عوامل التعرية الساحلية
تُعرف التعرية الساحلية أو تعرية السواحل بأنها العملية التي يحدث فيها ارتفاع منسوب سطح البحر في المناطق المحلية داخل البلدان، وذلك نتيجة تأثير الأمواج القوية والفيضانات الساحلية التي تسبب تآكلًا أو نقلًا للصخور والتربة والرمال على طول الساحل.
تُعتبر الجروف الساحلية من أهم ظواهر النحت البحري، حيث تتشكل نتيجةً لمجموعة من العوامل الجوية والبحرية المعقدة، وتتأثر بشكلٍ سلبي بظاهرة التعرية الساحلية، مما يؤدي إلى ضعفها وتآكلها تدريجيًا.
تتأثر جميع السواحل بعوامل التعرية الطبيعية مثل العواصف، ولكن عندما تجتمع قوى المد والجزر مع قوة اندفاع العواصف، يخلق ذلك أكبر ضرر للشواطئ، ويزداد حجم خطورة تعرية السواحل سوءا مع ارتفاع مستوى سطح البحر في العالم، ولكن خطورتها ومدى سوءها تختلف من بلد لآخر، ولذلك لا يوجد حل واحد يمكن تطبيقه في جميع المناطق لمشكلة التعرية الساحلية.
أنواع التعرية الساحلية
يتطلب عملية تآكل الشاطئ وقتًا طويلًا، ولا يمكن ملاحظتها بسهولة بالعين المجردة، وتتكون من أربع مراحل مختلفة
التعرية الهيدروليكية
يحدث هذا الحدث عندما تصطدم الأمواج بواجهة الصخرة، فتضغط الهواء في الشقوق بين واجهة المنحدرات مما يؤدي إلى ضغط على الصخور المحيطة لتتشقق تدريجيا وتتآكل، ومع مرور الوقت تتسع الشقوق وتتحول إلى كهوف بحرية في بعض الأحيان، ويتم تكسير الصخور المتآكلة وتسقط في قاع البحر مما يزيد من حركة الأمواج.
الاستنزاف
تحدث عملية الاستنزاف عندما تتسبب أمواج البحر في اصطدام قطع فضفاضة (غير مترابطة ) من الحطام الصخري أو الحصى ببعضها البعض، وهذا يجعلها تطحن بعضها البعض فتصبح مع مرور الوقت أصغر حجمًا، وأيضًا تصطدم الحصى التي تفتت بقاعدة الجروف البحرية فتسبب تقطع قطع صغيرة من الجرف ويسبب كشط طبقات رقيقة.
التحلل والتآكل
تسمى أيضا التعرية الفيزيائية الكيميائية، حيث تقوم الأحماض في مياه البحر بذوبان بعض أنواع الصخور مثل الحجر الجيري والطباشير، مما يؤدي إلى حدوث التعرية البحرية .
عوامل التعرية الساحلية
هناك عاملان يسببان تآكل الشاطئ وهما العوامل البشرية والعوامل الطبيعة.
عوامل التعرية الساحلية الطبيعية
بالطبع، تؤثر العوامل الطبيعية بشكل كبير، ويمكن تصنيفها إلى ثلاث فئات:
- الأمواج
- الجيولوجيا
- الجيومورفولجيا.
الأمواج
تُعَدُّ الأمواج هي السبب الرئيسي لتآكل السواحل، وكلما زادت قوة الأمواج، زاد معدل التآكل، وتتكون قوة أو طاقة الأمواج من ثلاثة عوامل، وهي: السرعة، وارتفاع الأمواج، وعمق المياه
- سرعة الرياح التي تهب على سطح البحر.
- يشير طول مسافة البحر التي تهب عليها الرياح.
- الفترة الزمنية التي تقضيها الرياح على الشاطئ.
- يمكن أن تتفاعل هذه العوامل الثلاثة معًا لتكوين أكبر موجات حادة وتسبب أكبر قدر من التآكل.
الجيولوجيا
تؤثر جيولوجيا السواحل على معدل التعرية، ونوع الصخور الموجودة على الشاطئ يؤثر بدرجة كبيرة على معدلات التعرية، فإذا كانت الصخور مصنوعة من أنواع صخرية أكثر مقاومة مثل الجرانيت، فإنها تتآكل بمعدل أقل من الصخور الأقل مقاومة.
يؤثر بناء الصخور أيضا على معدلات التآكل، فإذا كانت الصخور المختلفة متوازية للساحل، فلن يتمكن البحر من اختراق الصخور الأكثر مقاومة إلا في بعض المناطق، أما إذا كانت الصخور متفرقة أو منتشرة زاويتيا على الشاطئ، فسوف تتعرض للتآكل بسرعة أكبر، خاصة إذا كانت أقل مقاومة، وسيتشكل على الشاطئ نمط واحد من الرؤوس والخلجان.
الجيومورفولوجيا
يؤثر شكل الساحل أو الجيومورفولوجيا (عرضه وارتفاعه وحجمه) على معدل التآكل، حيث تتسبب الرؤوس في انكسار الأمواج، مما يجعل الموجات تتقارب وتجمع طاقتها، وفي الوقت نفسه تسمح الخلجان الضحلة الأوسع نطاقًا للأمواج بالتباعد، وبالتالي يتم فقدان طاقتها بسبب الاحتكاك بقاع البحر.
يُعتقد أن وجود الجروف الساحلية تحت قشرة رقيقة من الرمال يوفر لها حماية من التآكل السريع.
تعد المواد التي تتكون منها الشواطئ عاملاً مهماً في سرعة التآكل. فالحصى يسمح بتسرب المياه بشكل أكبر، مما يؤدي إلى فقدان المزيد من طاقة الأمواج بسبب الاحتكاك، بينما تسمح الشواطئ الرملية بتسرب أقل وتسبب احتكاكًا أقل، وبالتالي تسمح بمعدل أقل من التآكل.
في حالة الجرف الشاطئي شديد الانحدار، سوف يشجع ذلك على موجات أكثر حدة وطاقة أعلى.
عوامل التعرية البحرية البشرية
التدخل البشري في الهياكل الساحلية
تعد الهياكل الساحلية التي تتداخل مع مناطق النقل الساحلي هي السبب الأكثر شيوعًا للتعرية البحرية، حيث يؤدي وجود هذه الهياكل إلى تأثيرات مختلفة على الشاطئ، بما في ذلك:
- تمنع الجوانب العلوية من الهيكل وجود الرمال وتقليل وصولها إلى الشواطئ المجاورة، وهذا يحد من تآكل الجوانب العرضية المعرضة للرياح.
- فقدان الرمال في المياه العميقة.
- يتم حجز الرمال في قنوات المداخل والموانئ الخارجية، وعادة ما تتم ترسيب تلك الرمال التي يتم جرفها في المياه العميقة.
ومن أمثلة الهياكل التي تؤدي إلى تآكل الشاطيء:
- الموانيء
- الأخايد وأي منشأة مماثلة توضع بشكل عمودي على الشاطئ.
- تُبنى مداخل الأرصفة عند مدخل المد والجزر ومصبات الأنهار.
- حواجز الأمواج المنفصلة.
- الاستصلاحات الساحلية.
الهدف الرئيسي للميناء هو توفير مكان آمن لرسو وتنقل السفن في البحر. ومع ذلك، عندما يتم بناء الميناء على الساحل، فإنه يتداخل مع خصائص الجروف البحرية وأهميتها. وتكون النتائج في ترسيب الرمال وتأثيرها على الخط الساحلي عن طريق احتجاز الرمال في الجانب العلوي للتيار، مما يؤدي إلى تراكم صفيحة رملية. ويحدث الترسيب عند مدخل الميناء، مما يؤدي إلى تشكيل ممر رملي وتجريف الرمال المتراكمة في المياه. لذلك، يجب أن يتم اهتمام تصميم الموانئ بتقليل التأثير الترسيب على السواحل إلى أدنى مستوياته.
نقص إمدادات الرمال النهرية
يعتبر نقص إمدادات الرمال النهرية في المناطق الساحلية أحد الأسباب الشائعة للتعرية البحرية، ويحدث عادة بسبب تدخلات بشرية، مثل:
- يتم إنشاء خزانات الطاقة أو السدود لتغذية الري أو توليد الكهرباء.
- تعميق قنوات الملاحة.
- تعدين رمال الأنهار.
تم إنشاء آلاف السدود على الأنهار في مختلف أنحاء العالم، مما أدى إلى تكوين خزانات تحتفظ بالكثير من الرواسب التي يتم تصريفها من مناطق التجمعات المائية، وأحد أفضل الأمثلة على ذلك هو التعرية البحرية في مصر التي حدثت بعد بناء السد العالي في ستينيات القرن الماضي.
كما يعد تعدين الرمال في الأنهار سببًا رئيسيًا لتآكل السواحل في العديد من البلدان، حيث يقلل تعدين الرمال في النهر من حجم الرمال في قاع النهر ، ويقلل من إمداد الساحل بالرمال، لكن تعدين الرمال من الجزء العلوي من النهر لا يؤثر كثيرًا على إمدادات الرمال، لأنه لا يؤثر على قدرة التيارات المائية على حمل الرواسب، كما يمكن تعويض الرمال التي تم تعدينها عن طريق تدهور الطبقات الصخرية وانجرافها.
يؤدي تعدين الرمال من أسفل أسراب الأنهار على بعد مسافة من منبع النهر في انخفاض محلي في قعر النهر إلى ضعف وتباطؤ تدفق التيارات المائية، وبالتالي ضعف قدرتها على حمل الرواسب إلى المصب.
تعدين الرمال من قيعان الأنهار يؤدي إلى وصول موجات المد والجزر إلى الداخل، وهو أحد العوامل التي تساعد في تعرية الساحل.