لماذا الارض تمتص كل السوائل الا الدم
قابلية الأرض لامتصاص السوائل
أحد الأمور المدهشة للكثيرين هو قدرة الأرض على امتصاص السوائل بسهولة وسرعة، بينما لا يحدث ذلك مع الدماء. فالأرض غير قادرة على امتصاص الدماء تماما، بل تبقى آثار الدماء ظاهرة بوضوح على سطحها لمئات السنين. هذه الظاهرة الغريبة، منذ اكتشافها، لم تكن مفهومة لعدة سنوات، ولكن الآن أصبحت دليلا على الحضارات المختلفة التي شهدتها الأرض على مر التاريخ. يجب أن نفهم أن امتصاص السوائل من الأرض يعتمد على عاملين رئيسيين
- نوع السائل: فكلما كان السائل أكثر كثافة، يتم امتصاصه ببطء أكبر.
- نفاذية التربة: هناك أنواع متعددة من التربة تختلف في نفاذيتها. بعضها يتميز بنفاذية عالية، بينما لا تسمح أنواع أخرى بنفاذ أي سائل، بما في ذلك الماء. هذه الأنواع من التربة تشكل مشكلة خطيرة وتؤثر سلبا على الزراعة والأمور الأخرى. لذلك، تحاول الدول التي تواجه هذه المشكلة إيجاد حلول من خلال إنفاق مبالغ ضخمة لتجنب العواقب التي تنتج عنها.
فيما يتعلق بموضوع امتصاص التربة للدماء، فإن الأرض في الواقع تمتص الدم الذي يتكون بنسبة 92% من الماء، مما يشير إلى أن معظم كمية الدم ستتم امتصاصها وتغرق في ثنايا الأرض، وسوف تنفذ بعض كريات الدم البيضاء والحمراء من الفتحات الموجودة بين جزيئات التربة، وقد يبقى بعض البروتينات والخلايا على سطح الأرض، وهذا يشكل الإجابة على سؤال لماذا الأرض لا تمتص الدماء.
لماذا الدم لا تمتصه الارض
تتكون الدماء من الماء بالإضافة إلى أجسام كبيرة الحجم معلقة بذلك الماء، وحين تتساقط الدماء على الأرض فإنها سوف تمتص الماء، ولكن العناصر الأكبر ستظل باقية على السطح، كما يحتوى الدم على خلايا عادة ما تكون كلاً منها مستقلة، ولكن في حالة لامست هذه الخلايا سطحًا خشنًا، فإنها قوم بالاتصال فيما بينها، وتصبح صلبة، ذلك يجعل الدم يتحول إلى مادة هلامية والتي تلعب دور هام في التئام الجروح، وحين الخروج من الجرح أثناء النزف، يتكاثف الدم بمكان الحافة، ومن ثم يغلق الجرح ببطء، وهو ما يطلق عليه التخثر، لذا حينما تسكب الدماء أعلى سطح صلب أو خشن، فإنه يتكاثف بمنتهى السرعة نتيجة وجود مساحة كبيرة تسمح بحدوث التخثر.
ومن التفسيرات العلمية التي تم اقتراحها لعدم امتصاص الأرض لجزيئات الدم، يعتقد أن الأرض تكون أكبر حجما من مسامات الأرض، مما يؤدي إلى تجلط جزيئات الدم (الصفائح الدموية التي تتخثر) ويصعب امتصاصها من خلال مسامات الأرض. لذلك، يلاحظ دائما أن الأرض قادرة على امتصاص كمية كبيرة من الماء الموجود في الدم عبر خلاياها، ومن الناحية العكسية، قد لا تكون قادرة على امتصاص كل الجزيئات المتبقية على الأرض التي تكون أكبر حجما.
لماذا الأرض لا تشرب الدم من الناحية الدينية
هناك العديد من التفسيرات العلمية المقدمة لمسألة عدم امتصاص الأرض للدماء، بالإضافة إلى سبب ديني وهو أنه عندما قام قابيل بقتل أخيه هابيل ودفنه، جاء النبي آدم (عليه السلام) وسأل عن هابيل ابنه، فكانت الإجابة على سؤاله أن أخاه قتله وسئل عن مكان دمه، وقد امتصته الأرض، فدعا ربه قائلا (لعن الله أرضا شربت من دم ابن آدم) ومنذ ذلك الوقت، حرم على الأرض شرب أي دما.
ورد عن الإمام علي بن الحسين رضي الله عنه أنه لم يدرك كيف يقتل أخاه هابيل عندما قتله قابيل، حتى أتاه الشيطان اللعين. وعندما أخبره الشيطان أن يضع رأسه بين الحجرين ويقتله، فعل ذلك بدون أن يفهم ما يجب عليه فعله بعد ذلك. في تلك اللحظة، أرسل الله غرابين، وقام أحدهما بقتل الآخر بعد مشاجرة بينهما. ثم قام الغراب الذي قتل الآخر بأن حفر حفرة باستخدام مخالبه ودفن الغراب الذي قتل فيها. فقال قابيل في تلك اللحظة: “يا ويلتي، لا أستطيع أن أكون مثل هذا الغراب لأستر سوءة أخي.” وفي هذا الصدد، قال الله تعالى في كتابه الكريم: “فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يستتر سوءة أخيه. قال يا ويلتا، لا أستطيع أن أكون مثل هذا الغراب لأستر سوءة أخي. فأصبح من النادمين” (سورة المائدة، الآية 3).
فقام قابيل بصنع الحفرة ودفن هابيل فيها، حيث ذكر السدي في إسناده المتقدم إلى الصحابة أنه حينما مات الغلام والمقصود هنا هابيل تركه أخيه قابيل في العراء، دون أن يدرك كيف يدفن جثته، فأرسل الله أخوين من الغربان، ومن ثم اقتتلا إذ قتل أحدهما أخيه، إذ حفر له حفرة ثم حثى عليه، فلما رآه قابيل قال: (قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي).
وعاد قابيل إلى أبيه آدم عليه السلام ولم يكن هابيل بصحبته فسأله النبي آدم أين وضعت ابني فأجابه جعلتني وصيًا عليه فقال أذهب معي حيث مكان القربان، وأحس آدم بما قام به قابيل وحين أدرك مكان القربان علم بأنه قتل، ووقتها لعن آدم عليه السلام الأرض التي شربت دم هابيل ابنه، ولذا تم تحريم أن تشرب الأرض الدم.
ولكن في الحقيقة، لعنة مبي آدم على الأرض ليس لها أصل، حيث ترددت الأقوال بأنها من الإسرائيليات التي نصح بها النبي صلى الله عليه وسلم (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج). لذلك، ما يتم ذكره عن أن الأرض لا تشرب الدم منذ قتل ابن آدم أخاه ليس له أصل. إنه مجرد شيء يرويه بعض أهل التاريخ، ومن الممكن أن يكون مأخوذا من أهل الكتاب. وما أكثر الأكاذيب فيما يحكونه. [4
وفي ذلك الخبر أن النبي آدم عليه السلام قام بلعن الأرض، ولم يكن للأرض ذنب يوجب لعنها، وقد ورد عن أبو داود عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : (أَنَّ رَجُلًا لَعَنَ الرِّيحَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَلْعَنْهَا، فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ، وَإِنَّهُ مَنْ لَعَنَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ رَجَعَتِ اللَّعْنَةُ عَلَيْهِ).