كيف تكون المجادلة بِالَّتِي هي أحسن
يعني الجدال النقاش والمفاوضات في إطار المنازعات، وربما يحدث فيه المغالبة، وهو حوار يتبادل فيه الأطراف الحوار ويجب على كل من الفريقين المشاركين في الحوار أن يفهم وجهة نظر الآخر .
يعرض كل طرف الأدلة والبراهين التي يعتمد عليها في وجهة نظره، ثم يتبع ذلك عرض الانتقادات والاعتراضات على النقاط التي يرغب كل طرف في تعديلها.
هناك بعض الأفراد الذين يظلون متشبثين بآرائهم ووجهات نظرهم دون فهم الحقيقة وبالتالي يرفضون الاستجابة، وذلك لأن الإنسان بطبيعته يميل إلى المجادلة والخصام والمعارضة للحقائق ويتشبث بالباطل، ولكن هناك قلة قليلة من يهديهم الله .
قال تعالى: `وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا`، لذلك يجب على المسؤول الداعية استخدام أساليب المجادلة لإقناع الأفراد بالحق.
ما الذي يجب توافرها لكي ينجح أسلوب الجدال:
يجب تطبيق الآية الآتية ” ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ “.
يعتبر الجدال أحد الأساليب المستخدمة في الدعوة، ولكن يجب أن يتوافر فيه الشروط المذكورة وأن لا يؤدي إلى الخصام أو الشتائم، بل يجب أن يستخدم لتحقيق هدف الهداية، ويوجد مجموعة من الآداب التي يجب اتباعها أثناء المجادلة
- تكمن صدق النية وإخلاصها في نصرة الحق وإظهاره وتوجيه دعوة الدين، والابتعاد عن الرياء والجاه والتكبر.
- – الاستناد إلى العلوم الصحيحة التي تفيد الواردة في السنة والقرآن.
- يجب على الشخص السعي للحقيقة وتجنب التعصب، وأن يكون عزمه جاهزًا لنصرة الحق، وقد قسم العلماء الجدل إلى نوعين هما:
- الجدل المذموم يشمل نوعين، الأول هو الجدل بدون علم، والثاني هو الجدل بالشغب والتمويه لنشر الباطل حتى وإن برزت الحقيقة وتوضحت
- الجدل المتعلق بالحق والخطأ هو أحد أشكال النصيحة
- ينبغي أن يتميز الإسلام بصفات الأخلاق العالية والسمو، وخاصة في حالات الجدال، حيث يجب الحفاظ على الهدوء والابتعاد عن اللغة البذيئة والتجريح والسخرية والاحتقار.
- ينبغي اتباع السلوك المنطقي والابتعاد عن المراوغات والكذب والخرافات والأساطير التي لا يوجد لها أي دليل صحيح.
- يشمل التسليم على جميع الأمور التي تم الاتفاق عليها بين الطرفين، وقبول جميع الأدلة القاطعة المرتبطة بالاتفاقية.
- يستخدم أسلوب الجدل المحمود عند الضرورة، ويجب تجنب الجدل الذي يتسبب في الإساءة.
- يجب أن يكون الكلام في صيغة مختصرة توضح المضمون بشكل موجز وليس طويلا جدا.
- يجب أن يتم استخدام الكلام بشكل سهل الفهم والسلس والمألوف، والابتعاد عن الكلمات الغريبة.
- يجب أن يكون الحديث متعلقا بموضوع النقاش.
- يجب عدم التقليل من شأن أي متحدث وعدم الاستهتار به.
- يجب أن يكون الهدف الأساسي هو الوصول إلى الحق والصواب.
- عدم الاعتراض بدون فهم
- يلزم احترام حق كل شخص في التحدث وعدم انقاطه.
نتائج المجادلة الناجحة
تهدف المجادلة إلى التوصل إلى الحقيقة أو تحقيق العدالة بين المتجادلين دون إلحاق أي ضرر على أي منهما، وتتميز المجادلة الناجحة ببعض المميزات التي تنتفع بها الطرف الذي يمتلك الحق، ومن بين تلك المميزات:
- يجعلك متفائلا
قد ينظر الناس إلى الجدال بشكل سلبي فقط، ولكن هذا ليس كل القصة، حيث أن المشاركة في الجدال يمكن أن تمنحصر الشعور بالسيطرة والقوة وتعزيز التفاؤل لدى الأشخاص.
- خفض مستويات الكورتيزول
هؤلاء الذين ينسحبون ويتجنبون المواجهات تكون مستويات الكورتيزول عاليه جدا لديهم وهو معروف بكونه هرمون التوتر، ويبقي أثره لفترة أطول عن هؤلاء الذين لا يخافون من خوض أي معركة لفظية، كما انهم يكون من الصعب عليهم أن يحافظوا على هدومهم، كما أنهم معرضون للشيخوخة وإصابتها ببعض أنواع السرطانات.
- التوقف عن الاستياء
عندما ترفض الحديث عن فعل قام به شخصٌ أغضبك، فإن ذلك يؤدي إلى انزعاج واستياءٍ شديد.
- يخفف من الآلام والأوجاع
قد لا يكون من الممكن حل التوتر وقد يتسبب في آلام جسدية مثل الغثيان والألم، ومن الممكن أن يساعد النقاش في تخفيف هذه الأعراض.
- يعمل على إطالة عمرك الافتراضي
ستجد هنا حلولًا سهلة ومرضية وستساعدك على البقاء متفائلاً ومحباً للحياة.
أنواع الجدال
الجدال له حالتان وهما :
- الأولى الجدال المحمود والحسن:
الذي ينصر الحق ويسقط الباطل ويُلغيه، وقد أمر به جميع الدلائل الشرعية، إلى جانب العلماء في العصر القديم والحديث
- الجدال المذموم:
ينبغي علينا الابتعاد عن النفاق لأنه ينتصر في كل الأمور، على الرغم من أن الأدلة الشرعية تحذرنا من ذلك.
يمكن للإنسان التعرف على الشخص الذي يجادل ويتفنن في الحجج من خلال طريقة كلامه وثباته على آرائه رغم وجود الأدلة والبراهين التي تقدم له.
الأشخاص الذين يدافعون عن الحقيقة والأمور الصحيحة يقبلون الأدلة والإثباتات التي تأتي من مصادر موثوقة، ويتبعونها، ولكن إذا كانت هناك أدلة تتعارض مع آرائهم وتدعم الصحة بشكل أفضل، فإنهم يقبلونها.
يتم تصحيح الأخطاء التي يرتكبها الأشخاص الذين يؤمنون بالحق بمجرد اكتشافهم لها، وذلك بالتراجع عن الأقوال غير الصحيحة واتباع الأحاديث الصحيحة، وذلك لأن الهدف الأسمى لهم هو الوصول إلى الحق وإظهاره. ومن ناحية أخرى، يصر أولئك الذين يريدون الدفاع عن آرائهم الخاصة على صحتها حتى بعد إثبات عدم صحتها.
كيف تدير المجادلة الناجحة
- تماسك بالحقائق
كن دائمًا على يقين من أنك تعبر عن الحقيقة وليس مجرد رأي، حيث أن الحقيقة تجعلك دائمًا ناجحًا في المناقشات وتجعلك أكثر موضوعية وقوة وفعالية، وللحفاظ على مصداقيتك، تجنب الإدلاء بآرائك التي تعتقد أنها صحيحة .
- لا تأمر أحد بفعل شيء
عندما تتحدث مع شخص ما، لا تستخدم صيغة الأمر في كلامك، حتى لا يشعر الطرف الآخر بالغضب، ولا ينبغي أن تقول “اعمل هذا”، “يجب عليك فعل هذا” أو “لا تفعل هذا” وما إلى ذلك.
- تجنب استخدام كلمة “أنت”
عند الحديث مع أي شخص سواء كان وجهًا لوجه أو كتابة، ينبغي تجنب استخدام كلمة “أنت” في الجملة، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى صعوبة الجدال وظهور لهجة عدائية في الحوار. كما يجب الإشارة إلى الحقائق والأدلة عند الحديث، والتأكد من صحة ما يتم ذكره عن الشخص المذكور .
- ركز على ماذا تريد
ينبغي عليك تحديد الهدف من هذه المحادثة، هل تريد إثبات صحة وجهة نظرك فقط، أم أنك تريد إثبات الحقائق؟ هذه النقطة مهمة جدا.
- ضع نفسك مكان الطرف الأخر
عندما تتحدث مع شخص ما، يجب عليك وضع نفسك في موقعه ومعرفة اللهجة أو الأسلوب الذي يستخدمه في الحديث. لذلك، يجب عليك دائمًا أن تحترس من نبرة صوتك والكلمات التي تستخدمها.