كيف عاقب الله قوم صالح
عذاب قوم صالح
عذاب قوم صالح (قوم ثمود) هو الاهتزاز الشديد، والصوت العالي، والصاعقة القوية، والطاغية المدمرة، والجثوم في الدار. وقد ذكرت قصة قوم صالح وعذابهم في القرآن الكريم في أكثر من سورة. ومن الملاحظ أن ذكر عذاب قوم صالح في القرآن الكريم كان تارة بالاهتزاز الشديد، وتارة بالصوت العالي، وتارة بالصاعقة القوية، وتارة بالطاغية المدمرة. كل هذه الكلمات والتعبيرات التي ذكرت في عذاب قوم صالح قريبة من بعضها ومتشابهة في المعنى، وهي دليل على شدة العذاب الذي تعرض له قوم النبي صالح عليه السلام.
بعد أن قتل قوم صالح الناقة، قال لهم النبي صالح، نعمروا في دياركم لمدة ثلاثة أيام. وقال قوم صالح لصالح: `يا صالح، قدم لنا ما وعدتنا به إذا كنت من رسل الله`. فقد طلب قوم صالح نزول العذاب، فأخذهم الله سبحانه وتعالى بقوة وعزة. ولم ينج من العذاب سوى النبي صالح ومن آمن معه، وتعرضوا للعذاب الشديد في الحياة الدنيا وللعذاب والخزي في الآخرة، وذلك وفاء من الله سبحانه وتعالى لوعده. وقد قال الله تعالى في سورة هود: `فلما جاء أمرنا، نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ. إن ربك هو القوي العزيز`. وهذا وعد الله سبحانه وتعالى بالنجاة للمؤمنين والعذاب للكافرين.
آيات عذاب قوام صالح في القرآن الكريم
ذُكرت قوم صالح في القرآن الكريم في أكثر من آية، ومن بين الآيات التي ذُكرت فيها قوم صالح وعذابهم: (الأعراف: 73-79)، (هود: 61-68)، (الشعراء: 141-159)
الرجفة: (فَعَقَرُوا النّاقَةَ وَعَتَوا عَن أَمرِ رَبِّهِم وَقالوا يا صالِحُ ائتِنا بِما تَعِدُنا إِن كُنتَ مِنَ المُرسَلينَ*فَأَخَذَتهُمُ الرَّجفَةُ فَأَصبَحوا في دارِهِم جاثِمينَ*فَتَوَلّى عَنهُم وَقالَ يا قَومِ لَقَد أَبلَغتُكُم رِسالَةَ رَبّي وَنَصَحتُ لَكُم وَلـكِن لا تُحِبّونَ النّاصِحينَ). [سورة الأعراف، آية: 77-79]
الصيحة: فعقروها وقالوا: استمتعوا في دياركم ثلاثة أيام، هذا وعد ليس مكذوبا. فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والمؤمنين معه برحمتنا، وكان ذلك يوما مهيبا لأعداء الله. إن ربك هو القوي العزيز. وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين. كأنما لم يكونوا سكنوا فيها. إن ثمود كفروا بربهم. فبئس العاقبة لثمود.” [سورة هود، آية: 65-68]
العذاب العظيم: (وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ*فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ*فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ). [سورة الشعراء، آية: 156-158]
العذاب الشديد: (كَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ*قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّـهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ*وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ*فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ*فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ). [سورة النمل، آية: 48-52]
الصاعقة: (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ). [سورة فصلت، آية: 13]
صاعقة العذاب الهون: (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ). [سورة فصلت، 17]
الطاغية: ذُكر في الآيات رقم 4 و 5 من سورة الحاقة أن ثمود وعاد كذبوا بالقارعة، وأن ثمود قد دمرت بسبب الطاغية
العذاب: في سورة الشمس، يتحدث عن قوم ثمود الذين كذبوا رسول الله وأرسل إليهم ناقة من عند الله لترويهم، ولكنهم قتلوها وعاقبهم الله بسبب ذنوبهم
سبب عذاب قوم صالح
تكذيب قوم صالح بنبيهم صالح، هو السبب الرئيسي في عذابهم، حتى بعدما جاءهم بمعجزة. كان قوم صالح قوما مشركين يعبدون الأصنام، وأرسل الله سبحانه وتعالى نبيه صالح لدعوتهم لعبادة الله وترك الأصنام، فآمن منهم من آمن وكفر منهم من كفر. وكان تعامل القوم الكافر من قوم صالح متكبرا ومستعليا، وذلك رغم نعم الله عليهم بالحضارة والبناء. وكانت هذه السلوكيات دليلا على جحودهم لنعم الله وإنكارهم لوجود الله، واتهام نبي الله صالح بالسحر.
وبالرغم من ذلك، كانت تعامل نبي الله صالح مع الكفار مختلفا، حيث استخدم منهج التحفيز والترغيب، وكذلك منهج التحذير والترهيب، من خلال تذكير الكفار بنعم الله سبحانه وتعالى عليهم، وأيضا تذكيرهم بمصير الإنكار والتجاهل لله سبحانه وتعالى، مثلما حدث مع قوم هود (قوم عاد). وتم ذكر أن أعضاء قوم صالح سألوا النبي صالح عن دليل صدق نبوته ورسالته. فدعا النبي صالح ربه، وأخرج لهم الناقة كدليل وآية على صدق نبوته ورسالته. كانت هذه الناقة علامة واضحة لصدق نبوته ورسالته، وكانت اختبارا لهم، فآمن الذين آمنوا وكفر الذين كفروا. ومع ذلك، كانت تعامل الكفار من قوم صالح هذه المرة مختلفة. تآمروا الكفار من قوم صالح للتخلص من النبي صالح، حيث تآمروا على قتل الناقة أولا، ثم التخلص من النبي صالح. وتآمروا على قتل الناقة لأن النبي صالح أمرهم بتركها وعدم إيذائها. وبسبب ذلك، قاموا بقتل الناقة، فعاقبهم الله سبحانه وتعالى بعذاب شديد، ونجا النبي صالح ومن آمن معه.
الدروس المستفادة من قصة عذاب قوم صالح
- – تعلم الدرس من حادثة عذاب قوم صالح.
- تذكر مصير المؤمنين ومصير الكافرين.
- التمسك بطريق الخير ولو قل السالكين.
- تجنَّب الطريق الشرير حتى لو كان الضحايا كثُرًا.
- الصبر على أذى الكافرين.
هناك الكثير من الفوائد والعبر المأخوذة من قصص الأنبياء. قال الله تعالى في سورة يوسف: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ). كما قال الله تعالى في سورة هود: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) وواحدة من قصص الأنبياء هي قصة النبي صالح عليه السلام.
يتم ذكر قصة النبي صالح عليه السلام في أكثر من سورة من القرآن الكريم لتعليم الناس العبرة، حيث يتم ذكر طرفين في هذه القصة؛ النبي صالح عليه السلام والذين آمنوا من قومه والذين كفروا من قومه، ومن يختار الإنسان طريق الخير يستحق الجزاء من الله، ومن يختار طريق الشر يستحق العقاب من الله سبحانه وتعالى.
مثلما يذكر قصص الأنبياء، مثل قصة النبي صالح عليه السلام، وخاصة قصة عذاب قوم صالح عليه السلام، تذكرنا بمصير الجبارين والمتكبرين والظالمين في هذه الحياة الدنيا. وأن من يفعل ما فعلوه هؤلاء الجبارون والمتكبرون والظالمون، سيكون مصيره مشابها لمصير هؤلاء الأشخاص. يجب أن تكون قصة عذاب قوم صالح درسا للاستفادة والالتزام بطريق الخير والهداية، حتى لو انقطع السالكون على هذا الطريق وابتعدوا عن طريق الشر والضلالة، حتى لو زاد الهالكون.