مستمرة ومنظمة، تهتم بشكل خاص بأصحاب مهنة معينة، وتسعى للدفاع عن مصالح أعضائها ورفع مستوى العيش الاجتماعي والثقافي والاقتصادي لهم. على الرغم من أنها تشبه الحزب في الهيكل والتنظيم، إلا أنها تختلف عنه في الأهداف، حيث تسعى النقابة إلى تعزيز المصالح الثقافية والاجتماعية والاقتصادية للأعضاء الذين ينضمون إليها.
الحزب
تباينت آراء فقهاء القانون العام والدستوري في تحديد تعريف واحد للحزب، ولذلك تم تحديد تعريف متعدد الجوانب، ويقال أن الحزب هو تنظيم دائم ليس مؤقتا ولا يرتبط بتحقيق أهداف محددة ويختفي، وهو تنظيم وطني ولا يتميز بطابع محلي، ويسعى للوصول إلى السلطة من خلال تحقيق برنامج سياسي محدد، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال الحصول على دعم الشعب، ويتم تقييم ذلك من خلال الانتخابات.
تعريف الحزب لغة واصطلاحاً
على الرغم من عدم وجود مصطلح موحد لتعريف الحزب، إلا أنه تم تحديد مفهوم لغوي وآخر اصطلاحي لتعريفه
المفهوم اللغوي
وفقًا لتعريف المفهوم اللغوي للحزب المذكور في معجم الوسيط، فإنه يشير إلى جماعة تتميز بالقوة والصلابة، وتتشابه قلوبهم وأعمالهم، وتجتمعون في أحزاب.
المفهوم الاصطلاحي
تم تعريف مفهوم الحزب الاصطلاحي بعدة تعريفات، منها:
تعريف الحزب وفقا للمشروع السياسي
يُعرف التجمع الذي يُسمى بـ”بيردو” عند الفقهاء، بأنه تجمع لعدد من الأشخاص الذين يؤمنون بفكرة سياسية معينة، ويسعون لتحقيقها والانتصار لها، وذلك عن طريق جمع أكبر عدد ممكن من المواطنين حولهم والسعي للحصول على السلطة أو التأثير على قرارات الحكومة على الأقل.
وصفه سليمان الطماوي بأنه مجموعة من الأفراد الذين يتحدون ويعملون بوسائل ديمقراطية مختلفة للفوز بالحكم وتنفييذا برنامج سياسي محدد.
تعريف الحزب على ضوء خصائصه
تم تعريف الحزب السياسي تبعًا لذلك المعيار وفقًا لعناصر رئيسية، وهي:
- يهدف الحزب إلى الوصول إلى السلطة وتحقيق برنامج سياسي محدد.
- يعني الحزب تنظيم وطني، إذا كان لا يمتلك طابعًا محليًا، فإنه يصبح جمعية أو منظمة أخرى.
- الحزب هو تنظيم دائم، أي ليس مؤقتًا ولا يرتبط بتحقيق غرض معين ثم يختفي.
- يسعى الحزب للحصول على دعم الشعب، ولا يُعرف حجم ذلك إلا من خلال الانتخابات.
نشأة الأحزاب السياسية
لم تنشأ الأحزاب السياسية مرة واحدة، بل نشأت بأشكال مختلفة لأسباب متعددة، ومن الجدير بالذكر أن أهم هذه الأسباب هي خمسة، وفيما يلي نشأة الأحزاب السياسية الخمسة:
- ترتبط نشأة الأحزاب السياسية بالبرلمانات ودورها في الأنظمة السياسية المختلفة
مع ظهور البرلمانات، بدأت الكتل النيابية تظهر وهي تعتبر النواة التي أسست لظهور الأحزاب، وذلك لأن أعضاء البرلمان يتشابهون في الأفكار والمصالح والإيديولوجيات، وأصبح هناك تعاون بينهم. ومع مرور الوقت، أدرك هؤلاء الأعضاء ضرورة العمل المشترك، وزادت قدرتهم على فهم أهمية البرلمانات في الأنظمة السياسية، وبدأت تظهر نشاطات هذه الكتل البرلمانية خارج البرلمانات للتأثير في الرأي العام، وهذا الأمر حدث في الكثير من الأحزاب الأوروبية والعالم النامي، وكان حزب الحرية والائتلاف العثماني في الأساس كتلة للنواب العرب في البرلمان التركي عام 1911 فقط.
- يتعلق ارتباط نشأة الأحزاب السياسية بالتجارب الانتخابية في العديد من دول العالم
كانت البدايات الأولى لتطبيق مبادئ الاقتراع العام، بدلا من الولاء للنبلاء والوراثة، حيث ظهرت الكتل الانتخابية مع تشكيل اللجان الانتخابية في جميع أماكن الاقتراع، بهدف الترويج للمرشحين الذين يتحالفون تلقائيا بناء على الهدف والفكرة المشتركة. تلاشت هذه الكتل بعد نهاية الانتخابات، لكنها سرعان ما عادت بالاستمرار بعد ذلك، وأعلنت عن تشكيل أحزاب سياسية تجمع بين الأفراد المتحد في الآراء والأفكار. وهذا يعني أن بداية وجودها كانت خارج البرلمان، ثم أصبحت الأحزاب جزءا منه، وسعت هذه الأحزاب لتشكيل هياكل تنظيمية مستدامة لجذب الأعضاء ومراقبة عمل البرلمان والسلطات التنفيذية.
- ظهور العديد من منظمات الشباب والجمعيات الفكرية والهيئات الدينية والنقابات
بعض المؤسسات سعت إلى تنظيم نفسها بشكل أكبر من مجرد جماعات مصالح تحقق الخدمة لأعضائها. ومن الأمثلة الرئيسية على ذلك (حزب العمال البريطاني) الذي نشأ في البداية بكنف نقابات العمال بالتعاون مع الجمعية الفابية الفكرية. كما كان الحال في أحزاب الفلاحين في الدول الاسكندنافية، حيث كانت الأصل في نشأتها الجمعيات الفلاحية. وكان الأساس في نشأة أحزاب مسيحية في أوروبا الجمعيات المسيحية. أما في دول أمريكا اللاتينية، فلم تكن هناك أسس خاصة بالأحزاب السياسية، ولذلك يمكن التركيز على التحليل الاقتصادي والاجتماعي لأوضاع تلك البلاد بعد جلاء الاستعمار منها، والذي يعكس مصالح كبار الملاك، والعسكريين، والكنيسة. وكان هذا هو الأساس الأول وراء ظهور الرعيل الأول من الأحزاب السياسية في تلك البلدان.
- تحدث (8568) عن علاقة نشأة الأحزاب السياسية بوجود أزمات في التنمية السياسية
نظرا لأن بعض الأزمات مثل الشرعية والاندماج والمشاركة تؤدي إلى نشوء العديد من الأحزاب، فإن الأحزاب السياسية الفرنسية نشأت في ظل الأزمات الشرعية وما تلاها من أزمات مشاركة، وظهرت خلال الحكم الملكي في القرن الثامن عشر والحكم الاستعماري الفرنسي في منتصف القرن الماضي. أما بالنسبة لأزمة التكامل، فقد أدت إلى نشوء أحزاب قومية، ومن الأحزاب الإيطالية والألمانية وبعض الأحزاب العربية التي جعلت الفكرة القومية والوحدة العربية هدفها.
- تظهر الأحزاب نتيجة تنظيم الجماعات لأنفسها لمواجهة الاستعمار وتحقيق التحرر من الاحتلال الأجنبي
يجدر بالذكر أن هذا الأمر لا يمكن لنا تحديده بشكل خاص في الجيل الأول من الأحزاب السياسية التي نشأت في بعض دول العالم العربي والأفريقي.