ما معنى سيف الحياء ؟.. وما أخذ بسيف الحياء وأقوال العلماء
معنى سيف الحياء
لم يترك الإسلام شيئا دون توضيحه للناس ليكون حجة عليهم، سواء في الفروض أو المعاملات أو الأخلاق، ومن خلال مصدره الثاني للتشريع وهو السنة النبوية الشريفة، يوضح الإسلام كيفية تعامل الناس مع بعضهم البعض، بما في ذلك الأخذ والعطاء بينهم
معنى سيف الحياء هو القوة التي يمارسها الخجل والحرج على الآخرين، والتي يمكن أن تسبب ضغطا عليهم. وقد يختلط فهم سيف الحياء بفعل السيف، ولكن كيف يحدث هذا بالتفصيل
أحيانًا يطلب شخص من آخر ما لا يستحقه، معتمدًا في هذا الطلب على أمور تتعلق مباشرة بالحياء، ومن هذه الأمور:
- في حالة كان الشخص لديه سلطة أو قوة، فإنه يشعر بالاستحواذ على الطرف الآخر حيث يتجنب رفض طلبه كما هو الحال مع مدير العمل.
- يمكن أن يشبه الاعتماد على خجل القريب أو الصديق في حالة الحصول على شيء منه، الصلة القرابة أو الصداقة.
- الاعتماد على حياء وخجل الشخص الآخر في أخذ شيء غير مستحق يعد غير أخلاقي.
يتضح من ذلك قوة فعل الحياء، الذي قد تضاهي قوة فعل السيف، حيث يشعر الشخص بالخجل من انتهاك حقوقه أو رفض منح الآخر ما يريده، شرط أن يكون الآخر على علم بذلك، ويعتمد الآخر على هذا الخجل للحصول على ما يريد.
ينتشر استخدام سيف الحياء بين الأقارب والأصدقاء، حيث يمكن للأشخاص طلب أو أخذ الأشياء بمقابل أو بدون مقابل، ولكن المشكلة تكمن في أن بعض الأشخاص يشعرون بالحرج والكسوف عند القبول
أظهر الإسلام موقفا من هذا الفعل، حيث يوجد قول شهير يقال: `من أخذ بسيف الحياء فهو حرام` ويعتقد البعض أنه حديث نبوي، لكن الحقيقة أن هذه المقولة ليست من حديث نبوي، وإنما هي مقولة مستندة إلى معنى حديث نبوي. ولذا، يتفق الموقف الديني معها تماما في عدم قبول فكرة الاستيلاء على ما ليس معتمدا من الناس وعدم قدرتهم على الرفض
سيف الحياء يعد نوعًا من الإكراه المعنوي غير الملموس، حيث يستخدم الشخص الذي يستعمل سيف الحياء هذا الإكراه لإجبار الشخص الآخر على إعطائه ما يريد، ولا يستخدم أي شيء ماديًا في هذا الإكراه، ويشار إلى هذا النوع من الإكراه بالإكراه المقنع.
ينبع سيف الحياء من شعورة الفرد وشعوره بالخجل والحياء والارتباك إذا طلب منه شيء دون وجه حق، سواء كان ذلك للحفاظ على مظهره أمام الآخرين أو للحفاظ على علاقته معهم، أو خوفه من أن يظهر أمامهم بشكل يضر بسمعته.
: “يعود سبب كراهية استخدام الحياء كسلاح إلى أن الشخص الذي يستخدمه يستغل حياء الشخص الآخر، والشخص الذي يتم استخدام حياءه يشعر بالتذمر والإكراه النفسي الذي لا يسمح له بالرفض أو الاعتراض. يمكن توضيح هذا الأمر بمثال بسيط مثل صديق يأخذ شيئا من صديقه بدون إذن، وهو يعرف أن صديقه لن يعترض بشكل واضح لأنه شخص حيي، ولكن إذا كان الشخص الآخر شخصا صريحا ومنفتحا، فليس هناك مشكلة في الاعتراض أو الرفض
أقوال العلماء في ما أخذ بسيف الحياء
عند العلماء رأي وموقف حول مقولة سيف الحياء، على الرغم من أنها ليست حديثا نبويا، إلا أنهم يؤكدون صحة معناها ومضمونها. يقول الشيخ أبو أسحق الحويني إن هذه المقولة مرفوضة بسبب تعارضها مع حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما، حيث أن النبي ﷺ مر على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء، فقال النبي ﷺ: `دعه، فإن الحياء من الإيمان`، وهذا متفق عليه. وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: قال النبي ﷺ: `لا يأتي الحياء إلا بخير`، وهذا أيضا متفق عليه
ومع ذلك، يقول الشيخ إنه يمكن إعادة النظر في هذا القول بشكل مختلف من خلال حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يحرم أخذ مال المسلمين بدون طيب نفس، وقد يكون معنى الحديث الأول الحياء الخلقي وليس الشعور، وبالتالي يمكن تعديل القول إلى “من أخذ بالإكراه فهو حرام”، لأن الحياء يختلف عن الإكراه، ويمكن تفسير هذا الخلط بين فهم الحديثين بشكل مختلف
يمكن حل هذا الخلاف عندما نفهم أن الحياء يختلف عن الإحراج، فالحياء هو خوف من الله أن يفعل المرء شيئًا يخجل منه أمام ربه الذي يعلمه، أما الإحراج فهو الخجل من الناس أو الشعور بالحرج منهم، لذلك يمكن استخدام المقولة بشكل مختلف حيث يقال: “من أخذ بسيف الحياء، فهو بريء من الإحراج.
الصدقة بسيف الحياء
قال الشافعية والحنابلة إنه إذا قبل شخص مالا بحياء، مثل أن يسأل شخصا آخرا عن مال في مجموعة ويدفعه له بسبب الحياء فقط، أو يهديه هدية حياء، فيجب أن يعلم المستلم أن المهدي لم يملك هذا المال ولا يمكنه التصرف فيه، وإذا لم يطلب المال من المستلم، فإن المدار مجرد معرفة أن الشخص الذي قدم المال قد فعل ذلك بسبب الحياء
ومن هنا يتبين أن بعض الفقهاء يرون أن حتى الصدقة التي تأخذ من باب الإحراج والخجل فهي حرام وواجب عدم أخذها أو ردها، ولا يجوز لمن يأخذها، لأنها تعتبر مثل الإخذ بالسيف الحقيقي
أحاديث حرمة الاعتداء على مال المسلم
حكى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: ((من كان عنده ظلمة تجاه أخيه فليتخلص منها، لأنه لا يوجد دينار أو درهم يمكن أن يدفعهما لأخيه قبل أن يتم اتخاذ حسناته. وإذا لم يكن لديه حسنات، سيتم اتخاذ سيئات أخيه ورميها عليه))؛ هذا ما رواه البخاري.
وعن السائب بن يزيد قال عن النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((لا يأخذ أحدكم عصا أخيه لاعبًا أو جادًا، فإذا أخذ عصا أخيه، فليعيدها إليه)). وهذا الحديث رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
وعن عبدالله بن عمرو – رضي الله عنهما -: قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((من قتل دون ماله فهو شهيد))، وهذا متفق عليه، وفي لفظ آخر: ((من قتل بغير حق أو تمنى مال غيره فقاتل وقتل فهو شهيد))، وقد رواه أبو داود والترمذي وصححهما.
وعن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال: سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: `من يقتل بغير دينه فإنه شهيد، ومن يقتل بغير دمه فإنه شهيد، ومن يقتل بغير ماله فإنه شهيد، ومن يقتل بغير أهله فإنه شهيد`؛ هذا حديث رواه أبو داود والترمذي وصححه.
وعنه قال: سمعتُ رسولَ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – يقول: من أخذ شبرًا من الأرض ظلمًا، طوِّقه الله في سبع أرضين؛ متفق عليه.