بحث كامل عن الاستشراق
من المعروف أن الاستشراق هو اتجاه فكري يركز على دراسة الحضارات الشرقية بشكل عام، ويعنى بدراسة العرب والحضارة الإسلامية بشكل خاص. في بدايته، كان محصورا في دراسة اللغة العربية فقط، ومن ثم توسع ليشمل دراسة الشعوب الشرقية بأكملها بما في ذلك تقاليدها ولغاتها وآدابها. يطلق مصطلح “الاستشراق” على العلماء الغربيين الذين يأتون ليدرسوا اللغة العربية والإسلام وأديان الشرق ولغاتها وآدابها. وتشير كلمة “استشراق” في اللغة العربية إلى معنى “الشرق.” يتم استخدام هذا المصطلح لوصف الشكل الشرقي للحضارة من قبل الفنانين والكتاب الغربيين. يجب أن نذكر أن الاستشراق هو نتاج دراسات طويلة قامت بها الغرب للإسلام والشرق.
مفهوم الاستشراق
تعريف الاستشراق: هو علم يدرس الجوانب المختلفة للشرق، من دياناتها ولغاتها وحضاراتها وشعوبها وتاريخها. ويقوم بدراسة كل ما يخص الجانب الشرقي من العالم. والمستشرق هو شخص من الغرب أو أوروبا يهتم بتعلم العلوم الشرقية وديانات وحضارات أهل الشرق. وقد نشأ هذا الاتجاه في الكنيسة، لذا فإن جميع المستشرقين اتخذوا موقفا عدائيا تجاه الإسلام وحاولوا تشويهه ونشر الشك حوله، حتى طعنوا في كل ما يخص الإسلام، بما في ذلك النبي محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم والشريعة الإسلامية ولغته وتاريخه، وذلك لبعد الأمم الغربية عن الإسلام.
نشأة الاستشراق
نشأت حركة الاستشراق نتيجة للعديد من الأسباب عند الغرب، ومن أهمها ما يتعلق بالدين الإسلامي والشريعة، والجدير بالذكر أن بعض الباحثين عندما يبدأون في شرح دوافع المستشرقين فإنهم يكثرون من تمجيدهم، ويؤكدون أن نشأة الاستشراق كانت بدوافع الدراسات العلمية النزيهة فقط، في حين أن منهم من يكون ضدهم كثيرًا، ولا يذكر للمستشرقين أي نوايا حسنة، فحينما انتشر الإسلام بصورة كبيرة وبدأ بدخول البلاد الغربية، خاف الغربيون من معرفة الصورة النقية له، فلو عرفه شعبهم ودرسوه دون تأثير عليهم لاعتنقوه دون تردد، لذا عرف النصارى خطورة الإسلام على دينهم، فبدأ المستشرقون يكتبون عنه بطريقة فيها تشويه لهذا الدين العظيم، وطفق من درسه منهم بتلويث صورته في مبالغة كبيرة.
أقر المستشرقون بصراحة أن آراءهم حول الإسلام كانت هجومية، حيث اعترف المستشرق (جيبرت النوجنتي) بأنه عندما يكتب عن الإسلام، فإنه لا يعتمد على أي مصادر ويستمد أفكاره فقط من الآراء العامة، ولا يستند إلى أي أساس يمكنه من معرفة الصحيح من الخاطئ. وفي نهاية حديثه بأقصى درجات الجحود، قال: “لا يوجد حد للإساءة إذا تذكر الإنسان أكثر مما يتخيله من الشر الذي يمكن للإنسان أن يتصوره
أهداف الاستشراق
كان الهدف من الاستشراق هو ترجمة كتاب القرآن الكريم، وبالرغم من ذلك فهذه الحركة لم تترك الهدف الأساسي لها تمامًا وهو دراسة علوم الإسلام، أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، دراسة التاريخ والفقه الإسلامي، وآداب اللغة العربية،وكان الهدف من وراء ترجمة القرآن الكريم هو تشويه صورة الإسلام، فكانت أفضل طريقة لفهم الإسلام هي ترجمة كتابه، فقاموا بالترجمة حتى تكون لديهم ردود على القضايا التي تختلف مع الدين المسيحي.
أبرز المستشرقين
في التاريخ الاستشراقي الطويل كان هناك مجموعة من المستشرقين الذين اهتموا بالحضارة الإسلامية بشكل صادق، وكانت دراستهم عبارة عن محاولة منهم للنظر لهذا الأمر بطريقة موضوعية، وبعضهم استطاعوا النجاح في مجال الاستشراق، ولكن الكنيسة المسيحية لم ترحب بهم لانهم متعارضين مع اتجاهها في هذا المجال، ومن أبرز مستشرقين الغرب ضد الإسلام:
-
رايموند لول: درس اللغة العربية والقرآن الكريم لمدة تسع سنوات من عمره، وطلب من بابا الفاتيكان إنشاء جامعة لتدريس اللغة العربية لتخريج مستشرقين يمكنهم مواجهة الإسلام، وأعلن البابا في مؤتمر في فيينا إنشاء مركز لتدريس اللغة العربية في خمس جامعات: يولونيا في إيطاليا، سالمانكا في إسبانيا، باريس، الجامعة البابوية في روما، وأكسفورد.
- كازانوفا: يعد هذا المستشرق أحد أكثر المستشرقين كراهية للعقيدة الإسلامية وللنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقد اتضحت ديانته المسيحية القروسطية في كتابه الذي يحمل عنوان (محمد ونهاية العالم)، وكانت محاولات كازانوفا في هذا الكتاب تأكيد تأثير الإنجيل على القرآن الكريم بكل الوسائل الممكنة.
- بطرس المكرم: هو فرنسي من الرهبانية البندقية، ورئيسا للدير كلوني، وقد قام بالعمل على تجميع بعض المترجمين حتى يأتي بمعلومات موضوعية عن الدين الإسلامي، وكان السبب وراء الترجمة الأولى لمفردات القرآن الكريم بالأتينية كان ذلك في عام 1143م.
- كارل بروكلمان: مشى على نهج (كازانوفا)، حيث أولى اهتمامه للنبي محمد صلى الله عليه وسلم بتأسيس الإسلام استنادا إلى الدين اليهودي والمسيحي، باستخدام مصادر يهودية التي تناولت مفهوم الخطيئة الأصلية. وقال بروكلمان: `لا يمكن أن نحكم على دين محمد فقط بالاستناد إلى القرآن، فالمسألة ليست مجرد أمر تنظيمي، بل كان التماسك الفكري والدقة ليستا الجوانب الأقوى به… ولم يكن عالمه الفكري مبتكرا إلا في حدود ضيقة، فهو في المقام الأول نابع من اليهودية والنصرانية، فكيف استطاع محمد التكيف البراعة وفقا لاحتياجات شعبه الدينية.
كتب عن الاستشراق
قامت مجموعة من المستشرقين بتأليف كتب تتحدث عن الإسلام بناء على أفكار خاطئة، وكان الهدف من ذلك التأثير السلبي على صورة الإسلام. وعلى الرغم من ذلك، بعضهم عاش فترة من حياته بين المسلمين وتعرف على أخلاق وآداب الإسلام، ونجحوا في كتابة مؤلفاتهم بصدق تام. وبعضهم اهتدى للإسلام. وإليك بعض الكتب المتعلقة بالاستشراق المتطرف والمحايد
كتب الاستشراق المتطرف
- تاريخ القرآن من تأليف لتيودور نولدكه.
- تاريخ مذاهب التفسير الإسلامي للمؤلف جولد زايهر.
- دراسات في تاريخ الثقافة الإسلامية للمستشرق فون جرونيباوم.
- مقالة في الإسلام لجرجس سال.
كتب الاستشراق المحايد
- دفاعًا عن الإسلام للكاتبة لورا فيشيا فاغليري.
- كتب موريس بوكاي بحوثًا حول الإسلام والمسيحية واليهودية.
- إظهار الإسلام لروجيه دو باسكويه.
- رسالة: كتاب القضاء الإسلامي في مصر في القرون الوسطى للمستشرقة آنا ماري شيمل.
خاتمة عن الاستشراق
يمكن الاستنتاج في نهاية بحث علمي حول الاستشراق أن ما قام به المستشرقون من دراسات لا يمكن اعتبارها بحثا علميا، وذلك لأنهم لم يحصلوا على المعرفة من الخبراء في هذا المجال، بل كانوا يتجسسون على المعرفة ويستندون إلى الشائعات. وقد كانت علومهم مأخوذة من الأساطير والخرافات، وكانوا يتعاملون بشكل عشوائي مع اللغات الشرقية التي يترجمونها أو يدرسونها. كان اهتمامهم بالدراسات الشرقية يأتي من حاجتهم لمعرفة أعدائهم. وكانت الكتب التي ألفوها ونشروها مجرد صور لعقولهم وعواطفهم واتجاهاتهم، وكانت تستخدم كأداة لتدمير الشرق ثقافيا واجتماعيا وعلميا وفكريا. ورغم ذلك، تم الاستفادة الجانبية من أعمال الاستشراق في تحقيق وفهرسة ونشر الكتب.