حيوانات السبات الشتوي
يقوم كل حيوان على الأرض بحرق الطاقة طوال الوقت، ويتم حرق الطاقة من خلال الأنشطة البدنية مثل التنفس والمشي وضخ الدم وهضم الطعام وغيرها، وحتى التفكير يحرق الطاقة، وبالنسبة للحيوانات من ذوات الدم الحار يتم حرق الكثير من الطاقة قط من أجل الحفاظ على درجة حرارة الجسم، وحتى عند النوم يتم حرق الطاقة.
وهذا هو السبب الرئيس الذي يجعل الحيوانات تأكل لاكتساب طاقة كافية لتغذي كل هذه العمليات ويعمل نظام الأيض في أجسام الحيوانات بشكل جيد عندما تتوافر الكثير من الفواكه على الأشجار أو الأرانب للصيد، لكن عندما يأتي الشتاء يصعب حصول الحيوانات على الطعام وبالتالي تقل مصادر الطاقة المتاحة.
في عالم الحيوانات، هناك العديد من استراتيجيات البقاء على قيد الحياة في فصل الشتاء، وأحد أهم تلك الاستراتيجيات هو السبات الصيفي. تدخل بعض الحيوانات في حالة تباطؤ لمعدل التنفس والنبض، مما يسمح بانخفاض درجة حرارة أجسادها، وفي بعض الحالات يمكن أن تصل درجة حرارتها إلى أقل من درجة التجمد. تتوقف عن تناول الطعام في كثير من الحالات، وتتوقف أيضا عن الإفرازات، وذلك لتوفير أدنى قدر من الطاقة.
تهاجر بعض الحيوانات إلى مناطق أكثر دفئًا، ولكن الهجرة تتطلب كميات كبيرة من الطاقة، لذلك تميل الحيوانات الصغيرة إلى السبات.
تعريف السبات الشتوي
وتعريف السبات بوجه عام هو حالة طويلة الأمد تنخفض فيها درجة حرارة الجسم بشكل كبير ويتباطأ التمثيل الغذائي بشكل كبير، ويدخل الحيوان في حالة تستغرق بعض الوقت ليتعافى منها، لكن هذا التعريف مثير للجدل قليلا لأنه وفقا لهذا التعريف يمكن أن تكون الحالة التي تدخل فيها الدببة ليست سبات لأن درجة حرارة أجسادها لا تنخفض كثيرا.
تدخل العديد من الحيوانات في حالة تشبه السبات في فصل الصيف، وتسمى هذه الحالة السبات الصيفي أو الخمول الصيفي، ولكن عدد الحيوانات التي تدخل في هذه الحالة أقل بكثير من الحيوانات التي تدخل في حالة السبات الشتوي، وتكون معظمها من ذوات الدم البارد.
توجد حالة أخرى تسمى السبات Torpor والتي تسبب بعض الالتباس لأنها تصف جميع أشكال تقليل التمثيل الغذائي وتقليل درجة الحرارة، ومن بينها الفترات القصيرة حيث تقوم بعض الطيور، على سبيل المثال، بخفض درجة حرارة أجسادها لفترة أقل من يوم أو بضع ساعات فقط.
يعتبر طائر الكومون بورويل الوحيد من بين الطيور الذي يدخل في حالة سبات حقيقي، حيث تنخفض درجة حرارة جسمه إلى 60 درجة فهرنهايت، ويمكنه البقاء على قيد الحياة لمدة تصل إلى 100 يومًا بفضل 10 جرامات من الدهون المخزنة في جسمه.
تدخل بعض الحيوانات تلقائيًا في حالة السبات الشتوي في نفس الوقت من كل عام، حتى لو كان الطعام متوافرًا، وذلك بالاعتماد على توقيتها البيولوجي الداخلي.
تقوم بعض الحيوانات بإنشاء عرائس وتبطينها بمادة عازلة مثل الأوراق أو الطين، مثل السناجب الأرضية أو الليمور، وتقوم الدببة القطبية بحفر أنفاق في الثلج، وبعض أنواع الدببة الأخرى تقضي فترة السبات في كهف ضحل أو جوف بجوار أحد الأشجار، أما الخفافيش فتقضي فصل الشتاء في الكهوف.
وفيما يتعلق بالتغذية، بعض الحيوانات تخزن كميات كبيرة من الطعام إذا كان العرين الذي أعدته غير قابل للتلف، ولكن هذا يتطلب للحيوان أن يستيقظ لفترة قصيرة خلال الشتاء لتناول الطعام. وهناك حيوانات أخرى تبدأ في تناول كميات كبيرة من الطعام في أواخر فصل الصيف، مما يؤدي إلى تخزين احتياطي من الدهون البنية بداخلها. وبعض الحيوانات تستخدم كلا الأسلوبين.
حيوانات السبات الشتوي
تدخل العديد من الحيوانات في حالة السبات الشتوي، ومنها الظربان والثعابين والجرذان والدببة والخفافيش والنحل، وضفدع الرمل الأفريقي، لكن الأشهر منها هي الخفافيش والدببة.
الدببة
عندما يحين الوقت المناسب، تدخل الدببة إلى أوكارها لتدخل في حالة السبات استجابة للتغيرات الجوية المفاجئة. عادة ما تبدأ عملية سبات الدببة في سبتمبر أو أكتوبر، وتستمر لمدة ستة إلى سبعة أشهر تقريبا حتى شهر أبريل. خلال فترة السبات، لا ينخفض حرارة أجساد الدببة مثل بعض الحيوانات الأخرى، مما يسمح لها بالاستجابة بسرعة أكبر لأي خطر يهددها خلال تلك الفترة.
– تخفض الدببة معدل التنفس في الظروف العادية من 6-10 أنفاس في الدقيقة إلى نفس واحد كل 45 ثانية تقريبًا، وتنخفض معدل ضربات القلب لديها من 40-50 في الدقيقة إلى 8-19 نبضة في الدقيقة خلال حالة السبات.
تعيش الدببة خلال هذه الفترة على الدهون التي تتراكم داخلها خلال فصلي الصيف والخريف، وبالنسبة لإناث الدببة، فإن هذا المستوى من الدهون مهم جدًا لديهن بشكل خاص لأنهن يلدن أثناء فترة السبات وهن في الوكر وتقضي شهورًا في رعاية صغارهن دون تناول أي طعام.
في فصل الربيع، تبدأ الدببة في الخروج من جحورها بسبب ارتفاع درجات الحرارة وتوافر الطعام، وفي بعض المناطق يخرج الدب في وقتٍ مبكرٍ.
بعد قضاء عدة أشهر من دون تناول الطعام، تصبح الدببة التي استيقظت حديثًا من سباتها جائعة، ويمكن أن يكون لديها بعض الأشبال الجائعة، لذلك قد تدخل في صراعات مع البشر خلال فصلي الخريف والربيع من أجل الحصول على مصادر الغذاء التي تراها الدببة سهلة.
الخفافيش
تدخل بعض أنواع الخفافيش في حالة سبات شتوي، وخاصة في المناطق التي تنخفض فيها كميات الحشرات خلال فصل الصيف، وتستخدم الكهوف والمجازر والأشجار والمناجم والآبار القديمة كملجأ آمن لها.
تقوم الخفافيش، مثل الدببة، بتخزين الدهون في أجسامها قبل الدخول في سبات الشتاء وتبطئ نشاطها، ويمكنها البقاء خلال تلك الفترة التي تمتد من خمسة إلى ستة أشهر معتمدة على بضع جرامات فقط من الدهون المخزنة في أجسادها.
لكن على عكس الدببة فإن الخفافيش تدخل في حالة نوم عميق حقيقية ، ويصل معدل ضربات القلب لدى الخفاش إلى 10 ضربات في الدقيقة، بالرغم من أن معدل ضربات قلبها في الظروف العادية يتراوح بين 300-400 نبضة في الدقيقة، وخلال السبات قد لا تأخذ الخفافيش نفسًا لمدة تصل إلى ساعة، وخلال الشتاء تستيقظ الخفافيش بشكل طبيعي عدة مرات للشرب ولأداء وظائف جسدية أخرى.
السناجب
تدخل السناجب في فترة سبات شتوي، ولكنها لا تنام طوال الشتاء، بل تدخل إلى جحورها وتستيقظ كل بضعة أيام وترفع درجة حرارة جسمها للمعدل الطبيعي، وتتغذى على الطعام الذي خزنته في الجحور بدلاً من استهلاك المخزون من أجسادها، وتتبول وتتغوط.
عندما يكون السنجاب في مرحلة النوم العميق من السبات ، فقد يكون من الصعب جدًا إيقاظه، حيث ينخفض معدل ضربات قلبه من حوالي 350 نبضة في الدقيقة إلى ربما 4 نبضات فقط، أما درجة حرارة الجسم قد تنخفض من 94 درجة فهرنهايت إلى درجة حرارة الجحر ، التي تصل إلى 40 درجة فهرنهايت في بعض الأوقات.
أظهرت دراسة جديدة أجراها العالم كريج فرانك من جامعة فوردهام أن ارتفاع درجة حرارة الشتاء بسبب الاحتباس الحراري يجعل السناجب في المناطق الأكثر دفئا أقل عرضة للسبات في الأشهر الأكثر برودة، وتشير البحوث إلى أن السناجب التي تتبع إجراءات السبات العادية تحافظ على نسبة بقاء على قيد الحياة تصل إلى 87 في المائة خلال فصل الشتاء، بينما يعتقد أن السناجب التي تظل نشطة بسبب طقس الشتاء الدافئ تموت بشكل مؤكد تقريبا بحلول الربيع.
الزغبة البريطانية British dormouse
تعتبر الزغبة البريطانية قوارض تنام لمدة 6 إلى 7 أشهر في الأحوال الجوية الباردة، لكنها تستيقظ تمامًا من سباتها في غضون 10 دقائق فقط، وعلى الرغم من أن الزغبة حيوان صعب الرؤية إذاً فإنها تقضي معظم حياتها في حالة سبات.