معنى قوله تعالى ومن لم يتب فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ
تفسير ” ومن لم يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُون َ”
وفقا لتفسير هذه الآية الكريمة، من ينتقص أخاه ويسميه بألقاب مهينة أو يستهزئ به بسبب فقره أو أصله أو شكله، فإنه إذا لم يتوب إلى الله، فإنه من الذين ظلموا أنفسهم ويستحقون عقاب الله .
وفقًا لما ذُكر من قبل ابن زيد، فإن يونس حدثه عن وهب أن قول الله تعالى `وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ` يعني أن من لم يتوب إلى الله عن تلك الفعلة فهم الظالمون أنفسهم .
وفي تفسير باقي الآية : يقول الله تعالى في القرآن الكريم: “يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم، ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن، ولا تلمزوا أنفسكم، ولا تنابزوا بالألقاب، بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان، ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون .
يجب على المؤمنين بالله وصدقه ورسوله ألا يسخروا من الآخرين، قد يكون الذين يتم سخريتهم أفضل من الذين يستهزئون بهم، كما ذكر في قوله: `ولا نساء من نساء`، فلا ينبغي للنساء المؤمنات أن يسخرن من نساء أخريات .
يختلف علماء التفسير في معنى الكلمة الحرفي للسخرية التي نهى الله عنها في تلك الآية، حيث يرى البعض أن السخرية المقصودة هنا هي سخرية الأغنياء من الفقراء .
وفقا لقول محمد بن عمرو، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في تفسير قوله `لا يسخر قوم من قوم`، فإنه لا ينبغي للأغنياء أن يستهزئوا بالفقراء، وإذا قدم الغني تفضيلا للفقير، فيجب أن يحترس من الاستهزاء به .
وقال آخرون في معني السخرية: إن الله ينهي على من قام بستره أن يسخر ممن كشف ستره في الدنيا .
استند صاحب هذا الرأي على قوليونس، حيث ذكر ابن وهب أن ابن ويد قال في تفسير قوله تعالى “يا أيها الذين آمنوا لا يسهر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن .
يتضمن النهي الإلهي عدم السخرية بمن ارتكب معصية، حتى لو كان المرء قد ارتكب الخطأ واستهزأ به شخص آخر، فإنه أفضل عند الله من من يكشف ستر ذنوب الآخرين. ولقد عم النهي على المؤمنين جميعاً، فلا يجوز لأي مؤمن أن يسخر من آخر .
في تفسير قوله تعالى `ولا تلمزوا أنفسكم`، يحذر الله المؤمنين من اللمز ويخبرنا أن اللامز أخاه لامز نفسه، فالمؤمنون كأعضاء جسد واحد .
يستند صاحب هذا التفسير على قوله: حدثني محمد بن عمرو عن أبي نجيح عن مجاهد أن قوله تعالى “ولا تلمزوا أنفسكم” يعني عدم التطعن في الآخرين .
قال قتادة عن بشر: “ولا تلمزوا أنفسكم”، أي لا ينتقص أحدكم من الآخرين، وتفسير قوله تعالى “ولا تنابزوا بالألقاب” هو عدم التهكم على بعضكم البعض باستخدام الألقاب الكريهة .
يعتقد أن هذه الآية نزلت للمسلمين الذين كانت لهم أسماء في الجاهلية، ونهى الله سبحانه وتعالى مناداتهم بهذه الأسماء في حال كانوا يكرهون ذلك .
استند الشخص الذي قال هذا الحديث إلى حديث محمد بن سعد، حيث قال عن أبيه وعن ابن عباس: “وقول الله تعالى: `ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان` .
يُستخدم تنابز الألقاب عادةً عندما يتوب شخصٌ ما بعد ارتكابه خطأً، ويذكره الله بعمله السابق وماضيه، ويتم تقديره وإعطاؤه لقبًا ملائمًا له .
وفي حديث أخر لابن عند الأعلى عن الحسن قال: عندما يسلم يهوديٌّ ونصرانيٌّ، فإنّ اللعنة لا تتبعها عبارة “يا يهودي” أو “يا نصراني .
التفسير الأقرب للحقيقة لهذه الآية بحسب الجمهور هو أن الله نهى المؤمنين عن استخدام ألفاظ تسيء إلى أحد سواء كان اسماً أو صفةً، حيث جاءت الآية بشكل عام ولم يتم تحديد لقب أو صفة محددة .
وقوله سبحانه وتعالي : تفسر الآية ”بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان“ بأن من يتنابز بالألقاب ويستهزئ بأخيه المؤمن فهو فاسق .
قال زيد، وفقًا لابن زيد، الذي نقله عن يونس بن عبد الأعلى، وهو يقتبس من ابن وهب، أن قول الله تعالى `بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان` يعني أن من يدعي الفسوق بعد إيمانه بسبب سفهه وتنابزه، فهو بئيس الاسم .
سبب نزول يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ
تباينت آراء العلماء والعلماء الدينيين حول سبب نزول هذه الآية، ففي تفسير البغوي، يعتقد أن الآية الكريمة `يا أيها الذين آمنوا لا يسهر قوم…` نزلت فيما يتعلق بثابت بت قيس بن شما .
يقال إنه كان يعاني من ضعف السمع، فعندما يأتي مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم ويكون بعض الصحابة قد وصلوا مسبقًا، يعملون على ترتيب المجلس حتى يتمكن من الجلوس بجوار النبي وسماع كلامه .
في يوم ما، جاء رجل إلى مسجد رسول الله وقد فاتته الركعة الأولى من صلاة الفجر، وعند الانتهاء من الصلاة، جلس الصحابة حول النبي وأخذ كل واحدٍ منهم مجلسه .
عندما انتهى ثابت بن قيس من الصلاة، ذهب إلى مجلس النبي مرورًا برجل آخر، وأراد ثابت أن يفسح للرجل المجال للجلوس في المجلس، لكن الرجل رفض وقال له: `لقد وجدت مكانًا في المجلس.` فجلس ثابت مغضبًا في مكانه .
وبعد أن فضَّت الظلمة، سأل ثابت عن اسم هذا الرجل فأخبره أنه فلان، وأجاب ثابت بذكر اسم أم الرجل، وهو ما كان يعتبره الجاهلية، فانحنى الرجل رأسه بالخجل والحزن، فأجاب النبي بتلك الآية التي نزلت عليه في هذا الموقف .
اما في تفسير الضحاك: يقولون إن هذه الآية نزلت في وفد بني تميم، وهم كانوا يستهزئون بأصحاب النبي الفقراء مثل: عمارة، وخباب، وصهيب، وبلال، وسلمان، رضي الله عنهم جميعًا .
كانوا يستهزئون بفقر حالهم، ثم نزل الله تلك الآية الكريمة على نبيه، ويقال إن تلك الآية نزلت في نساء النبي صلىالله عليه وسلم، عندما تحدثوا عن ارتفاع قامة أم سلمة .
يُقالُ أنها نزلت في صفيةِ بنتِ حيَّيٍ حينَ عيرنها النساءُ بأنها يهوديةُ بنتِ يهودي، وهذا القولُ ثابتٌ عن عكرمةِ بنِ عباسٍ .
سبب نزول ” ولا تنابزوا بالألقاب “
قال أحمد بن محمد بن إبراهيم المهرجاني أنه قال عن أبي عبد الله بن بطة أخبره عبد الله بن محمد بن عبد العزيز عن إسحاق بن إبراهيم المروز .
في رواية من حفص بن غياث، عن داوود ابن أبي هند، عن الشعبي عن الضحاك عن أبية، ذُكر أن شخصًا شكا إلى النبي عن رجل يسبه بألفاظ غير لائقة، فنزلت الآية الكريمة “ولا تنابزوا بالألقاب .