انواع الاساليب الانشائية مع الامثلة
تتداخل قواعد اللغة العربية بين اللغوية والنحوية وغيرها، حيث تساهم جميعها في بناء قطعة نصية متماسكة تحمل فيها أساليب وصيغ معبرة. وفي اللغة، يشار إلى هذه الأساليب بأنها الطريقة التي يستخدمها الكاتب أو المتكلم في إيصال حديثه، وتتنوع هذه الأساليب وتحمل كل نوع منها أغراضا مختلفة، مثل الأسلوب الإنشائي الذي يستخدم بكثرة في القرآن الكريم والسنة النبوية، واستخدمه أيضا العديد من الشعراء في البلاغة العربية والشعر.
تعريف الأسلوب الإنشائي
يتضمن الأسلوب الإنشائي في اللغة العربية نوعين: الإنشائي الطلبي، الذي يطالب بحدوث شيء غير موجود في وقت الكلام، والإنشائي غير الطلبي، الذي لا يطالب بذلك. يتكون الأسلوب الإنشائي الطلبي من خمسة أنواع: الأمر، النهي، الاستفهام، التمني، والنداء.
غرض الأسلوب الإنشائي وانواعه
هناك العديد من الأنواع والأغراض للأساليب الإنشائية في تاريخ اللغة العربية، بمن فيها:
الأمر
الإسلوب الإنشائي من نوع الأمر له أربع صيغ وهم:
- فعل الأمر: وكما قال تعالى (خذ الكتاب بقوة) [سورة مريم: الآية ١٢].
- الفعل المضارع المقترن بلام الأمر: من أمثلة ذلك الآية الكريمة (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ) في سورة الطلاق، الآية رقم 7.
- اسم فعل الأمر: ويشير هذا الفعل إلى الطلب كفعل الأمر، ولا يقبل علامات الفعل مثل ياء المخاطبة ونون التوكيد عليه، على سبيل المثال (حي على الصلاة) يعني اقبل على الصلاة، وعندما يتم محاولة وضع علامات الفعل على الكلمة حي، لا تقبل، وبالتالي فإن كلمة تعبر عن الأمر ولا تقبل علامات الفعل تصبح اسم فعل أمر.
- المصدر النائب عن فعل الأمر: كما في (سعيا في الخير)، المقصود منها: تسعى في الخير، وفي التالي قول الله تعالى: (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب) [سورة محمد: الآية 4]، والمقصود منها: فاضربوا رقابهم.
قد يتم استخدام فعل الأمر بصيغ معينة للدلالة على معانٍ مختلفة، وتشمل هذه الصيغ ما يلي:
- الدعاء: وكما جاء في قول الله تعالى في سورة النمل الآية 19 (وأوزعني أن أشكر نعمتك)، فالمعنى هو (ألهمني أن أشكر نعمتك)، وإذا كان هذا الحديث يوجه لله تعالى، فلا يعد أمرا بل هو طلب من الله تعالى وليس أمرا لأن أحدا لا يمكنه أن يأمر الله.
- الالتماس: مثل قول `أعطني الكتاب` عند التحدث مع شخص مساو، فهذا لا يعد أمرا لأن الكلام يوجه لشخص مساو للمتحدث، وبالتالي لا يمكنه الأمر، فلو كان الأمر لقال له `ليس لك علي أمر`، بينما إذا كان التماسا فسيكون هناك بعض التلطف.
- التمني: كما في البيت الشعري (أيها الليل الطويل، أيها الليل الداكن، أيها الليل الطويل لا يمكن أن تنجلي بصبح، ولا يمكن للإشراقة أن تأتي منك)، إذا لا يمكن أن يكون أمرا، لأن كلمة `انجلي` موجهة لليل وهذا غير معقول، لأن الليل ليس شخصا يمكن أن يؤمر.
- التهديد: وكما قال الله تعالى: (اعملوا ما شئتم)، [سورة فصلت: الآية 40]، ومن المعروف أن الله تعالى لا يقول للأشخاص (اعملوا ما شئتم)، ولذلك فهو يحمل معنى التهديد الموجه للناس، ويؤكد هذا ما قاله الله تعالى بعد ذلك (إنه بما تعملون بصير)، [سورة فصلت: الآية 40].
- التعجيز: على سبيل المثال، في البيت الشعري: `يا لبكر، انشر لي كليبا، يا لبكر، أين الفرار`، وهذا غير ممكن.
النهي
يعتبر استخدام أسلوب النهي من أساليب الإنشاء، وهو طلب المنع عن الفعل، ويتم ذلك عن طريق استخدام الفعل المضارع مع كلمة النهي (لا الناهية) كما في قوله تعالى (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها)، ويمكن استخدام هذا الأسلوب لأغراض مختلفة
- الدعاء: مثل (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا)، [سورة البقرة: 286].
- الالتماس: التحدث مع شخص يساويك في المستوى الثقافي والذهني يعادل القول: `لا تترك مكانك حتى أعود إليك`.
- التمني: كما يقولون (يا ليل، اهبط، يا نوم، اذهب، يا صبح، توقف عن الطلوع).
- التهديد: عندما يقول شخص لخادمه “لا تطيع أمري” يعني أنه سيعاقبه إذا لم يطيعه.
الاستفهام
وهو طلب أو سؤال للعلم بالشئ، ولإسلوب الاستفهام أدوات مثل (الهمزة، هل، ما، من، متى، أيان، كيف، أين، أنٌَى، كم، أي)، فعند قول (هل جاء زيد؟)، فالمقصود من الكلام هنا (أعلمني هل جاء زيد؟)، وفي بعض الأحيان يتعدى أسلوب الاستفهام معناه الأصلي ليشمل معاني أخرى تتضح في سياق الجمل ومنها:
- التسوية: كما قال الله تعالى: `سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم`، [سورة البقرة: الآية 6]، فإن الهمزة في `أأنذرتهم` تعني أن إنذارك لهم أو عدمه متساو عليهم.
- النفي: من أمثلة ذلك الآية الكريمة: “هل جزاء الإحسان إلا الإحسان” [سورة الرحمن: الآية 60]، وهذا يؤكد أن الاستفهام هنا هو للنفي باستخدام الكلمة “إل.
- الإنكار: يمكن أن يتم استخدام مثال في سورة الأنعام، الآية 40، حيث ينكر التوبيخ.
- الأمر: وفقا لقول الله تعالى في سورة المائدة الآية رقم 91 “فهل أنتم منتهون”، والتي جاءت في سياق تحريم الخمر والميسر، فقد أشار الله إلى أنهما من عمل الشيطان وأنهما رجس، ودعا الله إلى اجتنابهما، وسأل إذا كانوا قد توقفوا عنهما بعد معرفتهما بتحريمهما.
- النهي: في الآية الكريمة (أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه) [سورة التوبة: 13]، يقصد بها أن لا تخشوا الآخرين وحده الله هو الذي يستحق الخشية.
- التشويق: وفقا لقوله تعالى “هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم” [سورة الصف: الآية 10]، قد يكون الهدف من وراء هذه العبارة هو التعظيم.
- التعظيم: من الأمثلة على ذلك قوله تعالى (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه)، [سورة البقرة: 255]، والمقصود هو أن وجود عظمة الله تعالى يعني أنه لا يوجد أحد يمكنه أن يشفع إلا بإذنه.
- التحقير: كما قيل في الآية الكريمة (أهذا هو الشخص الذي يذكر آلهتكم)، [سورة الأنبياء: 36]، يعني أنه أقل قيمة مما يستحق أن يجرح آلهتهم.
التمني
الرغبة في الحصول على شيء مرغوب ولكنه صعب الحصول عليه كما يقول الشاعر:
كما يتمنى الشاعر أن يعود إلى شبابه ويخبره بما فعله الشيب
يعتبر الأمر غير ممكن للشباب أن يعودوا إلى الحياة مرة أخرى، وإذا كان الأمر الذي يتم الأمل به قابل للحدوث فيسمى “الترجي” ويتم استخدام عبارات مثل “لعل” و”عسى” في ذلك، ويأتي في سورة الطلاق الآية الأولى “لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا” كمثال على ذلك.
النداء
يمكن تعريف النداء بأنه طلب الانتباه لشيء معين، وتتمثل أدواته في (يا، أيا، الهمزة، أي، آي، هيا، ووا) ويتم استخدامها كالتالي:
- الهمزة وأي: تأتي إلى الأحباب كما في (أسكن نعمان الأراك، تيقنوا ♦♦♦ بأنكم في ربع قلبي سكان).
- أيا: يمكن استخدام كلمة (أيا) للإشارة إلى شخص مهم كما في (أيا مولاي)، أو للإشارة إلى شخص متدني كما في (أيا هذا) عند الحديث مع شخص ما.
- واا: تكون الندبة مثلما يندب الإنسان شخصا ميتا.
- يا: وهي تستخدم للنداء على بعد، وقد تستخدم للقريب أيضا عند محاولة توضيح أمر ما لشخص لا يفهمه، وتستخدم كلمة (يا) للإشارة إلى أن البلهاء يجعلونهم يبدون بعيدين.