الفرق بين شعر التفعيلة والشعر الحر
الفرق بين شعر التفعيلة والشعر الحر
شعر التفعيلة أو الشعر الحر هو لون من ألوان الشعر الحديث، ويطلق عليه أيضا الشعر المطلق والشعر المرسل والشعر الموزون، ويتميز بعدم انتظام الشطر والسطر فيه، ويهتم الكاتب بوحدة القصيدة بدلا من البيت، ولذلك يتمتع هذا النوع من الشعر بالعديد من الميزات والخصائص والسلبيات.
شعر التفعيلة
يتم تعريف شعر التفعيلة على أنه الشعر الحديث الذي ظهر في نصف القرن الماضي، وتحديدا في عام 1947م، وكانت نازك الملكة أول من كتب هذا النوع من الشعر، حيث قالت: “لقد ساقني ضرورة التعبير إلى اكتشاف الشعر الحر”. وشاكر السياب كان أيضا من بين أولئك الشعراء الذين كتبوا في هذا النمط الجديد، ويعد ذلك بداية الحقيقية لشعر التفعيلة، على الرغم من وجود محاولات جادة من شعراء حلب ومصر، إلا أن العراق كانت له نصيبا من تاريخ شعر التفعيلة.
حظي الشعر الحر بتقدير كبير من قبل الشعراء والمستمعين، حيث يميل العرب إلى الكلمة ذات المعنى والحكمة، مما جعل الشعر الحر منافساً قوياً للشعر العمودي، وأصبح كل منهما له جمهوره الخاص، ويوجد من يفضل الشعر الحر على باقي أنواع الشعر.
يشير هذا إلى شعر السطر بدون قيود القافية والوزن الثقيل، ويعتبر حالة مميزة من الشعر، حيث يتميز بجمال الكلمات والنغمة الموسيقية الجميلة والمعنى.
أزدهر الشعر الحر أو شعر التفعيلة ولمع، حيث أشتهر العديد من الشعراء في العالم العربي كله، وذاع صيتهم العالم من خلال كتابتهم، في الأشعار الحرة، ومن بينهم محمود درويش، وتوفيق زياد وسيمح القاسم، وسليمان العيسى، والشاعر الكبير نزار قباني، وصلاح عبد الصبور ومحمد الفيتوري وشوقي البغدادي.
أدى ظهور الشعر الحديث إلى ظهور فن النثر وازدهاره، حيث يتوافر فيه مقومات الشعر، وتفتقر كل هذه الأشعار إلى الأوزان تمامًا، وذلك لأنه يتميز بحرية الأسلوب والتعبير.
يسمى هذا الشعر بشعر التفعيلة، حيث يقوم الشاعر بتكرار تفعيلة واحدة من البداية إلى النهاية دون الالتزام بتفعيلة واحدة أو عدد محدد من التفعيلات في كل سطر أو شطر، وهو ما اعتبره الشعراء “ثوبا جديدا” للشعر يخرج عن الأساليب التقليدية المتعارف عليها، فلم تعد الأشعار تتألف من شطرين متقابلين، بل أصبحت سطورا متناسقة في المعنى، وإذا زاد عدد التفعيلات في الشعر فلا مشكلة في ذلك.
خصائص الشعر الحر
تتميز الشعر الحر أو شعر التفعيلة بعدة خصائص تميزه عن أنواع الشعر الأخرى، ومن بينها:
قله البديع
يقل في القصيدة الشعرية الحرة، استخدام المحسنات البديعية، فلا مجال لمظاهر الفخامة والعظمة في الكلام، ولا للمواعظ الجمة ولا الكلمات الفلسفية الغير مفهومة للعام، ولا للمصطلحات المعقدة، فالأمر بسيط للغاية، وكما ذكرنا أن مش أشهر شعراء التفعيلة، نازك الملكة التي تبدوا البساطة والرقة في أشعارها، إذ تقول:
- الليل يسأل من أنا
- أنا سرة القلق العميق الأسود
- أنا صمته المتمرد
- قنعت كنهي السكون
- ولفقت قلبي بالظنون
- وبقيت ساهمة هنا
- أرنو وتسألني القرون
- أنا من أكون
- والريح تسأل من أنا
- أنا روحها الحيران أنكرني الزمان
- أنا مثلها في لا مكان
القصيدة وحدة واحدة
في الشعر الحر، تكون معاني المرامي غير واضحة تمامًا، حيث يكتشفها القارئ أو المستمع مع استكمال القصيدة، وتشتمل على إشارات وغموض بعض الشيء، وبالتالي فإنه يتطلب التفكير وإثارة القارئ لفهم الغرض من وراء الكلمات.
لها إيقاع موسيقي خاص
تشتمل القصيدة الحرة على تفعيلة واحدة، تعمل على تخفيف وتنويع الإيقاع الممل والركيك الذي يكون موجودا في كثير من الأحيان. لا يوجد مجال للملل في القصيدة الحرة، وهذا هو الفرق بين الشعر العمودي والشعر الحر. في الشعر العمودي، يتم التقيد بالقافية والنغمة الموسيقية والتفعيلات المتقطعة.
عدم الالتزام بالقافية
لا تلتزم الأشعار الحرة بالقوافي، مما يطلق العنان للكتاب والشعراء لكتابه ما يحلوا لهم، ويشعروا به، وهي الحجة الأولى والأساسية لرواد هذا النوع من الشعر، أنه يسمح للشاعر بالأبداع دون تقييد، إذ يمكن للشاعر أن ينتقل لقافية أخرى دون الاكتراث للوزن الموسيقي للقصيدة ولا التناسق الغنائي.
سهولة اللفظ
لا تعتمد القصائد الشعرية الحرة على الألفاظ المعقدة، ولا الكلمات الثقيلة، فهي تشمل كلمات بسيطة، ومتعارف عليها، ومدرك استخدامها بين الناس، فكثيراً ما يتم فيها الخلط بين الفصحى والعامية، فلا يجد المستمع صعوبة في فهم الكلمات ولا حاجة للتحليل والبحث عن المعاني، لذا فيسمى بالشعر الشعبي.
استخدام الرموز والتشبيهات
القصائد الشعرية الحرة ذات التفعيلة الواحدة تعتمد على العديد من الرموز والتشبيهات والإيحاءات، وتكون صعبة في التحليل بالمقارنة مع الكلمات البسيطة. لذلك، تحتاج إلى فكر وفهم وإدراك وتحليل أكثر من الأشعار الأخرى. كما يتم استخدام الصور الشعرية بكثرة للتأثير في الأفكار والمعاني التي يرغب الشاعر في إيضاحها.
الواقعية
يعتمد الشعر الحر على الواقعية مع الرمزية البسيطة، بعيدًا عن الخيالات والتصنع تمامًا.
قوة التأثير
تتميز الأشعار الحرة بقدرتها على التأثير على القراء، حيث تحمل الألفاظ والمعاني قوة صادقة وحقيقية في التأثير على القراء، حيث تقترب المعاني من القارئ، وتحمل الكلمات البسيطة التي يستخدمها الناس في حياتهم اليومية، مما يشعر القارئ بالقرب والانتماء إلى القصيدة.
رقة اللفظ
تُعد الكلمات بسيطة ورقيقة وناعمة دون غلاظة أو شدة، ما يجعلها عزفًا لينًا يلامس القلب ويعزف على أوتاره، كأقوال أدونيس في شعره الحر.
- والرفض لؤلؤ مكسرة
- ترسو بفاياها على سفني
- والرفض خطاب يعيش على وجهي
- يلملمني ويشعلني
- والرفض أبعاد تشتتني
- فأرى دمي وأرى وراء دمي
- موتي يحاورني ويتبعني
الوحدة العضوية
يتطلب وحدة القصيدة أن يفكر الشاعر في التأثير الذي يرغب في تركه وتحقيقه للقارئ، حيث تعتبر القصيدة كلها وحدة حية، ويجب أن يتفق التأثير مع الهيكل الخاص بالقصيدة، لتبدو متناغمة، وذلك من خلال استخدام الأفكار والصور والألفاظ والكلمات لخدمة النص ضمن سياق الوحدة، ويجب تنظيم الأفكار واختيار المنهج قبل الكتابة، فالشعر ليس مجرد كلمات، بل هو أفكار ورسائل ومشاعر تعبر عنها بالكلمات.
أنواع الشعر الحر أو شعر التفعيلة
- النوع الأول: يتم استخدام أكثر من بحر في الربط بين أوجه التشابه في القصيدة الواحدة، ونادرا ما تنقسم الأبيات إلى شطرين، بل تنقسم إلى سطور، وتأتي الوحدة في القصائد الحرة من المعنى والجملة.
- النوع الثاني: يمكن استخدام البحر بشكل كامل أو جزئي دون خلطه مع أي بحر آخر في نفس المجموعة، ويمكن استخدام الشطور في كتابة تلك النصوص.
- النوع الثالث: تختفي القافية في هذا الشكل، ويتم تقسيم كل بيت إلى شطرين، ولا يتبع النظام الشعري المعتاد. ويعد مصطفى السحرتي واحدا من أشهر الشعراء الذين يستخدمون هذا النمط.
- النوع الرابع: تختفي القافية بشكل كامل من القصيدة، ويتضمن الشعر الغربي عدة تفعيلات وعدة بحور، وأحد أشهر كتاباته هو محمد منير رمزي
- النوع الخامس: يستخدم الشاعر في هذا النوع من الشعر بحر واحد في البيت، وتكون الأبيات غير منتظمة من حيث الطول، وتختلف التفعيلات والتعابير، وهذا النوع من الشعر يعتبر الشعر الحر الذي يتفق عليه الناس الآن، ورائده هو الشاعر نازل الملكة الذي تلاه أحمد بكثير، وقد تم إجراء دراسات ونقد لشعره.